الخرطوم: إذا سافر البشير إلى الدوحة.. سيكون بلا إعلان.. والاتجاه العام يؤيد سفره

مسؤول في الحزب الحاكم: لا نستبعد «بلطجة» إسرائيلية ضد طائرة البشير على غرار غارتها على بورتسودان

سودانيون من الخرطوم يتظاهرون ضد سفر الرئيس عمر البشير الى الدوحة لحضور القمة العربية (أ.ف.ب)
TT

قال مسؤول بارز في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان إن «الموقف العام في الخرطوم هو مع مشاركة الرئيس عمر البشير في القمة العربية في العاصمة القطرية الدوحة»، ولم يستبعد المسؤول أية «بلطجة» إسرائيلية على طائرة البشير حال تقرر سفره إلى الدوحة، بعد أن اعترفت بقيامها قصف قافلتين وزوارق في شرق السودان في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين بزعم أنها تهرب أسلحة.

واستبعدت مصادر حكومية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بقوة أن تعلن الحكومة موعد سفر الرئيس، اليوم أو غداً. وقالت إن الرئيس البشير من المتحمسين إلى فكرة المشاركة في القمة، باعتبار أن الخطوة فيها دحض وتعرية لمزاعم المحكمة الجنائية، ومع ذلك، نوهت المصادر إلى أن اللجنة الحكومية المكونة لدراسة سفر البشير إلى الخارج «إذا ما أوصت بعدم سفره فإن الرئيس سيلتزم بعدم السفر». وبات واضحاً أنه في حال تقرر سفر البشير فإن سفره سيتم بدون إعلان مسبق، كما حدث في سفرياته الثلاث السابقة إلى كل من إريتريا ومصر وليبيا، على التوالي في اقل من أسبوع واحد، والتي اعتبرها المراقبون بأنها تحد لقرار المحكمة بتوقيفه وكسر لأية محاولة لتطويق تحركات البشير عبر القرار.

يذكر أن الحكومة قالت إن دراسة سفر البشير ستشمل الجوانب السياسية الدبلوماسية والأمنية كافة، في أعقاب قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه بادعاء ارتكابه جرائم حرب في إقليم دارفور. ويعتقد خبراء القانون الدولي في الخرطوم أن سفر البشير في الوقت الراهن غير مشوب بالمخاطر قبل أن يعرض قرار التوقيف على مجلس الأمن الدولي من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية، في تقاريره الدورية.

وقال مسؤول المنظمات في حزب المؤتمر الوطني، الدكتور قطبي المهدي، في تصريحات صحافية، إن قرار مشاركة البشير في القمة من عدمها في يد اللجنة التي تم تشكيلها لهذا الغرض، وأضاف أن مشاركة الرئيس من عدمها تخضع لحسابات وموازنات سياسية وأمنية. وكشف المهدي أن «الموقف العام هو أن يشارك البشير في القمة»، وقال في تصريحات صحافية «ولكن لابد من التحسب لأية حركة أو بلطجة إسرائيلية تهدد حياة الرئيس»، وأضاف المهدي: «لا نستبعد أية بلطجة إسرائيلية على طائرة الرئيس البشير من قبل إسرائيل خاصة بعد أحداث الشرق التي اعترفت بها». ومضى المهدي أنه «لا يستبعد أن تقوم إسرائيل باختطاف طائرة الرئيس أو القيام بأية تصرفات عدوانية آجلة أم عاجلة».

وقال إن «التجارب أوضحت أن الدول المعادية للسودان لا تحترم القوانين الدولية ولا السلوك الأخلاقي في علاقات الشعوب»، ونوه المهدي إلى أن الرأي الغالب في الأوساط الشعبية والدول الصديقة هو عدم مشاركة البشير في القمة، وقال «هذا من خلال متابعتي لردود الفعل»، وحسب المهدي فإن الرئيس البشير ليس مضطراً للمشاركة في قمة الدوحة، فيما رأى أن «مشاركة السودان ستشكل حضوراً فاعلا في القمة».

من جانبه، قال وزير الدولة بالخارجية السودانية علي كرتي في تصريحات صحافية إن السودان لم يطرح على قمة الدوحة مقترح عقد قمة عربية تضامنية طارئة في الخرطوم، حيال الأزمة بينها وبين المحكمة الجنائية، وقال «هذا الأمر لم يطرح»، وترك الباب مفتوحاً، وقال «ربما سيطرح عندما يعد البيان»، وكشف كرتي، الموجود الآن في العاصمة القطرية الدوحة، أن قمة الدوحة ستتبنى بالإجماع بيان دعم السودان، وكانت مصادر قالت إن الخرطوم تقدمت بطلب لعقد قمة عربية عاجلة في الخرطوم لبحث تداعيات الأزمة السودانية وسبل دعم الرئيس البشير، في ضوء قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن توقيف الرئيس البشير.

وفي اتجاه آخر، قال كرتي إن الغارات الأخيرة على قوافل السيارات والزوارق البحرية في شرق السودان ما زالت موضع بحث في السودان، وأكد أن الحكومة ستوالي مجلس وزراء الخارجية العرب المنعقد حالياً في العاصمة القطرية الدوحة بالمعلومات والمستجدات حول الغارات.

وكشف مدير المراسم في الخارجية السودانية السفير علي يوسف في تصريحات صحافية أن حكومته تتجه لرفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، بعد أن رجحت الخرطوم فرضية أن الجيش الإسرائيلي هو من نفذ الغارات على قوافل السيارات والزوارق السودانية بزعم أنها تحمل أسلحة مهربة، والتي أسفرت عن مقتل المئات من السودانيين ومن دول الجوار في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين. واعتبر يوسف أن الغارات الإسرائيلية «اعتداء سافر لسيادة السودان»، وقال إن «الأمر يتطلب شكوى في مجلس الأمن الدولي»، وأضاف «من الضروري رفع شكوى لمجلس الأمن الدولي»، وشدد على أن السودان لا يسمح بتهريب أسلحة عبر أراضيه لأية جهة، وتوقع أن تكون القافلة تحمل مجموعات تطلب التهريب إلى خارج أوطانها، ووعد بأن الخارجية السودانية ستصدر بياناً توضح فيه موقف السودان من الغارات. من جانبه، كشف مبروك مبارك سليم وزير الدولة بوزارة الطرق السودانية أن قبائل «الرشايدة والبشاريين والعبابدة»، وأسر ضحايا الغارات سيقومون بتصعيد القضية إلى أعلى مستويات التقاضي، ويطالبون بفتح تحقيق دولي حول الغارات. ويعتقد سليم أن الغارات تمت بالاشتراك بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ولم يستبعد سليم وهو رئيس تنظيم «الأسود الحرة» التي تشارك في الحكومة السودانية بموجب اتفاق سلام وقعه معها في العام 2006، لم يستبعد استخدام إسرائيل لأسلحة محرمة دوليا في قصف الشاحنات التي كانت تقل الضحايا. ونشرت صحف في الخرطوم مجموعة صور لضحايا القصف، وكما أبرزت جوانب من السيارات المدمرة. من ناحية أخرى، رحبت الخرطوم بتعيين الإدارة الأميركية السفير المتقاعد «جوني كارسون» مساعداً لوزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية خلفاً لجينداي فرايزر، وعبر السفير نصر الدين والي مدير الإدارة الأميركية بوزارة الخارجية السودانية في تصريحات عن تطلع السودان لعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة تقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم المشترك والحوار نهجاً لحل القضايا العالقة بين الخرطوم وواشنطن. وتقول سيرة السفير كارسون الذاتية إن له خبرة واسعة في الشأن الأفريقي، وسبق له أن شغل منصب السفير في كل من «أوغندا وموزمبيق وزيمبابوي»، كما عمل في نيجيريا وبتسوانا، وشغل منصباً رفيعاً في مجلس الأمن القومي الأميركي للشؤون الأفريقية.