القوات الأمنية تحاصر الفضل وتمهل «الصحوة» ساعات لتسليم أسلحتهم

أهالي المنطقة يبدأون بالنزوح خشية تجدد الاشتباكات.. ووجهاؤها يتفاوضون لـ«تهدئة النفوس»

جنديان عراقيان خلال فرض طوق أمني على منطقة الفضل إثر المواجهات التي نشبت بين القوات الأمنية و«الصحوة» أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي تحاول فيه بعض العائلات في منطقة الفضل، وسط بغداد، والقريبة منها مغادرة أماكن سكناها، أمس، خوفا من امتداد العمليات المسلحة بين القوات الأمنية العراقية وقوات «الصحوة»، أكد شهود عيان استمرار المواجهات بين الطرفين، فيما تمشط الأجهزة الأمنية المنطقة بحثا عن مطلوبين.

وأكد عدد من سكان منطقة الفضل وقنبر علي وأبو سيفين أنهم غادروا للسكن مع أقاربهم في شارع فلسطين وأماكن أخرى من بغداد، بعد العمليات التي شهدها شارع الكفاح وتحديدا في الفضل اثر اعتقال قائد الصحوة ومساعده فيها أول من أمس.

وكانت تطورات أمنية قد شهدتها المنطقة إثر اعتقال عادل المشهداني ومساعده، بتهمة الإرهاب من قبل قوات أمنية عراقية، وقال قاسم عطا، المتحدث باسم خطة فرض القانون في بغداد، إن القوات الأمنية اعتقلت المشهداني ومساعده بتهمة «الإرهاب». واندلعت اشتباكات مسلحة في العاصمة العراقية لم يشهد لها مثيل منذ أكثر من عام، إثر رفض عناصر الصحوة اعتقال قائدهم المشهداني، وتحدثت مصادر أمنية عن أسر خمسة جنود عراقيين في تلك الاشتباكات، وان عناصر الصحوة طالبوا مقايضة الأسرى بالمشهداني.

ومن جانبه، اجتمع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، مساء أول من أمس، مع كبار الضباط والقادة في وزارتي الدفاع والداخلية لمناقشة آخر التطورات الأمنية في البلاد، وفي العاصمة بغداد بشكل خاص.

وأصدرت وزارة الداخلية العراقية بيانا لاحقا أكدت فيه، أن المشهداني ومساعده قد اعتقلا من قبل قوة من لواء الرد السريع في الوزارة وبمساندة اللواء 43 من وزارة الدفاع، وانه كان بحوزتهما أسلحة وأعتدة.

وأكد البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن ما حصل هو «استمرار في الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية، والهادفة إلى تعزيز الأمن والاستقرار في بلدنا عن طريق ضرب الأوكار الإرهابية كافة، وكل من يحاول المساس بأمن واستقرار العراق واستناد إلى معلومات استخبارية».

غير أن عدد من وجهاء الفضل نفوا تلك التهم عن المشهداني ومساعده، وقال الحاج منذر لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي، إن «المشهداني وقدوري، هما من جعلا منطقة الفضل تشعر بالأمن والأمان، بعد أن سيطرت «القاعدة» عليها قبل حوالي العامين»، مؤكدا أن «المشهداني قاد الكثير من جولات المصالحة بين المناطق في بغداد، وهذا الأمر لم يرق للكثير ممن يخشون المصالحة بين أبناء الشعب»، حسب قول الحاج منذر. ومنطقة الفضل هي واحدة من المناطق التي تقع ضمن شارع الكفاح الذي يمتد من الباب المعظم، وسط بغداد، إلى الباب الشرقي وقد غير اسمه من قبل أمانة بغداد إلى شارع الملك غازي، ويقع ضمن هذا الشارع مناطق باب الشيخ والصدرية والكولات والقشل وأبو سيفين وقنبر علي وساحة زبيدة والفضل حسب التسلسل.

وقد دارت معارك طاحنة قبل حوالي العامين في عدد من مناطق هذا الشارع، راح ضحيتها العديد من المدنيين، ثم تسلمت القوات الأمنية العراقية بمساعدة القوات الأميركية مسؤولية تطهير المناطق من المسلحين والميليشيات لتبثق بعدها تشكيلات الصحوات في هذه المناطق، وتسلم مسؤولوها امن تلك المناطق وكان من بينهم المشهداني.

وقال الشيخ هشام النعيمي، رئيس مجلس شيوخ عشائر الفضل واحد أهم وجهائها وصاحب مرقد الشيخ كمر، إنه يدير عملية اسماها بـ«تهدئة النفوس» والتوصل إلى حل سلمي من اجل ألا يسقط ضحايا أبرياء في هذه العملية.

وأكد الشيخ النعيمي لـ«الشرق الأوسط»، أنه يجلس في مركز شرطة باب الشيخ ليدير العمليات من هناك، وانه يجري اتصالاته مع الصحوات في منطقة الفضل وأطراف في الحكومة العراقية ولجنة المصالحة فيها.

وقال النعيمي إن «التقارير التي تداولتها وسائل الإعلام حول اختطاف خمسة من الجنود العراقيين، في محاولة للمساومة بهم على المشهداني ومساعده، غير صحيحة وعارية عن الصحة»، وأضاف موضحا، أن «الذي حصل هو أن عددا من الجنود العراقيين كانوا بالقرب من أحد محلات الحلاقة، وقد دخلوا إلى أحد الأماكن بعد تبادل إطلاق النار، اثر اعتقال المشهداني ومساعده، وقد خرجوا من نفس المكان ولم يتم اختطاف أي احد منهم».

وأكد النعيمي أن جهوده أوقفت إطلاق النار الآن، ولكن العائلات تغادر أماكن سكناها خوفا من تطور الأحداث، وطالب الحكومة العراقية بمحاولة «تهدئة الأمور وعدم زج الأهالي في عمليات عسكرية أو محاولات لفرض سلطة القانون»، مؤكدا انه «مع شيوخ العشائر مع القانون ومع إلقاء القبض على أي مطلوب للعدالة، ولكن ليس بالطريقة التي تمت في منطقة الفضل، ففيها الكثير من الاستفزاز لمشاعر الأهالي».

وقال مسؤول محلي، رفض نشر اسمه، إن القوات الأميركية والقوات العراقية طوقت المنطقة بأكملها، وأضاف، «نحن في سجن. لا يمكننا الخروج أو الدخول. الأسر تحاول المغادرة والجيش العراقي يعتقل الرجال منها».

ومن جهته، قال ماجد جمعة، المسؤول الأمني لبلدية الرصافة، لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الأمنية أعطت مهلة لكافة عناصر الصحوة، حتى الساعة 12 من ظهر أمس، لرمي أسلحتهم، وإلا ستتم مداهمة منازلهم، وأضاف جمعة، إن العملية التي نفذتها قوات الأمن لاعتقال المشهداني «لم تكن موفقة من ناحية التوقيت، سيما أن البلاد تعيش أجواء مصالحة واستقرارا امنيا نسبيا». وسلم عناصر تابعون لصحوة منطقة الفضل في وسط بغداد أسلحتهم، بعد مطالبة قوات عراقية وأميركية بذلك، وطالبت القوات الأميركية عبر مكبرات الصوت تسليم الأسلحة، مؤكدة أن «كل من يواصل الاحتفاظ بالسلاح بعد انتهاء المهلة المحددة يعتبر إرهابيا».

و أعلن اللواء قاسم عطا، المتحدث باسم عمليات بغداد، توجيه تهمة قيادة الجناح العسكري لحزب البعث المنحل، إلى المشهداني. وأضاف، أن «المشهداني متهم أيضا، بالخروج على القانون، إضافة إلى ارتكابه جرائم قتل بحق الأبرياء».