إدارة باراك أوباما تعيد النظر في استراتيجية «حرب الجبهات المتعددة»

حرب العراق وأفغانستان تشل القوات الأميركية المرهقة عن القيام بأية عمليات أخرى

TT

تعكف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إعادة النظر في مجمل الاستراتيجية العسكرية الأميركية، على ضوء الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة حالياً في كل من العراق وأفغانستان، بما يقترب من تغيير «العقيدة العسكرية» للجيوش الأميركية. ويسعى واضعو الاستراتيجيات في البنتاغون حالياً للإجابة عن سؤال جوهري مؤداه: كيف يمكن إعادة تشكيل القوات المسلحة لتصبح أكثر مرونة لمعالجة والتعامل مع عدد من النزاعات، وليس فقط في أفغانستان والعراق.

ونسب إلى روبرت غيتس وزير الدفاع قوله في تصريحات إذاعية إن البنتاغون يدرس ما إذا كانت الافتراضات التي وضعت عن الحربين سيكون لها أي معنى في توجيه التخطيط ووضع الميزانيات وشراء الأسلحة. ويتزامن ذلك مع تصريحات أميركية رسمية تشير إلى أن الأفغانيين، وبسبب فعالية الهجمات التي تشنها حركة طالبان وتنظيم القاعدة في جنوب وشرق البلاد، يفكرون في أن تصبح طالبان و«القاعدة» خياراَ مطروحاً إذا استطاعت المجموعتان تحقيق الأمن للناس. وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مالون «استطاعوا رفع نسبة العنف وبالتالي استعادة استقطاب الناس حولهم» وقال كذلك إن أميركا لا ترغب في احتلال أفغانستان أو إدارتها وعندما تفرغ من تدريب القوات وحين تهتم الحكومة الأفغانية بشعبها سنغادر البلاد».

يشار إلى أن الولايات المتحدة دخلت تجربة غير مسبوقة في تاريخها العسكري حيث تخوض حرباً على واجهتين في العراق وأفغانستان ونشر ما يقارب 170 ألف جندي، ولمدة تجاوزت حالياً مدة الحرب خلال الحرب العالية الثانية بحيث بلغت الآن ست سنوات.

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن العسكريين الأميركيين يعتقدون أن خوض حربين ونقل القوات والمعدات أدى إلى إرهاقها مما يتعذر على هذه القوات خوض أي عملية أخرى، على سبيل المثال ضد روسيا أو كوريا الشمالية، أو الصين أو إيران. ومن بين الأسئلة المطروحة: ما هي الطريقة التي يمكن اتباعها بوضع خطة للقضاء على التمرد كما هو الشأن في العراق وأفغانستان، وفي الوقت نفسه التركيز على خصومات تقليدية مثل الحالة التي مع إيران والصين حيث حدث أخيراً احتكاك بين بواخر أميركية مع أخرى صينية.

ونسبت الصحيفة إلى مسؤول كبير في وزارة الدفاع قوله إن البنتاغون استوعب الدرس بأن الحملات العسكرية ضد التمرد ستصبح جزءًا من حروب المستقبل وتحتاج إلى قوات أكبر وموجودة باستمرار في مناطق التمرد مقارنة بالنزاعات أو الحروب السابقة كما حدث في الحرب ضد العراق عام 1991، أو غزو غرينادا وبنما.

وقال مسؤول آخر من وزارة الدفاع إن البنتاغون يحتاج إلى إحداث توازن بين كل من الاستراتيجية والقوات بطريقة تعكس الاستفادة من دروس العراق وأفغانستان، وهو أمر يحتاج إلى أشهر وسيتطلب رصد مليارات الدولارات لزيادة حجم الجيوش الأميركية وعدد حاملات الطائرات وقاذفات القنابل.

وتعكف إدارة أوباما حالياً على مراجعة استراتيجية إدارة الرئيس السابق جورج بوش، التي كانت تقضي بتسليح القوات الأميركية لمواجهة مهمات عديدة في الخارج بالإضافة إلى المهمات القتالية، حيث اشتملت تلك الاستراتيجية على محاربة المتطرفين، وحماية الأراضي الأميركية ومساعدة الدول التي تتعاون مع واشنطن، والحيلولة دون حصول الإرهابيين على أسلحة بيولوجية أو كيميائية أو نووية. ويتساءل مسؤول في البنتاغون: مع الحرب في أفغانستان والعراق هل يمكن للقوات الأميركية إنجاز المهام التي وضعتها إدارة بوش؟ ونسب إلى مسؤول في البنتاغون قوله «من الأمور التي تؤدي إلى إجهاد القوات العمليات التي تستغرق وقتاً طويلا، لأن ذلك يعني استبدال القوات عدة مرات مما يؤدي إلى إرهاقها».

وفي هذا السياق توقع الأدميرال مايك مالون إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان أكثر من القوات التي قرر باراك أوباما إرسالها إلى هناك والتي يصل عددها إلى 17 ألف جندي، وقال مالون إن عدد القوات التي سترسل إلى هناك سيتحدد بعد قمة حلف الناتو التي ستعقد في أول أبريل (نيسان) المقبل في ستراسبورغ في فرنسا. وأوضح أن هذه القوات ستعمل على توفير الأمن للشعب الأفغاني وتغيير الأوضاع هناك. وقال مايك مالون أيضاً «نستطيع أن ننتصر في أفغانستان، وفي مكافحة التمرد إذا لم تنتصر يعني ذلك الهزيمة». وأشار إلى أن وضع المزيد من القوات في أفغانستان سيزيد من حدة العنف لكن القوات الأميركية جاهزة لتحدي هذا الوضع.