كردستان: حملة لإلزام المسؤولين الحكوميين والحزبيين بكشف ممتلكاتهم

منظموها يطالبون باستحداث «هيئة نزاهة» في الإقليم

TT

تستعد مجموعة كبيرة من الصحافيين والمثقفين الكرد في اقليم كردستان العراق، لإطلاق حملة اعلامية واسعة النطاق غايتها ممارسة الضغوط على المسؤولين الحكوميين والحزبيين في الاقليم للكشف عن ممتلكاتهم واموالهم وارصدتهم داخل العراق وخارجه، وتقديم اقرار رسمي بما في ذمتهم من اموال.

وتأتي هذه الخطوة عشية مبادرة رئيس الوزراء العراقي وبعض وزراء حكومته الى تقديم اقرار رسمي الى هيئة النزاهة عن ممتلكاتهم الشخصية المنقولة وغير المنقولة، لكن الآراء في الاقليم، خصوصا في الاوساط الاعلامية والثقافية والاجتماعية تتضارب بخصوص جدوى الحملة الاعلامية، التي تنوي النخب المثقفة في اقليم كردستان القيام بها في هذا الاتجاه، نظرا لغياب مؤسسة فاعلة كهيئة النزاهة تكون قادرة على حمل المسؤولين على الكشف عن اموالهم وحجم ممتلكاتهم، الى جانب كون معظم الوزراء في حكومة الاقليم، من كبار المسؤولين في الاحزاب الكردية المتنفذة.

وفي هذا الصدد يقول الدكتور زريان عثمان وزير الصحة في حكومة الاقليم وهو من ابرز الوزراء الكرد المشهود لهم بالنزاهة والمهنية «بقدر ما يتعلق الامر بي شخصيا، فانني مستعد منذ اللحظة وحتى آخر يوم من عمري للكشف عما في ذمتي من اموال وممتلكات شخصية، بل انني وابنائي ايضا مسؤولون جميعا امام الشعب والتاريخ عن اية مخالفة مالية، واعلن استعدادي للمساءلة ازاء اي مبلغ مالي مسجل باسمي غير ما تقاضيته رسميا كمستحقات شرعية عن وظيفتي الرسمية».

واضاف الدكتور عثمان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «انني افضل، بل ادعو جميع المسؤولين الحزبيين والحكوميين وحتى المديرين العامين الى الكشف عن ممتلكاتهم قبل المباشرة بمزاولة مهامهم الرسمية في الحكومة، كما ادعو الى تشكيل هيئة للنزاهة لتتولى القيام بهذه المهمة في اقليم كردستان، من خلال مقررات الذمة المالية لجميع المسؤولين قبل تسلم وظائف وبعد مغادرتهم لها، واخضاعهم للمساءلة الدقيقة بغية معرفة اي مبلغ غير شرعي، وفي اعتقادي لو لم يتم اتخاذ مثل هكذا اجراءات فان الفساد المالي المستشري في الاقليم سوف لن ينتهي ابدا». وفيما اذا كان هناك فساد مالي على مستوى الوزراء في حكومة الاقليم، قال الدكتور عثمان «الفساد عادة يبدأ من اعلى الهرم باتجاه القاعدة، وهو وباء عويص اصاب كل المؤسسات، لذلك لا نستطيع الجزم بكون هذا الوزير او ذاك فاسدا او نزيها، بمعنى ان الفساد المالي استشرى في هيكل النظام الاداري في الاقليم برمته وينبغي ان يعمل النظام كفريق واحد للقضاء على ذلك الوباء».

ومن جانبه قال الصحافي عارف قورباني رئيس تحرير صحيفة «آسو – الافق» الكردية اليومية المستقلة «لا يمكن بناء اي نظام اداري او سياسي نزيه وديمقراطي بمعزل عن وجود مؤسسة رقابية نزيهة وشفافة تتولى ضبط الامور المالية للمسؤولين، لكن المشكلة الاساسية بالنسبة للنظام الاداري في الاقليم تكمن في انعدام وجود هيئة للنزاهة المالية، وفي ظل ذلك اين يمكن للمسؤولين الحزبيين والحكوميين الاعلان عن ممتلكاتهم وارصدتهم؟ هل يعلنونها في وسائل الاعلام ام امام البرلمان؟؟ او مجلس الوزراء، لذلك ينبغي للمثقفين والصحافيين الكرد ممارسة اكبر قدر ممكن من الضغوط على رئاسة الاقليم ومجلس الوزراء لتشكيل هيئة للنزاهة في الاقليم وباسرع وقت ممكن لأخضاع المسؤولين الحكوميين والحزبيين وحتى الذين هم في خندق المعارضة للتدقيق المالي». واضاف قورباني لـ«الشرق الأوسط» ان هناك مشكلة اخرى «تتمثل في تحايل المسؤولين على الرأي العام من خلال تسجيل معظم ممتلكاتهم غير المنقولة باسماء اقاربهم المقربين او باسماء اشخاص تجمعهم المصالح المشتركة، لذلك يتوجب ايجاد آلية لمعالجة تلك الحالة ايضا».

كذلك، يؤكد الصحافي عدنان عثمان رئيس تحرير صحيفة «روزنامة» اليومية الكردية المستقلة الصادرة في السليمانية عن مؤسسة «وشه – الكلمة» الاعلامية، التي يتملكها السياسي الكردي المعروف نوشيروان مصطفى، بان مواجهة الفساد المالي ليست مهمة الصحافيين وحسب، بل هي من صميم مهام منظمات المجتمع المدني والسلطات القضائية في الاقليم، وتابع قائلا انه «نظرا لعدم وجود هيئة النزاهة، ومحدودية صلاحيات السلطة القضائية في مجال محاسبة المسؤولين، فان الامر يصبح عسيرا جدا بالنسبة للصحافيين والمثقفين الكرد الحريصين على تكريس وترسيخ الشفافية في كردستان».