مصادر أمنية إسرائيلية: «الموساد» تلقى معلومات دقيقة من طهران وغزة.. أتاحت غارات السودان

قالت إن الجهاز تتبع مسارها من إيران وعبر الخليج واليمن.. واختار السودان لضربها «حتى لا تثير انتقادات في العالم»

TT

أشارت مصادر أمنية في إسرائيل، أمس، أن «الموساد» (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية)، تمكن من الحصول على معلومات دقيقة عن السلاح الإيراني الذي تم تدميره على الأراضي السودانية في فبراير (شباط) الماضي، وتتبع مساره منذ لحظة تحميله قرب طهران وخلال مساره من الخليج العربي إلى اليمن وحتى تحميله على الشاحنات في السودان. وانه لولا هذه المعلومات الدقيقة ما كان ممكنا نجاح الغارات لتدميره.

وقالت هذه المصادر إن «الموساد» تزود بمعلومات دقيقة من جهات تعتبر رفيعة وضالعة بالمعلومات الحساسة الخطيرة في قيادة كل من طهران (قيادة حرس الثورة) وقطاع غزة (حماس). واحتوت هذه المعلومات على تفاصيل حول الأسلحة، اتضح منها أنها صنعت خصيصا لحركة «حماس». فقد كانت تلك الصواريخ من طراز «فاجر» ومداها 70 كيلومترا، وقد صنعت بطريقة تتيح تفكيكها إلى قطع حتى يتاح تهريبها من سيناء إلى غزة عبر الأنفاق المحفورة في منطقة رفح. كما احتوت على صواريخ حديثة لاختراق الدبابات الإسرائيلية المتطورة، التي كانت إيران قد زودت بها حزب الله اللبناني قبيل الحرب الأخيرة في صيف 2006. وادعت ان هدف هذه الصواريخ كان تمكين حماس من قصف مدينة تل أبيب وضواحيها، عندما تحتاج ايران الى ذلك. وذكرت ان هذه الفكرة تندرج في خطة ايرانية تحدث عنها علنا المسؤول الايراني محمد علي جعفري لصحيفة «جيم جم» الايرانية في 28 يونيو (حزيران) 2008، فقال: «إذا اختار الغرب خيارا عسكريا ضد ايران، فإننا سنغلق الخليج العربي أمام ناقلات النفط وسنضرب العمق الإسرائيلي وسنفعل حزب الله وحماس شمالي وجنوبي اسرائيل». ولذلك جاء القرار بتوجيه الضربة لتدمير كل الصفقة (17 شاحنة دمرت في الصحراء وسفينة دمرت على مشارف ميناء بور سودان). وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية، أمس، ان اختيار السودان لتنفيذ العملية لم يكن صدفة، حيث انه «بلد يعاني من فوضى في الحكم، ليس لديه دفاعات جوية جدية، ورئيسه عمر حسن البشير مطارد، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور (لم يكن قد صدر حكم محكمة لاهاي باعتقاله) ونظامه السياسي منبوذ في الغرب، ويعتبر متطرفا ومتعاونا مع تنظيم القاعدة، والعمل العسكري على أراضيه لن يثير موجة انتقادات في العالم».

وربطت بين هذا القرار وبين الأنباء عن احتياطات مصرية واسعة وزيادة المراقبة على الحدود مع السودان ومع قطاع غزة، فقالت: «اسرائيل كانت حذرة من ضرب شاحنات السلاح الايراني في الأراضي المصرية وسارعت في تدميرها على أراضي السودان حتى لا تفجر أزمة دبلوماسية مع القاهرة» وان «مصر أقدمت على الإجراءات الاحتياطية لمنع تهريب الأسلحة عبر أراضيها لأنها غير معنية في تحويل هذه الأراضي الى ساحة حرب».

المعروف ان اسرائيل الرسمية لم تنف ولم تؤكد انها نفذت الغارات على السودان. ولكن وسائل الاعلام والخبراء الاسرائيليين يتحدثون عن الموضوع بثقة تامة، باعتبار انها عملية اسرائيلية، خصوصا بعد تصريحات رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، التي ألمح فيها بالأمر عندما قال يوم أول من أمس: «اسرائيل تعمل في أماكن قريبة وبعيدة لما يعزز قوة الردع لديها. وكلما دعت الحاجة، سوف تضرب لتقويض البنى التحتية لتنظيمات الارهاب أينما كان، في الشمال وفي الجنوب. ولا حاجة بنا للدخول في تفاصيل. أبحروا في تشغيل خيالكم. واعلموا ان من يجب أن يعرف اننا نضرب، يعرف».

وقد لوحظ ان الصحافة الاسرائيلية التي كانت تهاجم أولمرت باستمرار وتتهمه بالفشل في إدارة حرب لبنان وفي استثمار المكاسب السياسية من انجازات الحرب على غزة، خرجت أمس بموقف موحد تمتدح نجاحاته في مجال سياسة مكافحة الارهاب، وذكروا له كيف اتخذ قرارات شجاعة تمكن بتنفيذها من تدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور واغتيال عماد مغنية، رئيس الجناح العسكري لحزب الله في دمشق، والجنرال محمد يوسف سلمان، مسؤول الملف الايراني في سورية، و«عمليات أخرى ليس هذا الوقت للكشف عنها»، كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وفي واشنطن قال مسؤولان أميركيان مطلعان على تقييمات استخباراتية سرية إن إيران شاركت في محاولة لتهريب الأسلحة إلى غزة. وأشارا أيضا إلى أن هناك تقارير استخباراتية تفيد بأن عميلا لقوات الحرس الثوري الإسلامي في إيران ذهب إلى السودان لتنسيق ذلك. ولكن مسؤولا سابقا أشار إلى أنه لم يتضح تحديدا مصدر الأسلحة التي كان يسعى إلى تهريبها عبر السودان. وقال فينس كرولي، وهو متحدث باسم القيادة الأميركية في أفريقيا إن القوات الأميركية لم تقم بقصف السودان. وأضاف: «لم يقم الجيش الأميركي بأي ضربات جوية، ولم يطلق أي صواريخ ولم ينفذ عمليات قتالية داخل أو حول السودان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2008، عندما تولت القيادة الأميركية في أفريقيا المسؤولية رسميا عن العمليات العسكرية الأميركية داخل أفريقيا».

وقال مسؤول عسكري أميركي إن الغارة التي حدثت في يناير (كانون الثاني) كانت ضمن سلسلة من الهجمات الإسرائيلية ضد شحنات أسلحة كان مقررا أن تذهب إلى غزة. ويقول شالومو بروم، وهو جنرال متقاعد في معهد دراسات الأمن القومي بتل أبيب، إنه «منطقي جدا» أن نفترض أن إسرائيل أرادت قصف موكب شاحنات محملة بالأسلحة في السودان، «هذا يتماشي بالضبط مع أسلوب عمل إسرائيل». ويقول مسؤولون إسرائيليون إن معظم الأسلحة التي يجري تهريبها إلى غزة تأتي عبر متاهة من الأنفاق تحت حدود غزة مع إسرائيل.