قضية الرهائن البريطانيين في العراق: حديث عن صفقة لمبادلتهم بصدريين وقيادي في حزب الله اللبناني

لندن للخاطفين: أطلقوهم دون قيد أو شرط > متحدث أميركي لـ «الشرق الأوسط»: سجناؤنا محكومون باتفاقنا الأمني مع بغداد

لقطة من شريط فيديو يصور بيتر مور أحد الرهائن البريطانيين، الذين تحتجزهم جماعة «عصائب أهل الحق» في العراق، عرضته قناة «العربية» (أ.ف.ب)
TT

زعم متحدث باسم جماعة «عصائب أهل الحق» المنشقة عن التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أنهم توصلوا إلى صفقة تتضمن إطلاق أحد 5 رهائن بريطانيين يحتجزونهم منذ نحو عامين مقابل الإفراج عن 10 من قادتهم المعتقلين.

وكانت مجموعة مسلحة ترتدي ملابس الشرطة وتستقل سيارات رباعية الدفع مشابهة لتلك التي تستخدمها قوات الأمن العراقية، قد اقتحمت في شهر  مايو (أيار) عام 2007 مبنى تابعا لوزارة المالية في شارع فلسطين شرق بغداد واختطفت خمسة خبراء بريطانيين، وقد وجهت اتهامات إلى جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر بالوقوف وراء هذه العملية، لكنه نفى ذلك بشدة.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية فان المتحدث باسم جماعة «عصائب أهل الحق» المدعو «أبو علي» قال انه تم التوصل إلى اتفاق مع بريطانيا وأميركا للإفراج عن البريطانيين على مراحل مقابل إطلاق قادة المجموعة الذين بينهم متحدث سابق باسم مقتدى الصدر وقيادي في حزب الله اللبناني اعتقل في البصرة عام 2007. وحسب الصحيفة فان بيان المتحدث باسم «عصائب أهل الحق» يسلط الأضواء على مباحثات سرية جرت خلال العامين الماضيين بين الحكومة البريطانية والخاطفين ويؤكد أن الرهائن البريطانيين أصبحوا بيادق في لعبة صراع على النفوذ أطرافها قوى شيعية في العراق ولبنان وإيران. ويرى التقرير أن المساعي الهادفة لوضع اللمسات النهائية على الصفقة كانت احد العوامل وراء التحرك البريطاني لمعاودة الاتصالات مع حزب الله اللبناني في وقت سابق من الشهر الحالي. وحسب «أبو علي» فان تسليم شريط فيديو إلى السفارة البريطانية في بغداد الأسبوع الماضي يظهر احد الرهائن، خبير الكومبيوتر بيتر مور، حيا يرزق، هو المرحلة الأولى من الاتفاق مع بريطانيا. وقام بتسليم الشريط نائب في البرلمان العراقي. وقال المتحدث إن أحد الرهائن سيفرج عنه قريبا مع 8 من الصدريين الذين تحتجزهم حاليا القوات الأميركية في العراق وان أول من قد يفرج عنهم من هؤلاء ربما يكون ليث الخزعلي المعروف بـ«ابو سجاد» وهو شقيق قائد الجماعة قيس الخزعلي. وتقضي الصفقة، حسب المتحدث، وفي مرحلتها الأخيرة بالإفراج عن علي موسى دقدوق. وكان الجيش الأميركي أعلن مطلع يوليو (تموز) 2007 اعتقال دقدوق الملقب بحميد محمد جبور اللامي في العشرين من مارس (آذار) الماضي ووصفه بأنه «قيادي في حزب الله جاء إلى العراق بإيعاز وتغطية من فيلق القدس» التابع للحرس الثوري في إيران. وأوضح أن «قيادة حزب الله اللبناني أرسلت عام 2005 دقدوق إلى إيران للعمل مع فيلق القدس على تدريب متطرفين عراقيين». وحسب القيادي فان «الشيخ الخزعلي يدير المفاوضات مع الأميركيين من معتقل كروبر قرب مطار بغداد ويتصل بمساعديه وعائلته عبر هاتف خاص»، كاشفا انه «سيكون آخر من سيطلق سراحه بحسب طلبه شخصيا». لكنه سرعان ما استدرك قائلا أن «الجانب الاميركي يصر على أن يبقى في المعتقل خلال هذه الفترة ليتأكد من تنفيذ اتفاق وقف الهجمات على قواته».

إلى ذلك، قال مسؤول في القسم الإعلامي للسفارة البريطانية في بغداد إن الجهود مستمرة لإطلاق سراح كافة المختطفين البريطانيين بالشكل الذي يضمن سلامتهم. ودعا المصدر في تصريح لـ «الشرق الأوسط» الخاطفين إلى إطلاق سراح البريطانيين دون قيد أو شرط، مؤكدا أن الحكومة البريطانية لن تمنح أي تنازلات للخاطفين، كاشفا عن أن السفارة البريطانية كانت قد تلقت شريط فيديو يظهر فيه احد المختطفين البريطانيين الخمسة دون ذكر تفاصيل أخرى ضمها الشريط لضرورات أمنية. من جانبها أكدت القوات الأميركية أن الحكومة الأميركية لن تتنازل أو تتفاوض مع أي من الخاطفين أو العصابات الإجرامية التي تختطف الأبرياء. وقال المقداد جبريل المستشار الإعلامي لقوات التحالف في العراق لـ «الشرق الأوسط» إن الجيش الاميركي لن يتفاوض مع أي من الخاطفين أو العصابات التي تهدد امن العراقيين، مشيرا إلى أن أيا من المعتقلين لدى القوات الأميركية أو القوات العراقية وبموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة يكونون بموجب القانون من ضمن صلاحيات السلطة القضائية العراقية دون غيرها.

من جانبها أكدت مصادر أمنية عراقية وجود معلومات استخبارية تحدد مكان احتجاز الرهائن في بغداد. وأشارت المصادر، رافضة ذكر أسمائها، إلى أن تلك المعلومات قد توصل القوات الأمنية العراقية إلى مكان تواجدها بشكل دقيق. وكانت عملية عسكرية مشتركة قد شنت في بغداد في 26/7/ 2008 استهدفت العثور علي البريطانيين الخمسة في الذكرى الأولى لاختطافهم. وقال ضابط في الجيش الاميركي في حينها إن عملية البحث عن البريطانيين الخمسة بدأت في ذلك الوقت لكن العمليات توقفت حسب مصادر من داخل مدينة الصدر لـ«الشرق الأوسط» بشكلها العلني الملحوظ من قبل سكان المدينة.

وكانت مدينة الصدر تخضع في الأعوام 2003 و2004 و2005 لسيطرة جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر الذي جمد أعماله بعد المعارك الطاحنة مع القوات الأمنية العراقية تساندها القوات الأميركية في مدن بغداد والبصرة والناصرية ومدن أخرى. ودفع قرار التجميد بعض القيادات إلى إعلان انفصالها عن التيار وتشكيل مجموعات خاصة منها «عصائب أهل الحق» أكدت القوات الأمنية العراقية والقوات الأميركية أنها بدأت تدعم من قبل قوات فيلق القدس الإيراني، الأمر الذي نفاه احمد المسعودي المتحدث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن التيار الصدري متماسك ولم تحث فيه أي انشقاقات تذكر وان المعتقلين لدى القوات الأميركية والبالغ عددهم حوالي 13 الف معتقل منهم 25% من التيار الصدري بينهم الشيخ قيس الخزعلي وعبد الهادي الدراجي. وقال المسعودي إن «الخزعلي من قيادات التيار الصدري الذي لم ينشق عنه واعتقل من قبل الأميركيين في الوقت الذي كان فيه متحدثا باسم التيار في مدينة النجف في المعارك الطاحنة التي قادها التيار ضد الاحتلال»، حسب قوله.