رئيس حركة تحرير السودان: على مجلس الأمن ألا يتدخل لمنع تسليم البشير للعدالة

نور يدعو لتشكيل حكومة انتقالية برئاسته.. ويطالب العرب والأفارقة بعدم تحويل منظماتهم إلى ناد للرؤساء

عبد الواحد محمد نور يتحدث الى الصحافيين في باريس امس (أ.ب)
TT

دعا عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة تحرير السودان الذي يعيش في فرنسا، أمس، مجلس الأمن الدولي إلى «عدم إخراج العدالة عن مسارها الصحيح»، ورفض أي طلب بتعليق مذكرة التوقيف الدولية الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي بحق الرئيس السوداني عمر البشير.

وقال نور خلال مؤتمر صحافي بدعوة من نادي الصحافة العربية في باريس، «إن مذكرة التوقيف بحق البشير مسألة قضائية وأود أن تبقى في عهدة القضاء». وأضاف «أطلب من أعضاء مجلس الأمن ألا يتدخلوا من أجل إخراج العدالة عن مسارها الصحيح وأدعو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى استخدام الفيتو (حق النقض) في حال طرح مثل هذا القرار». ويعتزم الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بصورة خاصة تقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي بوقف الإجراءات التي باشرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية في دارفور. وتنص المادة 16 من اتفاقية روما النص التأسيسي للمحكمة الجنائية الذي أقر عام 1998، على إمكانية تعليق ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية لمدة 12 شهرا اعتبارا من تاريخ صدور قرار بهذا الصدد عن مجلس الأمن الدولي. وقال نور المقيم في المنفى في فرنسا إن «السودان جزء من الاتحاد الأفريقي ومن الجامعة العربية، وهذه مدعاة فخر للشعب السوداني. لكن (هاتين المنظمتين) ليستا ناديي رؤساء ودورهما يقضي بحماية الشعوب وليس الرؤساء». وأكد مجددا قناعته بأن قرار المحكمة الجنائية «حكيم» مبديا ثقته بأن مذكرة التوقيف «ستجعل البشير يوقف» ممارساته و«ستجلب السلام إلى دارفور». ودعا نور، رؤساء الدول الكبرى والمنظمات الدولية والإقليمية للتدخل لوقف عملية القتل في السودان التي تتم «إما عبر الجنجويد الذين أعطاهم الرئيس السوداني الضوء الأخضر، أو عبر الطيران العسكري الحكومي أو عبر الموت البطيء» بعد الأوامر التي أصدرتها السلطات السودانية للمنظمات العاملة في دارفور بالخروج من هذه المقاطعة. وحث نور الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن والأسرة الدولية بشكل عام على العمل من أجل تغيير انتداب قوة حفظ السلام الدولية بحيث تتحول من حفظ السلام إلى «صناعة السلام» ما يعطيها دورا فاعلا في التدخل و«وضع حد لعملية الإبادة الجماعية» على حد ما قال، الجارية في السودان. وبموازاة ذلك، طالب نور بتشديد الضغوط على الحكومة السودانية والشعب السوداني لدفعها إلى تسليم الرئيس عمر حسن البشير الذي صدر قرار بتوقيفه من المحكمة الجنائية الدولية يوم الأربعاء الماضي.

وفي هذا السياق، ومع وصول وفد من الجامعة العربية ومن الاتحاد الأفريقي إلى نيويورك للضغط على مجلس الأمن الدولي من أجل تفعيل المادة 16 من ميثاق المحكمة بما يعلق مذكرة جلب البشير لمدة عام، دعا نور مجلس الأمن إلى رفض أي طلب بهذا المعنى و«الامتناع عن تغيير مسار العدالة» أي تسليم الرئيس البشير إلى العدالة الدولية. وناشد نور بشكل خاص الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى استخدام حق النقض «الفيتو» لإجهاض أي مشروع قرار في هذا المجال.

وبالمقابل، أيد نور أي قرار يصدر عن مجلس الأمن ويفرض عقوبات اقتصادية على السودان. ولدى سؤاله عما إذا كان لا يتخوف من أن تصيب العقوبات الشعب السوداني، رد بأن العقوبات ستصيب رؤوس النظام لأن «السودان غني ولكن الشعب السوداني فقير». وكشف نور الذي يعيش في فرنسا منذ عدة شهور أنه سيقوم بجولة أفريقية لحث دول القارة السوداء على تأييد قرار المحكمة الدولية. ووجه النداء نفسه إلى الجامعة العربية باعتبار أن الاتحاد أو الجامعة «ليس بمثابة ناد لحماية الرؤساء بل لحماية الشعوب».

وعلى الصعيد الداخلي، دعا رئيس حركة تحرير السودان كل الحركات والأحزاب والمنظمات التي تؤيد مبدأ المواطنة المتساوية وفصل الدين عن الدولة والنظام الليبرالي الديموقراطي، إلى تشكيل «حكومة مؤقتة برئاسة حركة تحرير السودان» لتحقق مجموعة كبيرة من الأهداف الطموحة. ومن هذه الأهداف توفير الأمن للشعب الدارفوري والمحافظة على وحدة السودان واستقراره ووقف القتل والاغتصاب وتجريد الجنجويد من السلاح وطرد الذين وطنتهم الحكومة السودانية في قرى دارفور والدعوة إلى مؤتمر دستوري والانتهاء بإجراء انتخابات «حرة ونزيهة بمراقبة دولية» تعيد السلام إلى السودان. غير أن نور لم يقل ماذا ينوي فعله بالحكومة السودانية وبالقوى التي تدعمها. وبرر نور رفضه المشاركة في محادثات الدوحة وتوقيع الاتفاق الذي أفضت إليه مؤخرا رغم الدعوات التي وجهتها إليه باريس للمشاركة فيها. وفي رأيه أنه «لا يمكن التفاوض ما دامت عملية القتل قائمة ولم يتوفر الأمن في دارفور». وأضاف نور: «نحن جاهزون للسلام اليوم قبل الغد لكن أطلب فقط الحق بأن يكون أهالي دارفور آمنين ولذا علينا حمايتهم وأنا مستعد لاستخدام كل الوسائل» لتحقيق هذا الهدف. وعلق نور آمالا كبيرة على قرار المحكمة الجنائية التي «ستجلب السلام إلى دارفور» بسبب أنها «ستعلن نهاية عهود الإفلات من العقاب بالنسبة للمجرمين». ودافع نور بقوة عن زيارته لإسرائيل واضعا ذلك في خانة التواصل مع الدارفوريين الذين نزحوا إلى إسرائيل والذين قدر عددهم بـ 8 آلاف شخص. ووعد بفتح سفارة لإسرائيل في الخرطوم وقنصليات إسرائيلية في المدن السودانية مبررا هذا التوجه بأنه «رفض للكراهية بين الشعوب». وأكد نور أن التطبيع الاجتماعي بين الدارفوريين وإسرائيل قائم فيما يتعين انتظار وصول حركته إلى السلطة لتحقيق التطبيع السياسي.

ومن جهة أخرى، قالت الخارجية الفرنسية إنها تريد أن تستمر المفاوضات بين الحركات الدارفورية وبين الحكومة السودانية «محادثات الدوحة» للوصول إلى اتفاق مقبول من جهة كما أنها تريد من جهة أخرى أن يستجيب السودان لطلب المحكمة الدولية لتسليم البشير. ورفض الناطق باسم الخارجية التعليق مباشرة على دعوة نور بإقامة حكومة انتقالية مبديا الفتور إزاء هذا المشروع. لكنه رمى الكرة في ملعب الأطراف السودانية الداخلية. غير أن الأهم في تصريحات الناطق باسم الخارجية أريك شوفاليه أمس أنه ترك الباب مفتوحا للمحكمة في البحث عن «مخرج» لموضوع توقيف البشير وتسليمه إلى المحكمة في لاهاي.

وردا على سؤال حول إمكانية أن ترسل المحكمة الجنائية الدولية وفدا إلى الخرطوم للاستماع إلى البشير، قال شوفاليه إنه «يعود للمحكمة أن تستكشف» ما يمكن أن تفعله إذ أن «زمن القضاء مختلف عن الزمن السياسي» في إشارة إلى أنه ليس مقبولا تدخل السياسة في شؤون العدالة الدولية.