قائد شرطة الفلوجة: نخشى انتقام 260 معتقلا سيطلق سراحهم قريبا من بوكا

افتتاح نسخة عراقية من مطعم «كنتاكي» ومحلات موسيقى.. وسط مخاوف من استئناف نشاط «القاعدة»

واجهة مطعم «ملك الدجاج الكنتاكي» في الفلوجة (أ.ب)
TT

خرج الأميركيون من الفلوجة، لكن مطعم «ملك دجاج كنتاكي» لا يزال مفتوحا في مبنى لا يزال موسوما بآثار الرصاص. تلك المدينة التي عانت من أعنف الأحداث الدامية في حرب العراق عادت للسيطرة العراقية، وباتت تنبض بالحيوية من محلات بيع الأشرطة الموسيقية والمطاعم للعمال الذين يقومون بحفر ممرات شبكة الصرف الصحي التي تمولها الولايات المتحدة، التي تأخرت كثيرا عن موعدها. لكن كثيرا من دمار الحرب لم تمتد إليه يد الإصلاح، وارتفعت معدلات البطالة وانخفضت الزراعة إلى حد الإهمال، وهناك مخاوف دائمة من أن يقوم المتمردون الذين ينتظرون التوقيت المناسب للقيام بإعادة إضرام نيران الصراع من جديد.

كانت المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 400.000 نسمة معقل الانتفاضة التي تلت الغزو الأميركي للعراق، وقد قامت القوات الأميركية بقصفها، وهي كذلك المدينة التي قامت فيها القوات الأميركية بإطلاق النار على متظاهرين بها أدى إلى مقتل 17 شخصا، وكذلك الكمين الذي أحرقت فيه أربع جثث لشركة بلاك ووتر الأمنية وعلقوا على أحد الجسور بالمدينة.

ويقول تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» إن الأمن يأتي في المقام الأول بالنسبة لسكان الفلوجة، وقد تزايد قلقهم من التفجيرين الانتحاريين الذين شهدتهما المنطقة هذا الشهر، الذين استهدفا زعيم إحدى العشائر السنية الذي حارب ضد المتمردين. ويعتقد أن أحد الانتحاريين قد أطلق سراحه منذ فترة وجيزة من معتقل بوكا الذي تديره القوات الأميركية في جنوب العراق.

كان آلاف المعتقلين العراقيين قد أطلق سراحهم من المعتقل الأميركي في الأشهر الأخيرة للالتزام بالاتفاقية الأمنية الأميركية العراقية، التي تم تفعيلها في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، وهناك مخاوف من محاولة بعض المفرج عنهم الانضمام إلى الخلايا النائمة من تنظيم «القاعدة». وقال مشتاق العيفان، أحد وجهاء العشائر التي حاربت «القاعدة» لقد «عزز معتقل بوكا من الفكر الأيديولوجي، لأن أغلب المعتقلين الراديكاليين كانوا يحتفظ بهم سويا بعيدا عن الباقين»، غير أن الفلوجة هادئة نسبيا على الرغم من أن سمعتها السيئة لا تزال باقية.

ويقول الشيخ حميد هاشم، محافظ المدينة، إنه يناضل للحصول على طاقم للمستشفى الذي تكلف بناؤه 46 مليون دولار، الذي يتسع لنحو 200 سرير، الذي بني بأموال حكومية، نتيجة للفهم الخاطئ عن الأمن في الفلوجة.

ويعد هاشم بتقديم السكن وحماية أمنية لكل الأطباء المغتربين عن المدينة الذين يوافقون على العمل في المستشفى. وفي الوقت الذي تستعيد فيه الفلوجة بعضا من نشاطها التقليدي، كالمواصلات والتجارة، فإنها تشعر بضغوط من نوع مختلف، ألا وهي انخفاض أسعار النفط.

ويقول هاشم إن ميزانية المدينة قد انخفضت بمقدار الثلثين لتصل إلى 50 مليار دينار عراقي (حوالي 43 مليون دولار) نتيجة للانخفاض في أسعار النفط التي قوضت من الدخل الحكومي.

ومع ارتفاع نسبة البطالة إلى 30%، أشار إلى حاجته الشديدة إلى المال لبدء مشروعات زراعية وصناعية لتوفير المزيد من الوظائف، كما أوضح أنه بحاجة لبناء محطة كهرباء، حيث تقدم الحكومة 25% من حاجة المدينة من الكهرباء وتأتي البقية من المولدات الخاصة.

لا تزال المدينة تحاول العودة إلى حياتها الطبيعية، فإلى جانب شبكة الصرف الصحي التي تتكلف 100 مليون دولار، يبدو أن إنشاء الطريق السريع يمضي قدما. ومحلات الموسيقى، التي دمرت أو أغلقت بالقوة على اعتبار أنها غير إسلامية خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2004 عندما سيطرت «القاعدة» وحلفاؤها على المدينة، قد عادت لفتح أبوابها من جديد.

وقال هاشم إن الولايات المتحدة دفعت 150 مليون دولار كتعويضات لما بين 35.000 إلى 40.000 منزل تضرر أو تم تدميره في القتال مع «القاعدة» وأن تلك المنازل تم إصلاحها.

افتتح مطعم كنتاكي، الذي يملكه إسماعيل حقي، الذي يحمل صورتين للجنرال ساندرز، منذ شهرين في الشارع الرئيسي في الفلوجة، ويقدم وجبة الدجاج والمقليات والصودا بما يعادل حوالي 4.50 دولار، ويستلهم المحل عمله من ماركة دجاج كنتاكي، لكنه لا يرتبط بها. وقال إسماعيل: «قررت أن أحضر للفلوجة اسما أجنبيا» وأضاف: «جاءني البعض وقالوا إن المطعم يحمل اسما أميركيا ونحن عانينا الكثير على أيدي الأميركيين، لكنني أقول لهم إن كنتاكي موجود في العالم أجمع، فلماذا لا توجد هنا أيضا؟».

ويبدو أن البعض لا يرغب في نسيان القتال بعد، فالعديد من المساجد لا تزال تحمل آثار التخريب التي عانتها خلال القتال، ويعتقد أهالي الفلوجة أن أحدا لم يكترث لمعاناتهم من وحشية جرائم الولايات المتحدة في 2004. وأبدى الكولونيل محمود العيساوي قائد شرطة الفلوجة قلقه البالغ من استغلال «القاعدة» والمقاتلين الآخرين الفلوجة كمأوى لهم، بعيدا عن أعين القوات الأميركية وفرق البحث العراقية.

وقال العيساوي، ضابط الشرطة المجتهد، إنه في الشهر الخامس من توليه منصبه، كشفت قواته عن أكثر من 200 مخبأ للأسلحة في منطقة الفلوجة، من بينها قنابل تزرع على جانب الطريق وصواريخ وأجهزة إطلاق يمكن أن يستخدمها المفجرون. كما عبر خلال اللقاء في مكتبه المحصن عن قلقه من إطلاق سراح المسجونين في معتقل بوكا، وقال إن 620 معتقلا من محافظة الأنبار على وشك إطلاق سراحهم من معسكر بوكا، أكبر مركز اعتقال أميركي.

وقال العيساوي: «أود أن يطلق سراحهم لكي يعودوا إلى حجزنا وليس إلى السياسيين في بغداد. وسوف ألقي القبض على أولئك الذين أمتلك أدلة ضدهم وأطلق سراح الباقين». وقال وهو يعرض قائمة تحمل أسماء وصور الأشخاص الـ620: «هؤلاء الأشخاص مليئون بالحقد والإرهاب وسوف يرغبون في العودة والانتقام، وربما يغريهم رحيل الأميركيين».