الخرطوم: خريطة طريق من 3 محاور للخروج من أزمة «الجنائية» والمعارضة تدعو لوقف التشنج

الناطق بالخارجية لـ «الشرق الاوسط»: نتحرك باتجاه دول غربية وروسيا والصين لتأجيل المذكرة

TT

كشف الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية لـ«لشرق الأوسط» عن خريطة طريق من «ثلاثة» محاور للتعامل مع قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس عمر البشير، والخروج من تلك الأزمة، واعتبرت الخارجية آثار قرار المحكمة الجنائية، «كارثية» على جملة أوضاع في البلاد. وشددت على أن التحرك ينطلق من مبدأ رفضها القاطع الاعتراف بالمحكمة وقراراتها بما فيها قراراها الخاص بتوقيف الرئيس عمر البشير. وفيما اعتبر حزب المؤتمر الوطني الحاكم، من يراهنون على خلافات في داخله بسبب القرار «خاسرون»، شددت قوى سياسية في الخرطوم على أهمية التعامل مع القرار بدون «تشنج».

وقال علي الصادق الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الخارجية شرعت في التحرك للتعامل مع قرار المحكمة الجنائية الدولية عبر 3 محاور بطرق مباشرة وغير مباشرة، وأضاف أن الأول يمثل تحركا مباشرا، تتولاه وزارة الخارجية مع دول قال إنها منتقاة من الدول الغربية، لم يحددها، ولكنه قال إنها «ذات ثأثير» في تداعيات الأزمة بين السودان والمحكمة الجنائية، وأضاف أن المحور الثاني يتمثل في تحرك غير مباشر لدعم جهود «كل من روسيا والصين ودول أخرى» تسعى إلى الحصول على تأجيل للقرار من داخل مجلس الأمن، ومضى أن التحرك الثالث لا يختلف عن الثاني، ولكنه يصب في اتجاه دعم جهود الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لإعمال المادة 16 من ميثاق روما لتأجيل القرار لمدة عام على الأقل لإتاحة الفرصة لإنهاء الأزمة برمتها عبر السلام الشامل في الإقليم.

وشدد الصادق في هذا الخصوص على أن الدول العربية والأفريقية الموقعة على ميثاق روما يجب أن تعطي فرصة للاستفادة من وجودها في المحكمة بأن يستجاب إلى طلبها الرامي إلى تأجيل القرار لمدة عام على الأقل، ونوه إلى أن هذه الدول تشكل نسبة كبيرة من الدول المنضوية تحت عضوية المحكمة الجنائية.

وردا على سؤال حول الفكرة التي تستند عليها الحكومة في تحركها لإبطال مفعول القرار عبر المحاور الثلاثة، قال الصادق إن التحرك يستند على أن قرار توقيف البشير ستكون له «آثار كارثية» على مجمل الأوضاع وعملية السلام في دارفور، أجملها في الآثار التي ستترتب على طرد المنظمات الـ«10» من البلاد «بعد أن ثبت أنها تعمل لصالح المحكمة الجنائية»، ورفض الحركات المسلحة في دارفور المضي في عملية السلام التي بدأت، كما كشف أن من آثار القرار أن رصدت الحكومة حشودا لقوات تشادية على الحدود مع السودان، مما يشير إلى احتمالات حدوث توترات على الحدود حتما ستنعكس على دارفور. وردا على سؤال آخر، شدد الصادق على أن لا يكون التحرك فيه أي تنازل عن موقف الحكومة المعلن من المحكمة الجنائية الدولية، وقال: «رفضنا قراراتها قائم وعدم تعاملنا معها قائم». وفي السياق، قال الدكتور غازي صلاح الدين رئيس مستشار الرئيس عمر البشير في تصريحات صحافية، إن الحكومة ستواصل جهودها السياسية والدبلوماسية والقانونية الرامية لإجهاض ومناهضة قرار محكمة الجنائيات الدولية ضد المشير عمر البشير رئيس الجمهورية، وأضاف أن الحوار سيظل مستمرا مع كافة الدول والمنظمات التي وقفت مع السودان سواء في الاتحاد الأفريقي أو الجامعة العربية وكل الدول التي سجلت مواقف مشرفة وواضحة في دعم وتأييد الموقف السوداني، وقال إن الجهود القانونية التي يمكن أن تبذل ستتم دون الانخراط في المحكمة الجنائية لتبيان خطأ التقديرات والحيثيات التي بنت المحكمة عليها قرارها بتوقيف البشير.

فيما نفى، الدكتور محمد مندور المهدي أمين العلاقات السياسية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم وجود أي خلافات داخل حزبه حيال التعامل مع القرار، وقال: «من يراهنون على حدوث انشقاقات في صفوف الحزب بسبب قرار المحكمة الجنائية بحق الرئيس البشير خاسرون، وقال إن الحزب وكل قياداته يعملون بتضامن تام أكد عليه اجتماع المكتب القيادي الأخير للحزب لإجهاض القرار ومعالجة آثاره، وقال إن المشهد السياسي الراهن يكذب مثل هذه الادعاءات والحزب متماسك وقوى جدا وله موقف واحد من كل القضايا»، وألمح المهدي لإمكانية تأثر مفاوضات الدوحة المقررة بين الحكومة وحركة العدل والمساواة بالقرار بالاتجاه لتعليق الجولة المقررة هذا الشهر، وقال إن التصريحات التي أطلقتها حركة العدل والمساواة عقب صدور قرار المحكمة الجنائية يستشف منها روحهم غير الإيجابية تجاه العملية التفاوضية.

وعلى صعيد القوى السياسية في البلاد، معارضة وغيرها، شدد برمة ناصر نائب رئيس حزب الأمة المعارض على ضرورة التعامل بهدوء وبشكل حضاري وبدون تشنج مع القرار، بما يحفظ الأمن للسودانيين وضيوف البلاد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه يدعو إلى إبقاء كل الخيارات السياسية والدبلوماسية والقانونية مفتوحة، مع ضرورة توحيد الجبهة الداخلية عبر رؤية مشتركة بين القوى السياسية لدرء أي مخاطر محتملة.

من جانبه، أكد نيال دينق ممثل سلفا كير ميارديت النائب الأول للرئيس ورئيس الحركة الشعبية الشريكة في الحكم ضرورة التعامل مع قرار المحكمة الجنائية بموضوعية تامة، والنظر لما سيترتب عليه هذا القرار بدلا من التركيز على القرار نفسه، وقال في لقاء جمع الرئيس البشير مع القوى السياسية في البلاد إن الخطوات التي اتخذت حتى الآن لحل مشكلة دارفور إيجابية معبرا عن أمله في أن تشارك كل الحركات المسلحة في عملية السلام. وفي ذات اللقاء، دعا عبد الله حسن أحمد نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي الذي تعتقله السلطات منذ يناير الماضي إلى أهمية تكوين جهاز قومي يضطلع بمعالجة القضايا الوطنية الملحة والمهمة كالسلام والعدالة، وقال أحمد «بين حدي الممانعة والرفض والتعاون والقبول هناك فسحة كبيرة ومجال واسع يمكن أن يجمعنا جميعا، نتحاور ونتفق فيه على مستقبلنا».