الغزو الأميركي يدخل اليوم عامه السابع.. والاستقرار الكامل يبقى حلم العراقيين

أزمات السكن والبطالة وإعادة رسم الخريطة السياسية بعيدا عن العرقية والطائفية تتصدر الاهتمامات

سجين عراقي مع ابنته بعيد الإفراج عنه من سجن أميركي أمس (إ ب أ )
TT

تصادف اليوم الذكرى السنوية السادسة لانطلاق عملية «تحرير العراق» من قبل ائتلاف دولي قادته الولايات المتحدة في 20 مارس (آذار) 2003 انتهت وتحديدا في التاسع من أبريل (نيسان) 2003 بسقوط نظام صدام حسين.

ويدخل العراقيون العام السابع بعد الغزو وهم لا يزالون يحلمون بالاستقرار الكامل أمنيا وسياسيا واقتصاديا. فإذا كان العراق قد حقق إنجازات أمنية نسبيا في العامين الأخيرين فإنه لا يزال يراوح مكانه على صعيد المصالحة، فيما تظل المحاصصة الطائفية سيدة الموقف، ويبقى اقتصاده رهينة للخلافات السياسية التي حالت إلى الآن دون المصادقة على العشرات من القوانين التي تخص الاستثمارات والطاقة وفي مقدمتها مشروع قانون النفط. وفي الوقت نفسه تقترب ساعة رحيل القوات الأميركية ما يفاقم مسؤوليات قوات الأمن العراقية في ظل أوضاع أمنية غير مستقرة تماما. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإنه بعد تراجع وتيرة أعمال العنف بشكل كبير نهاية العام الماضي، أكد المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن الوقت قد حان لنقل المسؤوليات تدريجيا إلى السلطات العراقية. لكن هجومين وقعا الأسبوع الماضي أسفرا عن مقتل أكثر من ستين شخصا وإصابة العشرات بجروح، ذكرا بخطورة الأوضاع الأمنية في الذكرى السادسة للاجتياح الذي بدأ في العشرين من مارس (آذار) 2003. ولم يتبق أكثر من ثلاثة أشهر على رحيل القوات الأميركية من المدن والبلدات نهاية يونيو (حزيران) المقبل. وتنص الاتفاقية الأمنية التي وقعت بين بغداد وواشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 ، على رحيل كامل للقوات الأميركية عن العراق بحلول نهاية عام 2011.

ويقول القادة الأميركيون إن الانسحاب من المدن في الثلاثين من يونيو سيساعد في تحسين الأمن عبر تركيز القوات الأميركية على ملاحقة المسلحين خارجها. وقال نائب قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال فريدريك رودشايم قبل أيام إن «إعادة التموضع في ضواحي المدن سيساعد في تحسن الأوضاع الأمنية داخلها بسبب قطع الإمدادات التي تغذي المجموعات الإرهابية». وتابع الجنرال، إن عددا قليلا جدا من الجنود الأميركيين سيبقون في المدن لتقديم المساعدة للعمليات التي يقوم بها العراقيون.

وينتشر حاليا نحو 140 ألف جندي أميركي في العراق، بعد انخفاض عدد القوات الذي بلغ 160 ألفا مطلع عام 2007 مع تنفيذ خطة أمنية في بغداد. وقتل خلال ذلك العام أكثر من 17 ألف عراقي فيما قتل نحو 6700 خلال عام 2008، وبلغ عدد الضحايا خلال الشهرين الماضيين من العام الحالي نحو 450 شخصا، وهو الرقم الأدنى منذ اجتياح العراق.

وبدا نجاح العراقيين واضحا من خلال تسلم المهام الأمنية في بلادهم بانتهاء تفويض الأمم المتحدة لقوات التحالف في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، كما تأكد ذلك من خلال نجاح انتخابات مجالس المحافظات في 31 من الشهر ذاته. وهذه الأمور ساعدت الرئيس الأميركي باراك أوباما على إعلان نهاية المهمة القتالية للقوات الأميركية.وقال أوباما في 27 فبراير (شباط) في قاعدة قوات المارينز في نورث كارولينا «دعوني أقول لكم ذلك ببساطة: بحلول 31 أغسطس (آب) 2010 ستنتهي مهمتنا القتالية في العراق». وأضاف في عرض لاستراتيجيته الجديدة للحرب في العراق «أعتزم سحب كافة القوات الأميركية من العراق بنهاية عام 2011» مضيفا أن عدد «القوات التي ستبقى بعد عام 2010 سيكون بين 35 و50 ألف عسكري». وقد تدفع التفجيرات الأخيرة باتجاه مراجعة الأوضاع الأمنية وتشكل مبررا لقلق حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. لكن المالكي قال إن القوات الأميركية لن تنسحب من المناطق غير الآمنة. وتبنى تنظيم القاعدة هجوما انتحاريا استهدف كلية الشرطة في بغداد في الثامن من الشهر الحالي، أوقع 28 قتيلا بحسب ما ذكر معهد أميركي متخصص في رصد المواقع المتشددة. ويصف الجيش الأميركي تنظيم القاعدة في العراق بأنه ضعيف لكنه لا يزال قادرا على شن هجمات دموية. ويعد انتقال مسؤولية أكثر من تسعين ألفا من عناصر الصحوة إلى الحكومة العراقية أحد المعالم الرئيسية لتسلم بغداد مزيدا من السلطات. ولعب عناصر الصحوة ويطلق عليهم الأميركيون «أبناء العراق» دورا مهما في استقرار الأوضاع الأمنية، وملاحقة تنظيم القاعدة في مناطق متعددة بينها بغداد. والتحاق قسم ضئيل من قوات الصحوة بقوات الأمن العراقية هو أحد العوامل الرئيسية في تحقيق المصالحة الوطنية في البلاد. وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي الكولونيل جيفري كولمر الأسبوع الماضي «لقد سلم الجيش الأميركي مسؤولية حوالي 82 ألفا من عناصر الصحوة إلى السلطات العراقية في ثماني محافظات منذ بدء العملية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

وتعمل الحكومة العراقية على إلحاق عشرين ألفا من هؤلاء إلى قوات الأمن كما من المقرر أن يتم إيجاد وظائف مدنية للثمانين بالمائة الباقين. ويوجه المالكي نداءات إلى العراقيين، السنة والشيعة، لنبذ العنف ووحدة الصف لبناء مستقبل أفضل للبلاد. لكن ابرز الجماعات المعارضة والممثلة بحزب البعث المنحل أعلنت رفضها التعاون والمصالحة مع الحكومة.