مصادر سودانية: مشاورات في الناتو لوضع سيناريوهات فرض حظر جوي على دارفور

الحكومة التشادية: البشير لن يجازف بزيارة انجمينا

TT

كشفت مصادر سياسية سودانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مناقشات تجريها الولايات المتحدة مع عدد من الدول الأوروبية، حول إمكانية فرض حظر طيران على دارفور، في حال استمرار الحكومة السودانية رفضها التعاون مع المجتمع الدولي، فيما نفت الحكومة التشادية وجود اتصال معها من الدول الأوروبية بخصوص استخدام أراضيها لمراقبة الأجواء السودانية، لكنها أكدت تأييدها لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير. واستبعدت مصادر حكومية تشادية أن يقوم البشير بمجازفة بزيارة انجمينا في إطار جولته التي يقوم بها لعدد من دول الجوار بعد زيارته لكل من اريتريا، ومصر وليبيا.

وقالت المصادر السودانية ان عدداً من الدول الأوروبية أوكل إليها القيام بمهمة التخطيط ورسم السيناريوهات بشأن الخطة، ووضع كل الاحتمالات عند التنفيذ، واختيار الدول المجاورة للسودان، لتكون محطات مراقبة جوية، وتحتضن قواعد للقوات الدولية، ليس من بينها مصر وليبيا. وتوقعت المصادر ذات الصلة بالشؤون العسكرية ان يتم تنفيذ الحظر الجوي في حال عدم التقدم بشأن قضية الإقليم بحلول شهر سبتمبر (أيلول) القادم عبر دول مجاورة او من خلال حاملات طائرات في قواعد عسكرية منتشرة في أفريقيا والشرق الأوسط.

واستبعدت أن يتم تنفيذ الفرض خلال شهرين أو ثلاثة أشهر كما يتوقع البعض إذ لا بد من إخلاء البعثات الدبلوماسية الأميركية والأوروبية من السودان. وذكرت ما حدث خلال الضربة التي وجهتها واشنطن على الخرطوم في أغسطس (آب) من عام 1998 على احد مصانع الأدوية، للشك بانه ينتج اسلحة محظورة. وقالت ان التنفيذ سيقوم به حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أول عملية له في أفريقيا والثانية له خارج أوروبا بعد أفغانستان.

وألمحت المصادر إلى عدم مشاركة فرنسا في تنفيذ مراقبة الحظر في حال تنفيذه لكنها لن تمانع في أن تقوم بتنفيذه قوات حلف شمال الاطلسي. وأضافت أن الولايات المتحدة تسعى لان يكون التنفيذ من حلف شمال الأطلسي (الناتو) وإلا فستقوم هي وحدها بتنفيذ العملية. وقالت إن «المشاورات جارية ضمن السيناريوهات التي يتم الإعداد لها إلى إقناع كل من دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى لإفساح معابر للطيران الدولي التي ستشارك في مراقبة حظر الطيران».

وقالت المصادر إن واشنطن لديها اتفاق مع أفريقيا الوسطى في استخدام مهابطها الجوية في العمليات اللوجستية الى جانب ان لدى واشنطن قواعد عسكرية في جيبوتي ومنطقة القرن الافريقي، وتابعت «حلف شمال الاطلسي يجري مشاورات مع الحكومة التشادية لإقناعها بتوفير مهابط للطيران وقواعد إضافية للقوات التي ستشارك في عملية الحظر». وأشارت إلى أن انجمينا لديها اتفاق مع باريس عسكري إلى جانب أنها تستضيف قوات أوروبية في حدودها مع السودان وأفريقيا الوسطى لحماية لاجئي دارفور، والنازحين التشاديين.

وقالت المصادر إن الخطة التي تتحدث عنها العواصم الأوروبية، تبدأ من إخلاء رعاياها من السودان الى دول الجوار، وتصل الى عمليات إنزال قوات مراقبة الحظر الجوي في الحالات التي تستوجب التدخل السريع. وأشارت إلى أن تعيين واشنطن مبعوثاً لها في السودان بخلفية عسكرية ومن سلاح الجو الاميركي يدل على ان الاتجاه السائد، خاصة في ظل ان الرأي العام الاميركي لا يشجع على ارسال قوات برية الى اي منطقة، لكنه لن يمانع من فرض حظر جوي. وقالت ان التنفيذ يشمل التشويش على الرادارات الارضية وتشويش الإحداثيات وتصل الى الهجوم على الطائرات السودانية التي تحلق فوق سماء دارفور والمروحيات التي تطير في مستوى اقل. وأضافت أن الإعداد الذي يجري ضمن التخطيط، يتمثل في دراسة نوع الطائرات التي ستشارك والعمليات الاستخباراتية التي ستتم. وتابعت «المعلومات المتوفرة ان الطيران الحربي السوداني يقوم به طيارون عراقيون ومن بلاروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق بحكم ان الطيارين السودانيين غير مؤهلين». وطرحت المصادر أسئلة حول وجود القوات الأممية والأفريقية المشتركة المنتشرة في دارفور تحت البند السادس لحفظ السلام التي يتوقع ان تصل إلى 26 ألف و300 جندي، وقالت «هل سيتحمل السودان وجود هذه القوات اذا تم فرض حظر الطيران على دارفور؟ وهل سيقوم مجلس الامن الدولي بتحويل التفويض الممنوح للقوات الدولية من حفظ السلام الى قوات فرض سلام تحت البند السابع؟»، وتابعت «سيتم فرض الحظر الجوي حتى تنفذ الخرطوم المطالب التي قدمت إليها في تمرير الإغاثة للمحتاجين عبر المنظمات الدولية وحل قضية دارفور والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بتسليم المطلوبين لديها. وقالت ان المحكمة الجنائية لم ترسل طلبها بتسليم البشير الى الخرطوم». من جهته قال وزير الإعلام التشادي الناطق باسم الحكومة محمد حسين لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي ان دول حلف (الناتو) لم تجر اي مشاورات مع بلاده بخصوص توفير قواعد عسكرية إذا تم فرض حظر الطيران على دارفور، غير انه قال إن بلاده لن ترفض قرار الحظر إذا صدر من الأمم المتحدة واتفقت عليه كل الدول. وأضاف «نحن أعضاء في الأمم المتحدة ونمتثل إلى قراراتها لكن لم تتصل اي جهة حتى الان بخصوص قرار فرض حظر الطيران على السودان»، وقال ان القوات الأوروبية والأممية المنتشرة على حدود بلاده لحماية النازحين التشاديين ولاجئي دارفور وليس للتدخل في السودان». وتابع «عندما تقوم القوات الأوروبية بالدخول الى داخل الحدود السودانية فإننا نلفت نظرها ونرفض ذلك بشكل واضح لان التفويض واضح بيننا»، مشيراً إلى أن بلاده كانت ضحية للقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، لكنه عاد وقال «نحن وصلنا الى ما يشبه التسوية وننتظر أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة لمواصلة المشاورات مع الخرطوم والاتفاق للاجتماع في الدوحة لإنهاء التسوية»، وأضاف انه «يتوقع من لقاء الدوحة الاتفاق على نشر مراقبين على الحدود المشتركة».

واستبعد الوزير ان يقدم البشير على زيارة بلاده باعتبار انه عضو في المحكمة الجنائية الدولية وان قوات أوروبية منتشرة في حدودها، وقال «نحن أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية لذلك لن يصلنا البشير إلى انجمينا وفي حدودنا تنتشر قوات أوروبية ونحن نتعاون مع قرار المحكمة ونؤيدها»، وأضاف أن البلدان التي زارها البشير ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية وتؤيد البشير.