مرشد الإخوان لـ«الشرق الأوسط»: لن أستجيب لضغوط الجماعة بالتراجع عن قرار التنحي

محللون يرجحون بقاءه في منصبه لما بعد انتخابات الرئاسة في 2011

TT

أثارت تصريحات صحافية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف نشرت أمس الخميس بالقاهرة وأفصح فيها عن رغبته بترك موقعه عقب انتهاء فترة ولايته في يناير (كانون الثاني) المقبل، جدلا داخل الجماعة، فيما استبعد محللون إمكانية تحقيق تلك الخطوة على الرغم من تصريح «عاكف» الذي أبدى أمس دهشته من الاهتمام الإعلامي بتصريحاته، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لا أدري سبب الاهتمام بهذه التصريحات.. أنا أعلنت ذلك منذ أن توليت منصب مرشد عام الجماعة، وقلت إنني لن أمدد فترة ولايتي التي ستنتهي مطلع عام 2010».

وتساءل قائلا: «ما الغريب في ذلك؟، ما أريد أن أفعله يحدث في كل الدنيا، وهناك عدد كبير من المسؤولين السابقين الذين تركوا مناصبهم بمحض إرادتهم»، معتبرا أن سبب الدهشة من قراره بعدم ترشيح نفسه لفترة ولاية أخرى لمنصب مرشد الإخوان المسلمين هو أن «مصر لا يوجد فيها مسؤول سابق.. هناك مسئول راحل».

وأكد عاكف، وهو المرشد السابع لجماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها عام 1929 على يد حسن البنا، أنه لن يستجيب لضغوط أعضاء الجماعة للتراجع عن قراره، وقال: «أحترم وجهة نظر كل أعضاء الجماعة وأقدرها، ولكني سأنفذ ما أريده، أنا مقتنع بما فعلته وما سأفعله ومقتنع أنني أُرضي ربي وأرضي ضميري».

من جانبه، قال الدكتور محمد حبيب النائب الأول لمرشد «الإخوان» عضو مكتب الإرشاد، إن «عاكف» لم يطرح أمر تقاعده على قياديي الجماعة على أي مستوى، مشيرا إلى أنهم.. «سيجلسون مع الأستاذ عاكف للتعرف على وجهة نظره ومحاولة إقناعه بالاستمرار».

وأضاف حبيب لـ«الشرق الأوسط»: «المرشد العام صحته جيدة ويقوم بمهامه على خير ما يرام، وهو أكثر حيوية من كثير منا، رغم أنه في الثمانين من عمره».

ورفض حبيب تحديد الشخصيات المرشحة لخلافة عاكف، قائلا إنه «في حالة إصرار الأستاذ عاكف على موقفه، فإنه ما زال أمامنا نحو 9 أشهر على موعد انتخابات المرشد، وهي فترة طويلة قد تحدث فيها تغيرات كثيرة، منها أن يقتنع المرشد بالاستمرار في منصبه، وبالتالي لا تصبح هناك حاجة لمرشد جديد».

وأوضح أن المرشد العام للجماعة ينتخب من قبل مجلس شورى الجماعة الذي يضم 100 عضو، عن طريق الانتخابات بقاعدة الأغلبية المطلقة (أي أكثر من 50% من الأصوات).

من جهته قال الشيخ الدكتور كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم التنظيم العالمي للاخوان في الغرب: «إن الإخوان يتمنون بقاء عاكف في قيادة الإخوان المسلمين، نظرا لخبرته الطويلة وعمله خارج مصر، مما أكسبه خبرة كبيرة، بالشعوب خارج مصر، وبالغرب وطريقة تفكيره». وأضاف أن «الإخوان» مجمعون على المرشد الحالي مهدي عاكف، فهو لهم أب أو أخ أو جد أو معلم. وأوضح الهلباوي أن «الإخوان» لا يهتمون بالمجيء إلى القيادة، فهي تكليف لا تشريف، وكذلك هم ينظرون إلى القيادة في ضوء حديث الرسول صلي الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي»، وفي ضوء ما قاله سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر ابن الخطاب «إني قد وليت عليكم ولست بخيركم». وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية مدير وحدة النظم السياسية بمركز الأهرام، الدكتور ضياء رشوان: «أعتقد أن تصريحات المرشد تعبر عن رغبة حقيقية في أن يستقيل ويتقاعد»، لكنه أضاف: «أرى أن عاكف قد يرضخ لضغوط الجماعة عليه بأن يستمر في منصبه لمدة سنتين أو ثلاث على الأكثر، لأن عام 2010 سيشهد انتخابات برلمانية شاملة (مجلسي الشعب والشورى)، ثم يأتي عام 2011 حاملا معه الانتخابات الرئاسية، وكلها استحقاقات مهمة للإخوان المسلمين»، معربا عن توقعه أن تجرى انتخابات المرشد عقب انتخابات الرئاسة في عام 2011.

وأضاف: «أعتقد أن مهدي عاكف مرشد ناجح جدا لجماعة الإخوان المسلمين، وأصبح وضع الجماعة في عهده جيدا، وحققت مكاسب سياسية ضخمة، منها الفوز بـ88 مقعدا في الانتخابات البرلمانية، وإعداد برنامج الحزب السياسي للجماعة، كما حقق نقلة نوعية في الوجود السياسي للجماعة، وذلك بغض النظر عن أي خلافات عليه من داخل الجماعة أو من خارجها».

واستبعد رشوان أن يكون المرشد القادم للإخوان المسلمين من خارج مصر، وقال إن «منصب المرشد العام للجماعة هو رمز دولي، لكنه قيادي في مصر، لذلك لا يمكن أن يكون مرشد الإخوان المسلمين غير مصري». واستطرد مضيفا: «في حالة إصرار عاكف على التنحي ستكون نقلة مهمة، لأنه سيكون أول مرشد يترك منصبه وهو على قيد الحياة، لذلك من الصعب أن تغامر الجماعة بإجراء نقلتين مهمتين في آن واحد (تنحي المرشد واختيار خليفته من خارج مصر)، خاصة أن الساحة السياسية المصرية بها العديد من الاستحقاقات المهمة خلال العامين المقبلين». كان عاكف قد انتخب في يناير (كانون الثاني) عام 2004 مرشدا عاما لجماعة الإخوان المسلمين لمدة ست سنوات، بعد وفاة المرشد العام السادس مأمون الهضيبي.