القضاء اللبناني يحقق مع سوري ضبطت قنبلة في سيارته قرب منزل الجميِّل

أجهزة الأمن تتابع عملية اغتيال كمال مدحت ومصدر فلسطيني: تفجير المية ومية لم يستهدف السفير عباس زكي

TT

إلى الواجهة بعد أسابيع من الاسترخاء النسبي، وذلك على خلفية التفجير الذي أودى بحياة نائب ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، اللواء كمال مدحت، وثلاثة من مرافقيه قرب مخيم المية ومية الاثنين الماضي، وضبط سيارة مشبوهة قرب منزل رئيس الجمهورية السابق رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل في بلدته بكفيا يقودها شخص سوري والعثور بداخلها على قنبلة موصولة بصاعق تفجير وفتيل، مما أثار مخاوف من عودة مسلسل التفجيرات قبل الانتخابات النيابية.

ففي قضية اغتيال القيادي الفلسطيني، أكد مصدر قريب من سفير دولة فلسطين لدى لبنان عباس زكي لـ «الشرق الأوسط» أن الانفجار الذي أودى بحياة اللواء مدحت كان يستهدفه شخصياً وليس السفير عباس كما ذُكر، بدليل أن التفجير وقع في مخيم المية ومية في الجنوب في الوقت الذي وصل فيه عباس إلى مقر السفارة في بيروت. وأشار إلى أن «مواكب عدة عبرت المكان الذي وقع فيه التفجير وأن العبوة لم تُفجَّر إلا عند وصول موكب اللواء مدحت إلى قربها، مما يثبت أن لا احتمال آخر لذلك». وعلى صعيد أمني آخر، ضبط عناصر يتولون حراسة منزل الرئيس الجميل في بكفيا سيارة «هوندا» كانت تتجول بشكل متكرر وبصورة مريبة حول سور المنزل، مما أثار الشبهات لدى الحراس الذين أوقفوا السيارة وسائقها، وتبين أنه سوري الجنسية يدعى يوسف محمد المحمد (38 عاماً). ولدى تفتيش السيارة عثر بداخلها على قنبلة مجهزة بصاعق تفجير وموصولة بفتيل ومثبتة فوق خزان الوقود في مؤخر السيارة. وجرى تسليم الموقوف والسيارة إلى القوى الأمنية التي حضرت على الفور وباشرت التحقيق. وقد وضع القضاء العسكري يده على القضية أمس. وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بإجراء التحقيقات الأولية مع السوري الموقوف. وتحفظت مصادر متابعة للتحقيق على الإدلاء بأي معلومات وتأكيد أو نفي إذا تم الاشتباه أو توقيف أشخاص آخرين، مشيرة إلى أن التحقيق محاط بالسرية إلى حين استكماله والتثبت من أبعاد الحادث قبل توجيه الاتهام لهذا الشخص وكل من يظهره التحقيق شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً.

وتلقى الجميل، أمس، اتصالاً من وزير الداخلية زياد بارود أطلعه خلاله على آخر التحقيقات التي تجرى مع الموقوف السوري. كما تلقى اتصالات تهنئة بالسلامة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي اطلع من المدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي على مستجدات التحقيق.

وأبدى أمس وزير السياحة إيلي ماروني (حزب الكتائب) تخوفه من موضوع القنبلة، معتبراً «أنها رسالة إلى الجميل والكتائب على أبواب الانتخابات». وطالب القوى الأمنية «بتشديد إجراءاتها على تحركات الجميل وقرب وزارة السياحة». وقال: «لن نخاف من رسائلهم. والغاية التي أرادوها من هذه الرسالة لن يحصلوا عليها».

واعتبر النائب الثاني لرئيس حزب الكتائب سليم الصايغ أن القنبلة «تشكل تأكيداً للتحذيرات والتهديدات التي ترد إلى حزب الكتائب منذ فترة. وهذا يؤكد الترهيب الذي يمارس تجاهه وتجاه المواقف التي يتخذها». وذكر أن «التحقيق الأولي والمعاينات الأولى أظهرت أنها ليست مجرد قنبلة وضعت مصادفة في السيارة».

واعتبر الوزير وائل أبو فاعور (اللقاء الديمقراطي) «أن العبوة رسالة سياسية تعبر عن مدى انزعاج البعض من الدور الوطني الذي يلعبه الرئيس أمين الجميل في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر فيها الوطن». واستنكر النائب مصباح الأحدب (قوى 14 آذار) قنبلة بكفيا. وقال: «إن هذا البيت الذي قدم الشهداء وكتب مسيرته بالدم لن تؤثر فيه هكذا رسائل. ومن يقوم بمثل هذه الأعمال يتحدى الدولة والمؤسسات لا سيما العسكرية منها». واعتبر عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أنطوان سعد أن القنبلة «رسالة موجهة إلى الرئيس أمين الجميل وحزب الكتائب وإلى أفرقاء 14 آذار كلهم. وهي موجهة تحديداً ضد مواقف الجميل الداعمة للاستقلال اللبناني». ورأى في توقيت الاستهداف قبيل الانتخابات محاولة «لإخافة المواطنين الذين سيصوتون لفريق 14 آذار». وتوقع «أن تعود الاغتيالات والتفجيرات بعد إقفال مهلة الترشيحات الانتخابية». وعلق رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» دوري شمعون، قائلا: «نستغرب أن يتمكن بعضهم حتى يومنا هذا من التنقل بقنابل ومتفجرات من دون أي رادع». واعتبر الحادث «محاولة لتعكير الجو قبيل الانتخابات».

من جهتها، أكدت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» أن «العمل المريب المتمثل بالسيارة التي تم ضبطها أمام منزل الرئيس أمين الجميل إنما يعني استمرار المسلسل الإرهابي ضد لبنان وقياداته الاستقلالية». وطالبت السلطات الأمنية بإعلان «نتائج التحقيقات بشكل شفاف والتشدد في حماية اللبنانيين من تداعيات هذه التهديدات». هذا، وصلي ظهر أمس على جثمان اللواء مدحت في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في الطريق الجديدة. وشيع في موكب حاشد انطلق من المسجد إلى مقبرة شهداء فلسطين في محلة شاتيلا حيث ووري الثرى. وقد تسلم قاضي التحقيق العسكري الأول، رشيد مزهر، أمس، ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على مجهول ومن يظهره التحقيق في قضية مقتل اللواء مدحت. وسطر صقر استنابة قضائية إلى قيادة الشرطة العسكرية لإجراء التحقيقات والتحريات لمعرفة هوية الأشخاص الذين أقدموا على زرع العبوة الناسفة في المية ومية. كما سطر استنابة مماثلة إلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني ومديرية قوى الأمن الداخلي ـ شعبة المعلومات ومديرية الأمن العام ومديرية أمن الدولة، لإجراء الاستقصاءات توصلاً إلى معرفة منفذي عملية التفجير.