انتخابات وكالة الطاقة الذرية: توقعات بتعذر حصول أي من المرشحين على ثلثي الأصوات في الجولة الأولى

المرشحان الياباني والجنوب إفريقي ينتظران التصويت

TT

دقائق بعد العاشرة من صباح اليوم، يبدأ مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المكون من 35 دولة، برئاسة السفيرة الجزائرية طاووس فاروخي، إجراءات اختيار مدير جديد للوكالة خلفا لمديرها الحالي الدكتور محمد البرادعي، الذي تنتهي ولايته الثالثة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، حيث ظل يشغل المنصب منذ 1997. وكان قد أعلن عن عدم استعداده لدورة رابعة.

يخوض معركة الانتخابات خلفا للبرادعي في منصب مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الذي أصبح في السنوات الأخيرة أكثر مناصب المنظمات الدولية، التابعة للأمم المتحدة أهمية) كل من الياباني يوكيا أمانو، والجنوب إفريقي عبد الصمد منتي، وكانا قد أعلنا عن ترشيحهما بتاريخ 2 يناير (كانون الثاني) الماضي.

تدور إجراءات الانتخابات وفقا للائحة إجراءات أقرها مجلس الأمناء عام 1997، وتشير إلى اختيار المرشح الذي يحصل على أعلى نسبة للأصوات، وتقدر بنسبة الثلثين، في ثلاث جولات سرية، وإلا فإن المجلس سيقوم في جلسة تعقد صباح الغد بتقديم منفرد للمرشح الذي حصل على أكثر الأصوات ليتم التصويت عليه، فإذا نال الثلثين اللازمين انتهى الأمر بإعلانه فائزا، أما إذا لم ينجح في ذلك فسيعاد طرح المرشح الآخر منفردا كذلك، فإذا نال الثلثين انتهى الأمر وأصبح هو الفائز، وإلا فإن الرئيسة ملزمة بإعلان إعادة فتح باب الترشيح من جديد. هذا مع التأكيد على ضرورة أن اختيار مرشح جديد لا بد أن تحسم في موعد أقصاه يونيو (حزيران) القادم، حتى يتمكن مجلس الأمناء من تقديم مرشحه للجمعية العمومية للوكالة في جلستها سبتمبر (أيلول) هذا العام.

هذه الدقة في اختيار مدير عام للوكالة تعود إلى حساسية المنصب، وإلى جسامة التفويض الذي يتمتع به مديرها العام، مما يتطلب شبه إجماع عليه حتى يتمكن من القيام بأداء مهامه، خصوصا تطوير التقنية النووية من أجل استخدامات سلمية للذرة لصالح كل الدول أعضاء الوكالة، مع العمل على نزع السلاح النووي وحظر الانتشار النووي.

من جانب آخر تشير إمكانية تعذر حصول مرشح على أغلبية الثلثين من أول جولة إلى الانقسامات الحادة داخل مجلس أمناء الوكالة، الذي يضم مندوبين دائمين للدول النووية، بالإضافة إلى ممثلين غير دائمين للمناطق الجغرافية. ويعود الخلاف إلى تسييس مهام الوكالة وما تنظره من ملفات، ولاختلاف السيناريوهات والرؤى لكل مرشح، والكيفية التي سيحرك بها القضايا.

لهذا ورغم نفي المرشحين الدائم أمام وسائل الإعلام وإصرارها أنهما لا يمثلان كتلة بعينها وإنما يعملان من أجل الأهداف الكبرى للوكالة من أجل خدمة الأعضاء كافة، كما سبق أن أكدا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، فلا تزال النظرة إليهما على اعتبار أن الياباني هو مرشح الدول الغنية الصناعية الغربية التي تمتلك ترسانة نووية وسلاحا نوويا، تسعى إلى حظره عن بقية الدول النامية. فيما ينظر للمرشح الجنوب إفريقي، وهو يدين بالإسلام، على أنه مرشح الدول الأقل ثراء وأفقر تنمية، التي تطمح في ما تعتبره حقها في التقنية النووية، رافضة الكيل بمكيالين يسمحان للدول الكبرى بالحفاظ على ترساناتهم النووية، فيما تواجه طموحاتها هي بنكران واتهامات بإرهاب نووي.

هذا وتشير متابعات «الشرق الأوسط» أن المعركة محتدمة جدا بين المرشحين، بل قل بين المعسكرين، كما وصفهما أكثر من مصدر دبلوماسي، مؤكدين أن المشهد يعكس صراعا جذريا لا يقل عن أية معركة انتخابية ديمقراطية ونزيهة، لذلك فإن كل صوت له تأثيره. مشيرين أن دولتي المرشحين وحلفائهما لا تزالان وستظلان تواصلان العمل بكل دبلوماسية، بل ترغيبا وترهيبا، حتى يحصل مرشحهما على النسبة المطلوبة. هذا فيما لم تستبعد مصادر أن تنتهي المعركة لمصلحة المرشح الياباني، باعتبار أن بلاده تدفع ثاني أكبر مساهمة في ميزانية الوكالة بعد الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن قاعة الاجتماعات الكبرى بالمبنى «سي» بالطابق الرابع بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا ستتحول هذا الصباح إلى ساحة مصغرة للمعركة المستمرة والمتأصلة بين الدول النامية وتلك التي تنمو، كما هو الواقع في كل المواقع الدولية، وليس الوكالة وحدها.

الجدير بالذكر أن المرشح الياباني يوكيا أمانو، 62 عاما، قد عمل مديرا عاما لإدارة نزع السلاح وحظر الانتشار النووي والعلوم في إدارة الخارجية اليابانية، فيما عمل الجنوب إفريقي عبد الصمد منتي، 69 عاما، رئيسا لمجلس حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل في جنوب إفريقيا، كما ظل محافظها في مجلس محافظي الوكالة الدولية منذ عام 1995.

من جانب آخر يتوقع البعض أن يظهر أكثر من مرشح جديد إذا فشل المجلس في حسم هذه الدورة.