البشير يتحدى مذكرة التوقيف للمرة الثانية ويزور القاهرة

مصر تعتبر المذكرة مجرد خلاف بين المحكمة الجنائية والسودان.. ومنظمة العفو الدولية تنتقد الدول العربية

الرئيس المصري حسني مبارك خلال لقائه الرئيس السوداني عمر البشير في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

في ثاني اختراق لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه، زار الرئيس السوداني عمر البشير مصر أمس، بمرافقة وفد رفيع المستوى، والتقى الرئيس حسني مبارك وبحث معه الموقف من المحكمة الجنائية الدولية، والآثار المتوقعة على السودان نتيجة قرارها.

وقالت مصر على لسان وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط، «إن قرار المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن ليس مدعوماً من مجلس الأمن الدولي، ولم تتحول هذه المسألة بعد إلى وضع دولي». واعتبرت أن الأمر لا يزال حتى الآن «مجرد خلاف بين المحكمة الجنائية الدولية والسودان».

أما السودان، فقد حرصت على التأكيد على لسان وزير خارجيتها دينق ألور أن تحرك الرئيس السوداني إلى مصر وأريتريا، تم بدعوة من الحكومتين المصرية والأريترية. وأشار أيضا إلى دعوة وجهتها الدوحة للبشير لحضور القمة العربية في قطر التي تبدأ أعمالها في 30 مارس (آذار). ولكنه قال إن الحكومة السودانية ما زالت تفكر في حضور القمة العربية، لأنها تختلف تماماً عن الحضور لمصر أو أريتريا. ونفى الوزير السوداني أن تكون هناك دعوات أخرى للرئيس السوداني لزيارة أي دولة خارج المنطقة.

وانتقدت منظمة العفو الدولية أريتريا ومصر، وقالت إيرين خان، الأمينة العامة للمنظمة، إن «مصر وباقي الدول الأعضاء في الجامعة العربية، لا يجب عليها أن تحمي الرئيس البشير من العدالة الدولية». وأضافت أن حضوره في مصر «كان يجب أن يتخذ فرصة» لتطبيق مذكرة التوقيف الصادرة من المحكمة الدولية بحقه. واعتبرت خان أن «الجامعة العربية قوضت القانون الدولي، عندما أعلنت أن البشير لديه حصانة ضد مذكرة التوقيف، لأن القانون الدولي لا يعتبر أن أحداً، حتى رؤساء الدول الحاليون، لديهم حصانة اذا ارتكبوا جرائم خطيرة». واعتبرت «أن الجامعة العربية كانت محقة بطلب تحقيق العدالة الدولية في الانتهاكات الخطيرة الحاصلة في غزة، ولذلك يجب أن يطبقوا المعايير نفسها للجرائم المرتكبة في السودان».

وكان الرئيس المصري قد استقبل البشير في مطار القاهرة، في زيارة تأتي وسط جدل إقليمي ودولي حول مصير الرئيس السوداني في ضوء قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه، وما إذا كانت الدول التي يزورها أو يتواجد في أجوائها أو على أراضيها ملزمة باعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، أم لا.

كما تطرق اجتماع مبارك والبشير إلى اتفاقية السلام الشامل بين الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب، والمؤتمر الوطني الحاكم، وكذلك الوضع العربي العام، والموقف السوداني من القضايا العربية. وفي ختام مباحثات الرئيسين، عقد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري، ووزير خارجية السودان دينق ألور، مؤتمراً صحافياً، أشار فيه أبو الغيط إلى «أن المشاورات بين الزعيمين تركزت حول الموقف من المحكمة الجنائية الدولية»، مؤكداً «أن هناك موقفا مصريا عربيا أفريقيا لا يقبل بأسلوب المحكمة الذي تناولت به وضعية الرئيس السوداني».

وأكد أن مشاورات الرئيسين تركزت حول كيفية التوصل إلى تسوية في دارفور وتأمين الوضع الإنساني هناك بحيث لا يحق لأي طرف خارجي الفرصة في التدخل بحجة أن هناك أزمة إنسانية في دارفور، مشيراً إلى أن مصر أوضحت نيتها أثناء مشاورات القمة لمساعدة السودان على تجاوز أي ثغرة في الوضع الإنساني في دارفور وكذلك مواجهة مختلف الصعوبات الإنسانية هناك. وأكد أن مصر ستقدم العديد من المساعدات الإنسانية لأهل دارفور خاصة في المجالات الصحية من الأطباء والأدوية، كما أن مصر ستدعو منظمات المجتمع المدني المصرية والعربية والأفريقية والإسلامية للتواجد على أرض دارفور والعمل على تجاوز أي ثغرة في الوضع الإنساني هناك بسبب خروج منظمات الإغاثة الدولية.

وشدد أبو الغيط على الاهتمام المصري الكبير بمسألة الوضع الإنساني في دارفور، وقال إن هناك تصميماً مصرياً على عدم تردي الوضع هناك، والعمل على مواجهة الاحتياجات الإنسانية والصحية لأهل دارفور وفى الوقت نفسه العمل في إطار منع أي تأثيرات تضر بالعلاقة بين شمال وجنوب السودان.

ورد وزير خارجية السودان قائلا، إن زيارة البشير لمصر جاءت تلبية لدعوة من الجانب المصري، وإن المباحثات خلال القمة تركزت على الموقف من المحكمة الجنائية الدولية والآثار المتوقعة على السودان نتيجة قرار المحكمة خاصة فيما يتعلق بالوضع في دارفور، وكذلك اتفاقية السلام الشامل بين الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب والمؤتمر الوطني.

وحول الوضع الإنساني في دارفور بعد خروج المنظمات الدولية، قال وزير خارجية السودان إن الحكومة السودانية والمنظمات المحلية دفعت بالكثير من المساعدات إلى دارفور، وأكد أن الوضع هناك «مستقر حالياً». وأشار وزير خارجية السودان إلى أن هناك لجنة من الأمم المتحدة قامت بزيارة دارفور وقالت في تقريرها «إن الوضع مطمئن ولا توجد مشكلة».

ورداً على سؤال عن رفض السودان لفكرة عقد مؤتمر دولي حول السودان، قال ألور «إن هذه الفكرة ما زالت تناقش في السودان ولا يوجد رفض لهذا المقترح المصري وسنعلن موقفنا من هذا الاقتراح قريباً».

وعلق وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط على السؤال نفسه قائلا «إن هذا الاقتراح ليس مقترحاً مصرياً فقط، وإنما هو مقترح من جامعة الدول العربية بأن تشارك في هذا المؤتمر السودان والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي بهدف معالجة الوضع السوداني ككل وتحقيق الاستقرار». وعن الدور المصري في مواجهة قرار المحكمة الجنائية الدولية، ودعم حضور البشير لقمة الدوحة، قال أبو الغيط إنه ليست هناك جهود من قبل أي دولة لعرقلة عقد القمة العربية بالدوحة، وإن مسألة حضور الرئيس السوداني للقمة تتعلق برغبته في الحضور من عدمه. وأضاف أن مصر تدعم مسألة حضور الرئيس البشير لقمة الدوحة، خاصة وأنه أمر عربي وأن هذا الأمر يترَك لإرادة الرئيس البشير ورغبة السودان في الحضور على أي مستوى، موضحاً «أن مصر تتعامل مع الحكومة السودانية في أزمة دارفور على عدة محاور، مؤكدة ضرورة معالجة الوضع على الأرض وأن معالجة الوضع الإنساني هو المدخل لحل مشكلة دارفور حيث يجب المحافظة على استقرار الوضع الإنساني».

وأكد أبو الغيط استعداد مصر الكامل لمساعدة السودان على تجاوز مشاكل الوضع الإنساني في دارفور، ومواجهة أية ثغرة في هذا الوضع خاصة في الجوانب الصحية والطبية. وقال أبو الغيط «إن مصر تسعى إلى حث السودان على تفعيل القانون الداخلي السوداني وذلك بهدف إجراء محاكمة داخل السودان لكل من ثبتت مشاركته في أعمال أدت إلى تدهور الوضع الإنساني في دارفور بما في ذلك قيادات بعض جماعات التمرد التي ارتكبت جرائم إنسانية هناك، فضلا عن المسؤولين الآخرين».