رئيس الحكومة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»: يجب أن تطمئن سورية أننا لسنا شوكة في خاصرتها وأن تتعامل مع لبنان كبلد مستقل وشقيق

السنيورة يرفض الحديث عن خوضه الانتخابات لأن «من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه»

فؤاد سنيورة (رويترز)
TT

دعا رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة إلى «مقاربة المشكلات العربية بطريقة إيجابية ووضع رؤى موحدة لمعالجتها». وقال الرئيس السنيورة في حوار مع «الشرق الأوسط» في بيروت «إن هناك وضعا عربيا مشرذما يتواجه مع بعضه، والظروف في المنطقة والعالم تعززه». ورأى السنيورة ضرورة قيام خطوة جديدة كالخطوة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز باتجاه سورية وقطر ودول عربية أخرى، داعيا إلى «التنبه إلى دور مصر، الدولة العربية الكبرى التي يجب أن يكون واضحا لدينا أنها تلعب دورا كبيرا في التضامن العربي والعمل المشترك».

وشدد السنيورة على الانعكاسات الايجابية للتوافق العربي، معتبرا أن لبنان هو «أكثر الدول استفادة عندما يسود التعاون العربي». مشيرا الى أن لبنان «لا يريد أن يكون على طاولة الخلافات العربية». ورأى السنيورة أن خطوة التبادل الدبلوماسي مع سورية «لأول مرة منذ استقلال البلدين هامة جدا»، لكنه أشار الى ضرورة استكمالها بخطوات اخرى تتعلق بالحدود والمعابر الحدودية وضبط التهريب مشيرا الى أن «للبنان – كما لسورية – مصلحة في كل عمل من شأنه تعزيز العلاقات بين البلدين» وقال: «أي أمر يؤدي إلى مزيد من التجذر في العلاقة بين البلدين، والمزيد من الثقة بينهما أنا معه من دون تحفظ. لا نريد أن نكون – ولا يجوز أن نكون – مصدر قلق بالنسبة الى سورية، والعكس صحيح. ولا نريد أن نكون شوكة في الخاصرة السورية ويجب أن تطمئن سورية إلى لبنان وأن تتعامل معه وتعتاد كونه بلدا مستقلا وشقيقا».

ولا يخفي الرئيس السنيورة «شوقه الى تسليم الأمانة الحكومية»، دون أن يقفل الباب أمام عودته الى رئاستها بعد الانتخابات. وفيما رفض الإفصاح عن رغبته في الترشح للانتخابات النيابية لأن «من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه» وأشار إلى أن هناك متسعا من الوقت (10 أيام لتقديم الترشيحات) وهي فترة يرى السنيورة أنها عبارة عن 240 ساعة طويلة. واستبعد السنيورة قبوله المشاركة في حكومة وحدة وطنية بوجود ثلث معطل، أي منح الأقلية فيها ثلث أعضاء الحكومة بما يمكنها من تعطيل القرارات الأساسية معتبرا أنها «فكرة فشلت. والذين يدافعون عن هذه التجربة، لم يقدموا بممارساتهم الدليل على صوابية هذه الوسيلة». وكشف السنيورة عن وجود 74 مشروع قانون يرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري تسلمها (لعدم اعترافه بشرعية الحكومة السابقة التي أقرتها)، معتبرا أن ما قاله الرئيس بري لـ«الشرق الأوسط» أخيرا عن أنه توصل الى ما وصفه بأنه «حيلة شرعية» بتحويلها الى اقتراحات قوانين أمر لم يحصل. وفي ما يأتي نص الحوار:

* ما هي رؤيتك للوضع العربي على أعتاب القمة العربية؟

ـ الوضع العربي يواجه اختلافات في الرؤى والمقاربات، ومن جهة ثانية هناك فرصة ونافذة فتحها خادم الحرمين الشريفين بمبادرته نحو الابتعاد عن المنازعات والخلافات والتأكيد على أهمية المعالجات من خلال الحوار والتلاقي من أجل التمكن من أن تستطيع هذه الدول العربية أن تكون على قدر هذا الكم الكبير من المشاكل التي نعاني منها والآتية في الفترة المقبلة، سياسية أم اقتصادية واجتماعية. ولا شك في أن استمرار الخلافات العربية لن يضعف العرب فحسب، بل أنه لن يمكنهم من أن يكونوا شيئا في هذه الأوضاع الحرجة والدقيقة التي يواجهها العالم ومنطقتنا بالذات. وأيضا المشاكل التي يجلبها استمرار التعنت الإسرائيلي، الذي يتجه نحو الاكثر تطرفا كما شهدناه من خلال الانتخابات الإسرائيلية، وبالتالي عدم الاكتراث بالخطوة الهامة التي تقدم بها العرب وهي المبادرة العربية للسلام التي ما تزال على الطاولة منذ نحو 7 سنوات.

الوضع العربي مشرذم وهو يتواجه مع بعضه، والظروف في المنطقة والعالم تعززه، وعلينا أن نعرف كيف نواجهه ونقارب المشاكل بطريقة ايجابية، فهناك قضايا قد نكون قادرين على أن نضع لها رؤى واحدة، وأشياء أخرى ربما قد لا نكون متفقين على وجهة المعالجة فيها. لكن هذا لا يعني أن معالجتها تكون إما عداوة كاملة، أو ننام جميعنا في سرير واحد. علينا أن نطلق تفكيرا جديدا وآلية جديدة تجعلنا قادرين على أن نرى ما هي المصلحة ونطور ما لسنا نمتلك حوله رؤى واحدة باتجاه تكوين هذه الرؤى.

القمة هي أولا خطوة جيدة فيها النافذة العربية التي أطلقت، وفيها أيضا الرغبة في أن يكون هناك منطلق لإعادة الاحتضان لدولنا العربية، كالخطوة التي قام بها جلالة الملك باتجاه سورية وقطر ودول عربية اخرى، وأيضا يجب أن تكون هناك خطوة أخرى هي التنبه الى دور مصر، الدولة العربية الكبرى التي يجب أن يكون واضحا لدينا أنها تلعب دورا كبيرا في التضامن العربي والعمل المشترك، وبالتالي يجب أن يكون هناك مسعى حقيقي من أجل الاحتضان والتوجه نحو المعالجات. فلدينا أوضاع ملحة في عالمنا العربي كما في السودان أو في الصومال الآن، أو في موضوع الضفة الغربية واستمرار إسرائيل في توسيع المستوطنات أو في طرد أهل القدس، حتى أنها لم تستطع أن تتحمل فكرة تسمية القدس عاصمة للثقافة العربية بما يعطي فكرة واضحة عن مدى العنصرية التي تتحكم بها، وأيضا التهديد الذي تمثله إسرائيل للبنان والضفة الغربية وغزة، واستمرار عربدتها في الأجواء اللبنانية والامتناع عن الانسحاب من مزارع شبعا وإخلاء القسم الشمالي من بلدة الغجر وإعطاء لبنان خرائط الألغام والقنابل العنقودية التي دفع فتى صغير احدى ساقيه ثمنا لها منذ أيام قليلة. هذه الأوضاع تحتاج الى مقاربة مترفعة ورؤيوية على نسق ما قامت به المملكة العربية السعودية في القمة العربية في الكويت، وهذا الدور يجب أن يفعَّل. وبالإضافة الى كل هذا الكم من المشاكل السياسية، هناك كم هائل من القضايا الاقتصادية والمعيشية والحياتية والاجتماعية. نحن نواجه خطر الإرهاب الذي يتعاظم بسبب حال اليأس والقنوط التي يعاني منها المجتمع العربي نتيجة عدم التوصل الى حلول للمشكلة الفلسطينية المستمرة منذ 60 سنة التي تتفاقم وتؤدي الى مزيد من التشكيك في جدوى الاعتدال العربي. لدينا مشاكل اقتصادية كبيرة جدا تتمثل بالأزمة العالمية المستفحلة والتداعيات التي تركتها على الواقع العربي كالركود الاقتصادي، قد تكون هناك دول عربية قادرة على استيعاب ما حصل من أزمة ومواجهتها – ولو بصعوبة – فهناك دول عربية أخرى غير قادرة على المعالجة اذا لم يكن هناك عمل عربي مشترك. نحن بحاجة الى خطوات عملية من أجل معالجة هذه القضايا. علينا أن نخلق فرص عمل للناس، أنا أرى أن مجتمعنا العربي بحاجة الى 100 مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات الـ20 المقبلة، وهذا لا يتم إلا من خلال النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإعادة فتح أسواقنا العربية على بعضها. هناك كم هائل من المشاكل والتوجهات أمام هذا المؤتمر، وبقدر ما عليه التشجيع على ضم الصفوف والابتعاد عما يفرق سياسيا، عليه أن يكون عمليا وواقعيا، وأن يدرك ان الامور لا تحل بكبسة زر، وعليه التوجه نحو معالجات واقعية وموضوعية، بأن لا «نخربط» ما نتفق عليه ونقحمه في أمور نحن مختلفون حولها، فلنفصل الاقتصاد عن السياسة وأن نفتح تجارتنا على بعضنا، وكذلك شوارعنا وطرقاتنا وانشاء شبكة نقل بري وبحري فعالة بين الدول العربية. فهذه الاختلافات عابرة وما يجمعنا أكثر بكثير، وهناك آية قرآنية كريمة تقول: «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض». ما يبقى هو ربط المصالح الاقتصادية العربية، أما الخلافات فهي آيلة الى الزوال مهما طال أمدها. * تحدثت عن محورية الدور المصري وأهمية الالتفات إليه، فهل يمكن أن تعتبر أن غياب الرئيس حسني مبارك عن القمة انتكاسة لجهود المصالحة؟

ـ درجت في حياتي على النظر إلى كيفية استيلاد الفرصة من المشكلة. لدينا مشكلة الآن، وعلينا أن نبحث عن الحلول المناسبة، ولهذا دعوت للارتفاع إلى مستوى المشاكل التي نواجهها في العالم العربي والالتفات الى مصر والدور الذي يمكنها القيام به في هذا الشأن. وهذا ليس تقليلا من أهمية دور أي دولة عربية. قد يحاول البعض أن يقول إنها انتكاسة، لكني أقول ان هذا يعني أنه علينا أن نزيد من قوة محركاتنا لحل المشكلة.

* لبنان اعتاد أن يدفع ثمن التشتت العربي.

ـ نحن أكثر الدول استفادة عندما يسود التعاون العربي ونكون عندها في أحسن حال، لكننا نكون في أسوأ حال عندما تسود المشاكل، لأننا المكان الذي تتم فيه التجاذبات، ويكون التجاذب على أرضنا وبنا وعلينا. مصلحتنا تكمن في التعاون العربي. ونحن لا نريد أن نكون على طاولة الخلافات العربية. نود أن نلعب دورا في التوفيق بين الدول العربية، وأن نسهم في حل الخلافات وجمع العرب. * في هذه الحال، هل تؤيد نظرية (س.س) التي يطرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يرى أن الحل اللبناني يتم عبر التعاون السوري – السعودي؟

ـ هي نظرية العلاقات العربية، فماذا عن مصر وسورية؟ مصر وسورية والسعودية دول مهمة، وأيضا العراق والإمارات والأردن والكويت....

* نحن نتكلم عن تأثير هذه العلاقات على الوضع اللبناني! ـ حتما، على مدى العقود الماضية كانت تلعب هذه الدول الثلاث دورا في ضمان الاستقرار وفي إيجاد التوازنات والتهدئة، والابتعاد عن جموح أي طرف في علاقاته مع لبنان. نحن لدينا مصلحة شديدة في لبنان أن تكون علاقاتنتا جيدة مع مصر والسعودية وسورية والعراق، وان يسود بينها التوافق. ولدينا مصلحة شديدة في أن نبني معها علاقة قائمة على الاحترام الحقيقي، وأن تكون علاقاتها جيدة في ما بينها حتى لا ندفع الثمن.

* هل تعتقد أن التوافق إذا حصل، سينعكس إيجابا على الوضع اللبناني؟

ـ نعم، أعتقد ذلك. التوافق أمر مفيد جدا للبنان. وهذه من أولويات السياسة اللبنانية.

* كيف تقيّم العلاقة مع سورية بعد بدء العلاقات الدبلوماسية؟

ـ أعتقد أن قيام العلاقات الدبلوماسية خطوة هامة، تصور أنه بعد مرور أكثر من 6 عقود على استقلال لبنان يتم التبادل الدبلوماسي، وهذا من الأمور التي استطعنا تحقيقها، والتي عملت عليها هذه الحكومة، وعمل عليها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. أنا أول من طرح موضوع العلاقات الدبلوماسية في أواخر عام 2005، وقد اعتبر حينها من المحرمات. إن ما حققناه الآن، هو انجاز لبناني وعربي، لأن كل عمل يؤدي الى توضيح العلاقة بين لبنان وسورية ويجعلها قائمة على الاحترام المتبادل والندية ويضعها على السكة الصحيحة يسهم في تنظيم العلاقات العربية – العربية.

* هل تلمسون رغبة سورية في تحسين العلاقات بين البلدين في ضوء كلام عن وعود سورية أعطيت لدول كبرى حول تمرير الانتخابات النيابية بهدوء؟

ـ لا أريد أن أعمل على النوايا. الحكومة تعمل على أساس ما يمكن تحقيقه، وما يجب تحقيقه. إجراء الانتخابات أمر ضروري جدا، وهذا هو هم الحكومة الحالية، وكذلك الحكومة التي سبقتها. وهناك مصلحة لجميع الأطراف أن تتم الانتخابات وأن يحرص الجميع على أن تتم بهدوء ودون مشاكل وعدم الانجرار الى «العنف الكلامي» الذي لا مصلحة لأحد فيه. نحن نلتزم إجراء الانتخابات بشفافية عالية، وسنعمل من أجل أن تواكب الهيئات العربية والدولية هذه الانتخابات وأن يصار الى إعادة تشكيل مؤسساتنا الدستورية، وأنا أتطلع بفارغ الصبر الى تسليم الأمانة إلى المجلس النيابي والحكومة التي سيصار الى تأليفها بعد الانتخابات.

* ما هي الخطوة – أو الخطوات – اللاحقة التي يجب قيامها في العلاقة مع سورية؟ ـ هناك قضايا عديدة متبقية لوضع العلاقات على الطريق القويم، كموضوع ترسيم الحدود والمعابر بما يسهل عملية الانتقال بين البلدين ويمنع في الوقت نفسه العبور غير الشرعي للأشخاص والبضائع. وهذا يشجع على مزيد من العلاقات الأخوية والاقتصادية بين البلدين. وللبنان – كما لسورية – مصلحة في كل عمل من شأنه تعزيز العلاقات بين البلدين. واي أمر يؤدي الى مزيد من التجذر في العلاقة بين البلدين، والمزيد من الثقة بينهما أنا معه من دون تحفظ. لا نريد أن نكون – ولا يجوز أن نكون – مصدر قلق بالنسبة الى سورية، والعكس صحيح. ولا نريد أن نكون شوكة في الخاصرة السورية. على مقربة من هنا (ساحة رياض الصلح في وسط بيروت) نجد ساحة باسم رجل عظيم من رجالات الاستقلال اللبناني الرئيس الصلح الذي قال: «لا نريد أن يكون لبنان ممرا للاستعمار ولا مقرا»، ونحن أيضا لا نريد هذا الامر. ويجب أن تطمئن سورية وأن تتعامل مع لبنان وتعتاد كونه بلدا مستقلا وشقيقا.

* أمل تعتد بعد؟

ـ هذا الأمر طبيعي ويجب أن نأخذه في عين الاعتبار.

* تتحدث عن شوقك إلى تسليم الأمانة إلى حكومة أخرى، بلهجة من يقول إنه لن يقبل تولي رئاسة الحكومة مرة ثانية، فهل هذه نهاية العمل الحكومي بالنسبة إليك؟

ـ شوقي لكي أسلم الأمانة حقيقي وبكل معنى الكلمة. ما أريده في الداخل أعرفه، لكني لا أريد ان اقفل أي باب، لأنني لا أعرف ما ستكون عليه الظروف. أنا أعرف أن هناك حقيقة أساسية هي أنه عندما تحصل الانتخابات يصبح الأمر بيد مجلس النواب الذي يتخذ القرار، وهذه هي العملية التي ينص عليها نظامنا الديمقراطي وعلينا أن نحترمها، وأن يكون هناك دائما تجديد لمؤسساتنا وأن يكون هناك ضخ لدماء جديدة في عروق هذا البلد.

* تقول كل هذا الكلام، وما زلت تمتنع عن الإفصاح عن رغبتك بعدم الاستمرار، وهي رغبة واضحة! ـ (مبتسما) لا جواب.

* فلنفترض أن قوى «8أذار» فازت في هذه الانتخابات، وعرضت «الشراكة»، فهل سترضى بأن تكون رئيسا للحكومة في ظل أكثريتهم؟

ـ هذا موضوع سابق لأوانه، لكني أقول إن من المهم ممارسة النظام الديمقراطي. من الممكن قيام حكومة وحدة وطنية وهذا أمر مرغوب فيه، لكني أقول إنه يجب التخلي عن فكرة «الثلث المعطل» فهي فكرة فشلت. والذين يدافعون عن هذه التجربة، لم يقدموا بممارساتهم الدليل على صوابية هذه الوسيلة. يجب أن يكون في الحكم أكثرية تتحمل المسؤولية وتحاسب على ما قامت به. في الحكومة الماضية، كنا في شراكة من دون ثلث معطل، وهي تجربة غنية استمرت نحو عام ونصف العام لم يحصل خلالها أي عملية تصويت لحسم أي قضية سواء في القضايا التي تتطلب أغلبية الثلثين أو الأغلبية العادية، فالأمور كانت تبت بالتوافق دونما حاجة الى «التعطيل» ما خلا موضوع المحكمة الدولية الذي عطل هذه التجربة، وهذا موضوع له ملابساته الخاصة. نحن مع حكومة وحدة وطنية شرط أن لا تعطل السلطة الإجرائية.

* الوزير السابق سليمان فرنجية يقول إن المعارضة ستخوض الانتخابات تحت شعار «محاسبة السنيورة وفريقه»...

ـ أمر جيد * هل تخشى الحساب؟

ـ أنا رجل ديمقراطي حتى العظم.

* وهل ستكون طرفا في هذه الانتخابات، وهل ستكون مرشحا فيها؟

ـ هذا أمر سابق لأوانه أيضا، لكنك استدللت من كلامي ما أرغب فيه.

* هل مبدأ المشاركة في الانتخابات هو السابق لأوانه الكلام عنه، أم مكان الترشيح؟

ـ (ضاحكا) المبدأ.. إنه المبدأ.

* ماذا تنتظر؟

ـ من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.

* أيام قليلة تفصلنا عن موعد إقفال باب الترشيحات؟

ـ 10 أيام هي مهلة طويلة... هي 240 ساعة.

* متى ننتظر القرار؟

ـ إن شاء الله.

* تفكر فيه بشكل جدي؟

ـ طبعا.

* نعود للثلث المعطل، فهو المسؤول بنظركم عن تعطيل الموازنة العامة حتى الآن...

ـ وزير المال اقترح شيئا ما في هذا الخصوص، وأعتقد أن المسألة في طريقها الى المعالجة.

* ماذا عن مشاريع الموازنات السابقة للأعوام 2006 و2007 و2008 التي يرفض الرئيس بري تسلمها لعدم اعترافه بشرعية الحكومة آنذاك؟

ـ هذا أمر يحتاج الى حل. وقد طرحنا على الرئيس بري حلولا، وبالتالي الأمر بيد مجلس النواب وهيئته العامة.

* وهناك مشاريع أخرى..

ـ 74 مشروعا يرفض تسلمها.

* ألم يقر منها أي شيء؟

ـ كلا.

* لكن الرئيس بري قال لـ«الشرق الأوسط» أخيرا إنه توصل إلى ما وصفه بأنه «حيلة شرعية» بتحويلها الى اقتراحات قوانين وقد باشر بتمريرها؟

ـ هو أمر تختلف النظرة إليه. هو يراها حيلة شرعية، ونحن نراها غير شرعية.

* ما هو الحل، هل هناك من مساع لذلك؟

ـ لا يوجد أي شيء. هذا أمر يجب أن تقرره الأكثرية، وأن تحسم أمرها بشأنه.

* هي مؤجلة إلى...

ـ ربما تكون مؤجلة إلى المجلس النيابي الجديد..

* إلى أي مدى يمكن أن يؤثر صراع القوى في لبنان على ملف المحكمة ذات الطابع الدولي؟

ـ قطار المحكمة الدولية غادر المحطة، هناك قضايا يمكن أن تثار كقضية مذكرة التفاهم أو غيرها، لكن المحكمة أصبحت حقيقة، وهي ليست وسيلة للانتقام أو وسيلة لتوجيه الاتهامات نحو أشخاص أو فئات أو دول. المحكمة بالنسبة إلينا هي وسيلة لإحقاق العدالة ولأن يتوقف لبنان عن كونه مكانا لارتكاب الجرائم والإفلات من العدالة. لبنان عاني خلال العقود الثلاثة الماضية من الاغتيالات السياسية ويجب أن يصار الى التصدي لها.

أمامنا الآن مرحلة انطلاق المحكمة، ونحن أوكلنا الى المحكمة القيام بهذا العمل، ولدينا كل الثقة بموضوعيتها وحياديتها. وأي قرار يصدر عنها نحن نقبله بطيبة خاطر. * ما هي الخطوة الثانية في هذا المجال؟

ـ من الطبيعي أن يرفع الجانب اللبناني يده عن هذا الملف وأن يسلم الملفات والمحتجزين.

* تقول المعارضة إنها إذا فازت في الانتخابات فستكون شفافة وتخبر اللبنانيين عن «الكارثة الاقتصادية»، فهل هناك كارثة ما تخفونها عنهم ؟

ـ الحكومات التي شاركت فيها كوزير للمال، أو كرئيس للحكومة، كانت لديها درجة عالية من الشفافية والإفصاح والتنبيه. وأكبر دليل على ذلك ملف رفع الضريبة عن الوقود التي يطالبون بها، والتي تعني خسارة الخزينة مبلغ 800 مليون دولار سنويا أي دين إضافي على الدولة، فهل هذه ممارسة مسؤولة. علما أن الوقود ما يزال ارخص بثلاث مرات عنه في سورية بينما مستوى المعيشة في لبنان أعلى مما هو في سورية بثلاث مرات على الأقل. كما أن هذه الحكومات كانت كمية المعلومات التي تنشرها غير مسبوقة في تاريخ لبنان، ونحن أيضا اول مجموعة بتاريخ لبنان قالت باعتماد مدققي حسابات مستقلين. وهناك مشروع قانون أرسلته الى مجلس النواب منذ زمن طويل للتدقيق في حسابات الدولة منذ عام 1993 وحتى الآن. فهل من يقوم بهذا العمل لا يريد أن يكون شفافا؟

* إلى أي مدى يتأثر لبنان بالأزمة الاقتصادية؟

ـ استطعنا بحنكتنا ورصانتنا المالية والنقدية والمصرفية، والتعاون بين الحكومة ومصرف لبنان والقطاع المصرفي، أن نبقي لبنان بمنأى عن الأزمة، لكن لا مفر من التأثر بتداعياتها وأبرزها الركود الاقتصادي. ولذلك اقترحت على مجلس الوزراء بعض المعالجات الاقتصادية الاستباقية، وكذلك سأرسل مشروعا يتعلق بالتنمية في لبنان. وهذه كلها أمور تجعل من عملية «الهبوط» غير كارثية، استعدادا لاستيعاب الأزمة والانطلاق مجددا من خلال عمل القطاعين العام والخاص.

* سؤال «اقتصادي» أخير، إذا قررت الترشح للانتخابات، فهل سيكون ذلك في صيدا، أم في بيروت؟

ـ ربما أعطيكم حديثا آخر....