فضل الله يفتي بتحريم المال الانتخابي على الدافع والآخذ

حذر من إدخال اللبنانيين في بازار العرض والطلب

TT

أفتى المرجع الشيعي اللبناني، السيد محمد حسين فضل الله، بتحريم «كل عملية لشراء الذمم، مما بات يصطلح عليه بالمال الانتخابي أو السياسي. وكما يحرم على الدافع يحرم كذلك على الآخذ». وقال، في تصريح أدلى به أمس: «إنه لمن المؤسف أن يصبح الحديث عن المال الانتخابي الذي يشتري الذمم والضمائر أمرا لا يثير أي مشكلة في لبنان، لا في الوسط السياسي ولا الديني، حتى ليكاد المرء أن يصنف المال الانتخابي ضمن الأعراف الاجتماعية والسياسية اللبنانية التي تغدو أقدس من القانون نفسه».

وأشار إلى أنه من واجبات القائد «الارتقاء بالشعب والبلد للاعتماد على معايير الكفاءة والأمانة في إدارة شؤونه. أما أن تعمد القيادات إلى إفساد الذهنية العامة للناس والانخفاض بمستواهم القيمي والحضاري عبر تعويدهم على الاحتكام إلى معايير من يدفع المال أكثر ومن يقدم المعونات أكثر، فهذا يمثل خيانة للمسؤولية، ويدخل الشعب في بازار العرض والطلب على المواقف والخيارات المصيرية، ليفتح الباب على مصراعيه أمام استلاب كامل للإرادة الوطنية أمام قوى طاغية ومستكبرة لتستغل الشعب لحساب مصالحها، سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية». واعتبر فضل الله أن القادة والمجتمع مسؤولون بالدرجة نفسها عن انحراف الذهنية العامة. وقال إن «المجتمع مسؤول عن حماية نفسه من كل أولئك اللصوص الذين يسرقون مستقبله كما يسرقون حاضره، ويسلبونه عزته وكرامته، ليختزلوه في شهوة المال أو غريزة العصبية، بما يؤدي إلى ارتهان مستقبل الأجيال للمطامع الشخصية أو الفئوية التي تختصر البلد في حساب مصالحها وتنحرف في حركتها لحساب أطماعها ومواقعها». وأضاف: «إن أشد ما يؤلم النفس أن نجد الشعب نفسه أصبح يستجدي حقوقه على أبواب السياسيين الذين إنما كانوا في مواقعهم لأجل خدمة هذا الشعب والسهر على إيصال حقوقه إليه بكل عزة وكرامة من دون منة منهم. وأصبح الناس يرون في ما يتحرك في المواسم الانتخابية، عبر هذا الوزير أو النائب أو الزعيم، صدقة يمنّ بها هذا أو ذاك على قراهم ومدنهم».

وانتقد أي تأخير للمشاريع المتصلة بحركة الناس وأوضاعهم الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، وأي رهن لها بحركة الانتخابات. وطالب الدولة بأن «تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها». كما أهاب بجميع القيادات الدينية «أن تقوم بمسؤولياتها في توجيه الناس إلى القيم الحقة التي أتت بها الأديان ونزلت بها الشرائع، وأولها قيم الصدق والأمانة والإخلاص والعدالة، ليكون موقفهم الانتخابي أو التأييدي منطلقا من قاعدة يرضى عنها الله، وترفع من مستوى المجتمع وتصون مستقبله من أن يعبث به العابثون، وتحفظ كرامته من أن تسحقها العصبيات المتنوعة».