قمة الدوحة ستطالب إيران بترجمة ما تقوله عن تحسين العلاقات إلى أفعال

القمة العربية ستعلن تمسكها بالمبادرة العربية للسلام وأنها «لن تبقى على الطاولة طويلا»

منظر عام لاجتماع وزراء الخارجية العرب أمس (إ. ب. أ)
TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن وزراء الخارجية العرب أقروا في اجتماعهم التحضيري أمس بالدوحة تمهيداً للقمة العربية التي ستفتتح غداً الاثنين، مشروع قرار يطالب إيران «بترجمة ما تعلنه من رغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية، وفي الحوار وإزالة التوتر، إلى خطوات عملية وملموسة قولا وعملا». في حين ستؤكد القمة في مشروع قرار آخر على التمسك بالمبادرة العربية «كخيار استراتيجي عربي لتحقيق السلام»، مع إجراء تقييم شامل لخطة التحرك العربي التي تقوم بها اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالمبادرة. وينص المشروع، الذي سيرفع لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة في اجتماعهم غداً وبعد غد، على أن المبادرة «لن تبقى على الطاولة طويلا وأن استمرار الجانب العربي في طرح هذه المبادرة مرتبط بقبول إسرائيلي لها، وأن تفعيلها مرتبط بتنفيذ إسرائيل لالتزاماتها في إطار المرجعيات الأساسية لتحقيق السلام العادل والشامل».

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد قال في قمة الكويت الاقتصادية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، إن المبادرة العربية للسلام «لن تبقى على الطاولة طويلا».

وبحسب مشروع القرار، الذي حصلت الشرق الأوسط على نسخة منه، وتحفظت ليبيا عليه باعتبار أنه «لا يحقق إقامة الدولة الديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني وعودة اللاجئين الفلسطينيين»، فإنه لا يمكن للدول العربية الوصول لهذا السلام «طالما استمرت إسرائيل في تعنتها ورفضها لمبادرة السلام العربية».

ويؤكد مشروع القرار على استمرار تكليف اللجنة الوزارية العربية الخاصة بمبادرة السلام العربية والأمين العام للجامع العربية بإجراء تقييم شامل ومراجعة لخطة التحرك العربي إزاء جهود إحياء عملية السلام في المنطقة في ضوء المستجدات والتطورات الإقليمية والدولية «خاصة في أعقاب العدوان الإسرائيلي العسكري على قطاع غزة».

كما تدين الدول العربية، من خلال مشروع القرار، الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، وقيام الحكومة الإيرانية ببناء منشآت سكنية لتوطين الإيرانيين في الجزر المحتلة، كما تدين المناورات العسكرية الإيرانية في الجزر الثلاث وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري، والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث «باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة»، والطلب من إيران الكف عن «مثل هذه الانتهاكات والأعمال الاستفزازية التي تعد تدخلا في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة ذات سيادة ولا تساعد على بناء الثقة، وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعرض أمن وسلامة الملاحة الإقليمية والدولية في الخليج العربي للخطر».

وتدعو الدول العربية الحكومة الإيرانية مجدداً إلى إنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، والكف عن فرض الأمر الواقع بالقوة، والتوقف عن إقامة أي منشآت فيها، بهدف تغيير تركيبتها السكانية والديموغرافية، وإلغاء كافة الإجراءات وإزالة كافة المنشآت التي سبق ونفذتها إيران من طرف واحد في الجزر العربية الثلاث «باعتبار أن تلك الإجراءات والادعاءات باطلة وليس لها أي أثر قانوني ولا تنقص من حق دولة الإمارات الثابت في جزرها المحتلة».

ويطالب مشروع القرار جميع الدول العربية بالالتزام في اتصالاتها مع إيران بإثارة قضية احتلال إيران للجزر الثلاث للتأكيد على ضرورة إنهائه، انطلاقاً من أن الجزر الثلاث هي جزر عربية محتلة».

وفي شأن قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير، ينص مشروع القرار، على التعبير عن التضامن العربي مع السودان بعقد قمة عربية طارئة بالخرطوم بعد انتهاء أعمال قمة الدوحة مباشرة، ويؤكد مشروع القرار على التضامن مع السودان ودعمه في مواجهة قرار المحكمة الجنائية بحق الرئيس البشير، «الذي يهدف إلى النيل من قيادته (السودان) الشرعية المنتخبة، ووحدة السودان وأمنه واستقراره وسيادته، ويؤثر سلباً على الجهود الحثيثة لإحلال السلام».

ويطلب مشروع القرار من الدول العربية كافة، عدم التجاوب مع مشروع إجراءات المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس البشير.

وكان مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية، هشام يوسف، قد أكد أمس أن القمة العربية ستبحث مقترحاً لعقد قمة خاصة في الخرطوم للتضامن مع السودان ورئيسه عمر البشير. وقال في تصريحات للصحافيين إن «القادة العرب سيتخذون القرار المناسب والملائم بخصوص الاقتراح»، دون أن يؤكد ما إذا كان السودان هو صاحب الاقتراح. إلى ذلك، ذكر يوسف أنه لم يتأكد حضور أو عدم حضور البشير القمة العربية، إذ إن الموضوع «يعود للسودان»، مشيرًا إلى أن بيانًا خاصًا حول السودان سيصدر عن القمة.

كما يناقش القادة في اجتماعهم غداً، مشروع قرار يتعلق بالوضع المالي للأمانة العامة للجامعة العربية، يدعو من خلالها بضرورة تقيد الدول الأعضاء بسداد مساهماتها كاملة خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة المالية، كما يدعو القرار الدول العربية التي عليها متأخرات، بسداد 10% من هذه المتأخرات سنوياً تضاف لحصة الدولة السنوية.

وتتضمن مشاريع القرارات التي أقرها المندوبون وكبار المسؤولين (وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، وعرضت خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم أمس لإقرار جدول أعمال القمة والبيان الختامي) تقارير مرفوعة إلى القمة من رئاسة القمة عن نشاط هيئة متابعة تنفيذ القرارات والتزامات، وتقريراً للأمين العام عن العمل العربي المشترك، القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ومستجداته (مبادرة السلام العربية، تطورات القضية الفلسطينية، دعم الجولان العربي المحتل، دعم موازنة السلطة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني، والتضامن مع لبنان ودعمه)، ومشروع قرار عن تطورات الوضع في العراق، واحتلال إيران للجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومعالجة الأضرار والإجراءات المترتبة على النزاع حول قضية لوكيربي، ورفض العقوبات الأميركية أحادية الجانب المفروضة على سورية، والحصار الجائر المفروض على سورية والسودان من قبل الولايات المتحدة بخصوص شراء أو استئجار الطائرات وقطع الغيار، والتضامن مع السودان، ودعم الصومال، ودعم جزر القمر، والوضع المتوتر على الحدود الجيبوتية الإريترية في منطقة رأس دوميرا الجيبوتية.

وكان وزراء الخارجية العرب قد عقدوا اجتماعهم التحضيري أمس، للتجهيز لجدول الأعمال الذي سيناقشه القادة العرب في قمتهم غداً، وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن الانقسام في الجسد العربي كبير وإن الطريق طويلة، ونوه بالمبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت الاقتصادية «لإصلاح ذات البين في الصف العربي». وأعرب المعلم عن أمله في إنجاز مصالحة عربية شاملة، مستدركاً «ما زلنا في بداية الطريق الصحيح».

وقال المعلم في كلمته «إن السؤال المطروح هو إمكانية الصبر على هذا البعد الذي يقض مضاجع شعبنا في كل مكان أو إمكانية الاستسلام أمام الضغوط التي تعرضنا لها جميعاً». مضيفاً أن «الأشهر التي تلت قمة دمشق شهدت تطورات وأحداثاً إقليمية وعالمية أثرت على ما يحدث في منطقتنا»، منبهاً إلى أنه «في كل مرة يجري الحديث فيها عن حوار لحل مشاكل في جزء من المنطقة يزداد الحديث عن تهديد مباشر لمصالح الأمة العربية في جزء آخر منها».

من جانبه استعرض عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته أمام الاجتماع الأوضاع العربية الراهنة والتحديات التي تواجهها القمة العربية.. وقال إن هناك نبضات من العمل الجدي الذي جرى في إطار الجامعة العربية تحت الرئاسة السورية من بينها النشاط الاقتصادي الذي تمثل في عقد القمة الاقتصادية في الكويت وعملية المصالحة الفلسطينية التي جرت في الشهور الأخيرة إلى جانب المبادرات السياسية التي اتخذتها الجامعة بشأن دارفور فكانت اجتماعات الدوحة. وتمنى موسى أن تستمر قطر في هذه العملية.. معرباً عن ثقته بأن الدوحة ستواصل جهودها حتى تحقق الاختراق اللازم في هذا الموضوع.

وأكد موسى أن هناك تشاوراً مستمراً مع الاتحاد الأفريقي في شأن الاتهام الموجه من قبل المحكمة الجنائية الدولية للرئيس السوداني، وهو أمر مثير للدهشة ويضع المحكمة الجنائية في موضع تساؤل من منطلق ازدواجية المعايير.. مطالباً في هذا الصدد بتعاون الجميع والاستثمار الأمثل لكل ما هو مطروح على الساحة الدولية لإيجاد حل لهذه القضية.

وقال إن أمامنا عملا جدياً بشأن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة والذي يعتبر شيئاً خطيراً للغاية..مشيراً إلى أن تقارير الأمم المتحدة وشهادات جنود الاحتلال تؤكد أن إسرائيل استخدمت أسلحة محرمة دولياً تفتك بالمدنيين. وأكد في هذا الصدد ضرورة عدم التقاعس عن هذا الأمر خاصة مع وجود محاكم دولية وقانون دولي بصرف النظر عن حالة الحصانة لإسرائيل.

من جهته، أسف رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لخطوة المحكمة الجنائية الدولية بطلب ملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير،، معبراً أنها «تأتي في الوقت الذي تصاعدت فيه الجهود التي تبذلها دولة قطر في إطار اللجنة الوزارية العربية الأفريقية وبالتنسيق مع الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من أجل الدفع بالعملية السياسية في دارفور إلى الأمام.. وتولد كثير من الأمل عقب توقيع حكومة الوحدة الوطنية السودانية وحركة العدل والمساواة اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة في الدوحة.. وتوقيع خمسة فصائل مسلحة أخرى لميثاق في طرابلس التزمت بموجبه بالانخراط في العملية السلمية والانضمام لمحادثات سلام دارفور في الدوحة بوفد تفاوضي واحد وموقف تفاوضي موحد.. وسنواصل جهودنا المشتركة وبدعم المجتمع الدولي في إيجاد تسوية للصراع في دارفور وتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق السلام».