الغزيون يحملون فتح وحماس مسؤولية إعاقة إعادة الإعمار

جراء تعرقل الحوار الوطني في القاهرة

TT

«أتحدى أن يتمكن إسماعيل هنية (رئيس الوزراء المقال) أو محمود عباس (الرئيس أبو مازن) من العيش تحت الظروف التي أعيش فيها لمدة ثلاثة أيام فقط. أنا متأكد أنهما في حال مرا بظروفي خلال هذه الفترة القصيرة، فإنهما سيكونان مستعدين لقبول كل شيء من أجل الخلاص من هذا الواقع البائس».

هذا ما يقوله الصحافي الفلسطيني محمد الجمل الذي دمر منزله في مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة، في ثاني أيام الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولم يجد حتى الآن ملاذاً يأوي إليه وأسرته، إلا الإقامة عند أحد أقاربه. لا يتردد الجمل في تحميل حركتي حماس وفتح وقياداتهما المسؤولية عن الواقع البائس الذي تحياه أسرته في ظل التشرد، ومعها آلاف الأسر الأخرى. وقال في حديث لـ «الشرق الأوسط»: «لو كان لدى هذه القيادات الحد الأدنى من المسؤولية تجاه الشعب الفلسطيني وتحديداً العائلات التي انتكبت بتدمير منازلها، لانتهت حواراتها باتفاق، فعباس وهنية يعيان أن عملية إعادة الإعمار لن تتم إلا في حال انتهى الانقسام وقاد الحوار الوطني إلى اتفاق». ويؤكد الجمل أنه يستبد به الغضب كلما سمع عن القضايا الخلافية التي تعيق الحوار مثل نظام الانتخاب النسبي والأجهزة الأمنية وغيرها. ويقول: «لا يجد الناس المأوى وهؤلاء يختلفون عن الانتخابات والأجهزة الأمنية وكأنهم في كوكب آخر، وكأنه لا يوجد مأساة يعيشها الناس هنا».

ويعد السخط على قيادات الفصائل وتحديداً فتح وحماس هو القاسم المشترك بين معظم الناس في قطاع غزة، لعدم إنجاز اتفاق ينهي حال الانقسام، فالناس يدركون أن إعادة إعمار ما دمره الاحتلال يتوقف على نتائج الحوار، سيما أولئك الذين تضرروا كثيراً خلال الحرب. فلا يكاد مصطفى رشوان، 38 عاماً، يصدق أن يوما ما سيفقد مصدر رزقه الوحيد ويفقد القدرة على إعالة أسرته. وخسر هذا الشاب صالون الحلاقة الذي يملكه في رفح، ولم يتم تعويضه حتى الآن، على اعتبار أن الذين تم تعويضهم هم أصحاب المنازل المدمرة، وهو الآن يعيش مرارة الحياة في ظل البحث المتواصل عما يقيت به أسرته. وفي حديث لـ «الشرق الأوسط» يعتبر رشوان الخلاف بين الفصائل ليس أكثر من «ترف» في ظل المعاناة التي تكابدها آلاف الأسر الفلسطينية المنكوبة، ويحمل حكومتي غزة ورام الله المسؤولية عن معاناة أسرته. ويكاد لا يكون شخص في قطاع غزة لم يتضرر من الحرب الأخيرة على القطاع، وبالتالي فإن الساخطين على قيادات الفصائل ليسوا فقط الأشخاص الذين دمرت منازلهم ومحلاتهم التجارية. ولا يتردد صبحي أبو كار الذي يملك محلاً تجارياً في مدينة غزة في تحميل قادة الفصائل مسؤولية عدم توفر الظروف للشروع في عملية إعادة الإعمار. وفي حديث لـ «الشرق الأوسط»، يرى أبو كار أن القضايا الخلافية التي تعيق التوصل لاتفاق ينهي الانقسام تعتبر هامشية مقابل التحدي المتمثل ليس فقط في إعادة الإعمار، بل في ضخ الدماء من جديد في دور الحياة في قطاع غزة. ورغم أن غالبية من الناس يحملون كل الفصائل وتحديداً الفصيلين الأكبر، فإن هناك من يحمل حماس أو فتح على وجه الخصوص. ويرى جمال جابر أحد سائقي سيارات الأجرة أن حماس هي التي تتحمل المسؤولية عن عدم إعادة الإعمار بسبب مواقفها المتعنتة في الحوار. ويرى جابر أنه كان يتوجب على حماس إبداء المرونة التي تساعد على تشكيل حكومة توافق وطني من أجل المساعدة على إعادة الإعمار. لكن صلاح العايد الذي يقطن مخيم المغازي للاجئين، ودمر منزله خلال الحرب، يرى أن حركة فتح والرئيس عباس تحديداً هما من يتحملان المسؤولية عن الواقع المزري. وحسب العايد فإن أبو مازن يفرض اشتراطات تعجيزية تؤثر على فرص نجاح الحوار، وبالتالي تتم إعادة الشروع في إعادة الإعمار.

ولا يتجاهل كل من تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» مسؤولية إسرائيل عن إعاقة الإعمار، لكنهم يرون أن مثل هذا السلوك متوقع من إسرائيل، أما غير المتوقع أن يمثل الصراع على السلطة مصدراً من مصادر إعاقة إعادة الإعمار.