موسى لـ «الشرق الأوسط»: الورقة السعودية المقدمة لتنفيذ ما ورد في وثيقة العهد والوفاق

قال: السودانيون أخبروني بأن هناك صلحا وتنمية في دارفور وأنهم مستمرون فيه * ما زلت أدعو للحوار مع إيران.. وأحاول التواصل لتطبيقها مع القادة العرب

عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات والشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني خلال استقبال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في مطار الدوحة الدولي (رويترز)
TT

كشف الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» عن وجود نتائج مهمة للمصالحة والوفاق العربي بشكل شامل وأكد أن قمة الدوحة سيكون لها بصمات واضحة لإنهاء كل ما يعوق العمل العربي المشترك. وأوضح أن الورقة السعودية المقدمة إلى القمة تركز على تنفيذ ما ورد في وثيقة العهد والوفاق والإسراع في اتخاذ كل الإجراءات التي تقوي الموقف العربي الموحد حيال كل القضايا المصيرية في المنطقة. وقال إن لجنة مبادرة السلام العربية سوف تبحث بشكل مكثف كل ما يخدم السلام من حيث التحرك مع المجتمع الدولي أو وضع البدائل في حال رفض إسرائيل لمبادرة السلام العربية، مؤكدا أن ما حدث من اختراق لسيادة السودان أو أي دولة عربية هو بسبب الاستضعاف العربي. وأضاف أن العرب ليسوا ضعفاء وإنهم بحاجة إلى وحدة موقفهم وتضامنهم وإدارة الخلافات بما لا يؤثر على المصالحة العربية ورفض التدخلات الخارجية، مشيرا إلى أن السودانيين أخبروه بأن هناك صلحا وتنمية في دارفور وأنهم مستمرون فيه. وأضاف أنه ما زال من دعاة الحوار مع إيران، وأنه يحاول التواصل لتطبيقها مع القادة العرب. وفي ما يلي نص الحوار.

* كيف ترى الورقة السعودية التي طُرحت لدعم المصالحة العربية؟ وهل نحتاج لآلية عمل لتحقيق الوفاق العربي؟ - الورقة السعودية تتحدث عن تنفيذ وثيقة العهد والوفاق التي طرحتها السعودية منذ قمة تونس عام 2004، والتأكيد على الإسراع في اتخاذ خطوات معينة في هذا الإطار، التي ترتبط بالمصالحة.

* وما ردك على مقترحات تعرضت لها الاجتماعات الوزارية حول وضع آلية لتنفيذ الوفاق والمصالحة؟ - توجد آليات قائمة، وتنص عليها وثيقة العهد والوفاق.

* هل تقصد القمم العربية المصغرة؟ - القمم العربية المصغرة هي جزء من هذه الآلية.. واليوم أصبحت هذه القمم مطلوبة أكثر من أي وقت مضى. وإضافة إلى ذلك هناك آليات لفض المنازعات والتنبؤ بها، ومعالجتها في حينها، في إطار مجلس الأمن والسلم العربي. وكل هذا يجب إحياؤه.. وصحيح أن الأمور قد تجاوزت كل ذلك خلال الشهرين الماضيين، ولكن الأمل أصبح معقودا الآن على مبادرة خادم الحرمين الشريفين ومتابعتها وان تكون عملية المصالحة شاملة أي لا فرق فيها بين مشرق ومغرب وجنوب وشمال. وفى الوقت نفسه نتحدث بأن مثل هذه الخلافات لا يصح أن تؤدي إلى وقف التضامن، وإنما يجب أن نتضامن في إطار مواقف معينة، بصرف النظر عن الخلافات. وننتقل إلى الموضوع الثالث المرتبط، وهو إدارة الخلافات. ويجب أن نعمل على حسن إدارة الخلافات وحماية التضامن والوصول إلى المصالحة.

* ألا ترى أن كل ذلك متصل بالأمن القومي العربي والتحديات بالغة الخطورة التي تتعرض لها المنطقة العربية؟ - هو متصل بكل شيء.. وهذا يحتاج منا أن نواجهه..

* اتصالا بموضوع المصالحة.. لم نسمع عن وجود تحرك ما في اتجاه المصالحة السعودية الليبية. هل ستحدث؟

- هذا سوف يأتي.. ويجب أن يأتي، لأن المصالحة ليست بين دولتين بعينهما، أو ثلاث دول بعينها، ولكن المصالحة يجب أن تشمل كل العالم العربي مشرقا ومغربا وجنوبا وشمالا.. - هل تتوقع هذا في قمة الدوحة؟

* ولم لا.. - كانت بالأمس جلسة عمل لوزراء الخارجية حول عملية السلام.. هل أسندت مهام أخرى للجنة المبادرة العربية للسلام، وهى كما تشير المعلومات، تتعلق بالبحث عن بدائل والإعداد لها، في حال رفض إسرائيل للمبادرة العربية؟

* ضروري سوف نفكر في كل الخيارات المفتوحة بالنسبة للسلام.. - هل تعتقد أنه على العرب أن يتوقعوا كوابيس في ظل وجود حكومة (إسرائيلية يمينية) تضم نتنياهو وليبرمان؟

* أنا لي رأى مختلف.. الحكومة القائمة هي حكومة كاديما. فعلت كل شيء من أجل تعطيل عملية السلام. أطلقت حربين، واحدة في لبنان 2006 وواحدة في غزة 2008. وكثفت من وتيرة تغيير المعالم الجغرافية والتركيبة السكانية للأراضي المحتلة ببناء المستوطنات. وأمعنت في إجراءات الحفريات وتهويد القدس.. إنها تتحدث عن السلام وعن عملية السلام. كان حديثا خادعا مخادعا، لأن المفاوضات التي جرت مع «(الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن» هو نفسه قال إنه لم يحدث شيء، والمفاوضات لم تؤد لشيء.. يجب أن نكون على وعي بأن حكومة كاديما فعلت كل شيء سلبي فيما يتعلق بالسلام وظروفه. - وكيف تتوقع التعامل مع حكومة الليكود المقبلة؟

* السيناريو المقبل نتائجه ستكون نفس الشيء. هو (حكومة نتنياهو) يمكن تقول أنا لا أريد أن أتفاوض. قارن هذا بالتفاوض الفاشل. لا يريد أن يتفاوض شيء وأن يتفاوض لإضاعة الوقت هذا على الأقل شيء أنكى. إذا كان هناك من يريد التفاوض، عليك أن تتعامل معه، أما أنك تظل تخدع بأن هناك تفاوضا فهذا شيء أضر بالمصلحة العربية أكبر ضرر. بل إنه بذر بذور التفرقة بين العرب، لأن هناك من صدق أن هناك تقدما وقال لنعطه فرصة. إنما ثبت بعدما وصلنا للنهاية أنه لم يكن هناك أي تقدم، ولم يكن للحكومة الإسرائيلية الحالية التي ستغادر بعد أيام أو أسابيع أي دور في السلام بل بالعكس كان دورها تعطيله.

- كيف يتعلم العرب الدرس. وكيف يتعين عليهم التعامل مع حكومة نتنياهو؟

* مفروض على هذه الحكومة أن تطرح علينا مواقفها من المبادرة العربية، ومن السلام، ومن الاستيطان بصفة خاصة.. ومن استخدام القوة ضد العرب، وبالذات ضد سكان الأراضي المحتلة الذين عانوا معاناة هائلة في ظل الحكومة الحالية. - ما يحدث في السودان، والهجوم الأميركي والإسرائيلي على شرق السودان.. إلى متى يشاهد المواطن العربي اختراقات للدول العربية من الغرب وإسرائيل، التي تؤشر لضعف خطير أصاب العالم العربي؟

* ما حدث دليل على ضعف واستضعاف العالم العربي. وهذه مسألة يجب أن نعيها جيدا.. أن ضعف العالم العربي سيكون نتيجته الاستمرار في هذا، والمزيد منه. ونحن لسنا ضعفاء، وإنما استُضعفنا لأننا لم نقم بواجباتنا، ولم نتبع السياسة الضرورية، التي تجعل العالم العربي وحدة واحدة في مواقفه. ويجب الانتهاء والإسراع للخروج من حالة الاستضعاف. - ما هي أدوات وقف الاستضعاف العربي؟

* لو تضامنت كل الدول العربية في موقف واحد إزاء مشكلة واحدة، وتوقف الاعتماد على، أو قبول، تأثير الأصابع الأجنبية، لن يكون هناك استضعاف للعرب. - من بين المظاهر السلبية في أداء العمل العربي الصراع على الأدوار وتلاشي ظاهرة العمل الجماعي العربي في مجمل الملفات العربية؟

* تقصدين أن هناك التباسا في العمل العربي المشترك، وفى المواقف العربية، ولذلك هناك ثلاثة عناوين يجب التعامل معها (المصالحة – التضامن – إدارة الخلافات)، وهذه العناوين يجب أن تترابط مع بعضها بعضا، كما أنها إذا ما تحققت توقف الاستضعاف العربي وتوقف الكلام الذي لا لزوم له، وهناك أدوار طبيعية، وهناك أدوار مكتسبة، وهناك أدوار متطورة، وهناك عالم جديد، ويجب أن نعي هذا.

- من المؤكد أن الورقة التي تطرها على القمة، وتتضمن 12 نقطة، تعالج كل هذا الجديد الذي حدثتني عنه. وماذا تقول للرأي العام الذي يقول إن القمم العربية لا تخرج بأي جديد ولا تعالج قضية؟

* أتوقع تطورات مهمة خاصة أننا ناقشنا الورقة التي تقدمت بها وتم مناقشتها خلال اجتماعات وزراء الخارجية وستناقش في القمة اليوم، ولكن في جلسة مغلقة.. والورقة الثانية تتعلق بالمصالحة والورقة الثالثة خاصة بالمشكلة الحالة، وهى السودان، وورقة رابعة تتعلق بالموقف من جهود السلام في ضوء الإجراءات أو التوجه الإسرائيلي نحو الاستيطان والإمعان فيه والمماطلة.. - هل نستطيع القول إن السلام العربي ليس شعارا، وكذلك المصالحة، وقرارات القمم العربية، جادة في معالجة الوضع العربي؟

* كل ذلك ليس مجرد شعارات وإلا دمرنا كل شيء.. وبأنه لا يوجد عمل حقيقي. وأنا أقول لا.. هناك عمل حقيقي. ومبادرة الملك عبد الله للمصالحة حقيقية، وأعقبتها اجتماعات وقمم واتصالات وزيارات.. إذن ليست شعارا، وكذلك بالنسبة للسلام.. ليس شعارا. - وماذا عما يردده الشارع العربي بأن قرارات القمم العربية تنتهي بعد انتهاء انعقاد القمة؟

* غير صحيح.. وهذا كلام مرسل وسهل يتحدث به بعض الإعلاميين، وكذلك غير المطلعين والمتابعين.. ولا أحد يسأل ماذا عملنا. ولم يطلع أحد على إجراءات التنفيذ للقرارات. وهذا اتهام غير صحيح. - من بين الاتهامات الموجهة للجامعة وجود تهميش للمغرب العربي كيف ترى ذلك؟

* الحقيقة أن هذا لا علاقة له بالعمل العربي؛ لأنه عندما تكون هناك مشكلة مثل غزة، وكذلك موضوع مثل قضية السودان، لا بد من الاهتمام والمعالجة.. وهذا ليس تفرقة. ونحن ندعو الله ألا تحدث أية مشاكل في المغرب العربي. - أنا أقصد مسألة مشاركة المغرب العربي ومساهمته في مجمل الملفات العربية؟

* بالعكس.. المغرب العربي مساهم، ومشارك، وله دور كبير، وإسهاماته ملموسة في كل الأمور المتعلقة بالعمل العربي المشترك. - ما الذي يميز في تقديرك قمة الدوحة؟

* أولا قمة الدوحة هي قمة سنوية تنعقد بناء على ميثاق الجامعة وتعديلاته بأن تجتمع الدول الأعضاء في الجامعة العربية في شهر مارس (آذار) من كل عام. وتأتى هذه القمة بصفة خاصة في ظروف صعبة يمر بها العالم العربي، ويمر بها الشرق الأوسط، وتمر بها المجتمعات العربية والخليج، ومن هنا تأتى الأهمية والحساسية الخاصة لهذه القمة.

وأهم شيء في هذه القمة طبعا هناك نقاط كثيرة لا بد من مناقشتها لثقلها فيما يتعلق سواء بالعلاقات العربية أو بالاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.. إنما أهم البنود في رأيي سيكون العلاقة العربية العربية والعلاقة الفلسطينية الفلسطينية وموضوع المصالحة والتهدئة وتأكيد المصلحة المشتركة وكيفية التعامل مع موقف دولي غير موات وموقف إقليمي مضطرب وموقف عربي متوتر.

- كيف نتحدث عن مصالحة عربية في غياب الحديث عن تهيئة الأجواء بين الرياض وطرابلس مثلا؟

* المصالحة العربية تعني كل هذا.. فالمصالحة العربية ليست مصالحة بين دولتين أو ثلاث فقط، بل يجب أن تشمل المشرق والمغرب والنزاعات أو التوتر في العلاقات ما بين أي دولتين في المنطقة العربية على اتساعها، ولكن هذا لا يمنع من البداية بدولتين أو نزاع معين. ولكي نصل للخلاصة إن العلاقات العربية العربية أصبحت تعالج بهدف إنهاء التوتر العربي. لا يمكن تحقيق هذا إلا بالتعامل مع كل القضايا الخلافية وليس في المشرق فقط وإنما في المشرق والمغرب، لأن المغرب العربي جزء رئيسي وأساسي من المجتمع العربي والعالم العربي والأمة العربية، ولذلك المصالحة يجب أن تشمل الكل وتكون مسارا أو مسيرة تضع على المائدة كل الخلافات العربية وأسبابها وكيفية علاجها.

- هل من جديد في تطور العلاقات الليبية السعودية؟

* ليس بعد، وإنما هذا أمر مهم.. لا يمكن عندما نتحدث عن الإصلاح بين المملكة العربية السعودية وسورية أو بين مصر وسورية أو مصر وقطر، إلا أن نتعامل بالجدية اللازمة مع العلاقات السعودية الليبية وغيرها.

- صحيفة الشمس الليبية دعت في افتتاحية اتحاد المغرب العربي لقطع ارتباطه بالجامعة العربية كيف ترى هذه الدعوة؟

* لا أعتقد أن الصحيفة تحدثت بموضوعية في هذا الشأن وأعتقد أنه جانبها الصواب. ثم لا أدري إذا كانت هذه الصحيفة هي رسمية أو غير رسمية فأنا مفهومي أن من يكتب يكتب من عقله ومن ضميره، وأرجو ألا يكون ما ظهر معبرا عن سياسة مسؤولة.

- أنت ما زلت من دعاة الحوار العربي الإيراني؟

* نعم هذا موقفي من زمان. وما زلت أحاوله. وما زلت على هذه المواقف في اتصالاتي. وأحاول التواصل لتطبيقها مع القادة العرب.

- كيف ترى الرسائل المتبادلة ما بين (الرئيس الأميركي باراك) أوباما و(المرشد الإيراني الأعلى علي) خامنئي؟

* هذا هو إرهاص بسياسة جديدة. وبالتالي تطرح مسارا جديدا بعلاقة الولايات المتحدة كقوة عظمى، وإيران كطرف أساسي في الكثير من التطورات التي تؤثر في منطقة الشرق الأوسط.

- ومن ثم نعتقد أنه لا ينبغي على العرب ألا ينتابهم الهلع من البرنامج النووي الإيراني مثلا؟

* لا، الموقف كما يلي.. نحن في العالم العربي لا يصح أن نناصر أو نؤيد أي برنامج نووي عسكري لا نحتاجه. ثانيا، وإذا كان لنا أن نتحدث عن برامج عسكرية نووية، وهذه مسؤوليتنا، يجب أن نتحدث أولا عن البرنامج النووي الإسرائيلي. ثالثا أصبح من الثوابت أن إسرائيل لديها برنامج نووي عسكري، ولم يصبح من الثوابت بعد أن إيران أصبح لديها برنامج نووي عسكري. لأن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تقر بذلك. إنما هناك تقارير أخرى تأتي من هذه الدولة أو تلك. وهذه تقارير للعلم. ولكن الذي يبت في ما إذا كان هناك برنامج عسكري أو لا هي الجهات الدولية المختصة، وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهى لم تقل ذلك.. إنما هناك استعدادات واحتمالات. ورابعا أن الأساس هو إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط، يكون كل أعضائها الدول العربية وإيران وتركيا وإسرائيل، فالمسألة تحتاج إدارة مختلفة في هذا الأمر، وليس أن ننطلق بسرعة نحو البرنامج النوى الإيراني، ونعبر عن الانزعاج إلى آخره.. هذه كانت سياسة الإدارة الأميركية السابقة بتخليق غول (البرنامج النووي الإيراني) لإخافة الآخرين منه.. نحن أعقل من ذلك.. الغول هو البرنامج الإسرائيلي.

- ما هي الرسائل التي توجهها للإدارة الأميركية الجديدة؟

* أن الوقت أصبح عاملا حاسما. والأمر الثاني أننا في حاجة إلى الوسيط النزيه من الولايات المتحدة الأميركية. والأمر الثالث أن موضوع الاستيطان رئيسي، وأن يكون هناك سلام، أو لا يكون. وهناك نقاط كثيرة يجب أن توجه، وأنا أقوم بذلك عن طريق الإعلام معكم. - ماذا عن لقائك مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي سيشارك في القمة أيضا؟

* سوف ألتقي به غدا (اليوم) لمناقشة كل القضايا العربية الخاصة بالسودان وفلسطين.

- لا أعلم هل هو سوء حظ في عهدك أن يعتقل رئيس عربي ويلاحق آخر ويهدد ثالث؟

* لا.. هذه أمور لست مسؤولا عنها. وإنما تحاول حماية عائلتك وأفراد أسرتك. موضوع سورية والرئيس (بشار) الأسد منفصل. وهو بصفة خاصة ليس متهما. الجامعة العربية لا تحكم المجتمعات العربية، ولا تتحكم في سياسات الدول العربية التي قد تؤدى إلى ردود أفعال. موضوع سورية منفصل عن الأمرين الأخيرين. فصدام حسين عرفناه وفات. والآن يبقى موضوع السودان (الذي) يتطلب الكثير من العقل والحكمة في التعامل وليس الحدة.. من أجل هذا ذهبت للسودان. وبقدر ما قلت إن نشاطي في لبنان كان واضحا، فإن السودان كان بنفس الدرجة من الاهتمام، كما في لبنان. والسنة الماضية حين أطلق المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية لويس مورينو أوكامبو عريضة الاتهام، كنت أول من زار السودان، واتفقنا اتفاقا مكتوبا على إجراءات تتخذ وأبلغ بها الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.. ثانيا: عملنا مع الاتحاد الأفريقي بشدة لتنفيذ هذه الالتزامات وغيرها. يمكن كان هناك نوع من عدم الثقة في أن هذه الإجراءات سوف تتم من جانب السودان.. الآن أرى أنهم يحاولون إتمامه، وأمامنا باب مفتوح هو وقف هذه الإجراءات لوقت ما.

- هل تعتقد أن الطريقة التي تتعامل بها السودان مع الوضع تتسم بمواقف انفعالية وعاطفية؟

* نعم.. مواقفهم الأولى.. أنت لا تستطيع أن تلومهم على رد الفعل الأولى. ولكن عند التعامل مع القضية دوليا وأفريقيا وعربيا يجب أن يكون لها قواعد. وأرى أن النظام العام للمحكمة يجب أن نسير عليه. وهذا موجود في الاتفاق بين الجامعة العربية والحكومة أنه يجب محاكمة المتهم طبقا لقانون يجرم نفس الجرائم المتهم بها دوليا.. وبالتالي يجب على القانون الجنائي السوداني أن يعدل ليتضمن الإشارة لجرائم الحرب. وهذا موقف أخذته الجامعة العربية منذ سنوات، حيث طلبت من الدول العربية أن تدخل هذا التعديل في قوانينها.. السودان نفسه أدخلها في القوانين العسكرية. وطلبنا منه أن يدخلها في القانون الجنائي. وهى مطروحة الآن على البرلمان السوداني.

- لكن ألا تشعر بأن هناك بطئا في الخطوات التي تتخذها الخرطوم؟

* ربما يكون هناك بطء ما في خطوات الخرطوم وإنما هناك تسارع ما في الخطوات التي تتخذها المحكمة الجنائية. ولكي نكون منصفين للسلام، السودانيون قالوا لي عقدنا صلحا مع الجنوب، وأن هناك صلحا جاريا في دارفور، وأنهم مستمرون فيه.. وقمنا بإجراءات تنمية كبيرة جدا في دارفور، وأصبح هناك 4 جامعات في دارفور، ومئات المدارس في دارفور، ومستشفيات كثيرة.. كل هذا. الحكومة تقول أنا فعلت كل هذا وتعاونت مع الأمم المتحدة وقبلت بقوة دولية بـ20 ألف عسكري. ما هي تحديدا المكافأة ردا على هذا؟ طبعا هم فعلوا كل ذلك. ولذلك نخشى أن التسرع في اتخاذ الإجراءات ضد الرئيس البشير قد يؤدي لتهديد الاستقرار في السودان. وكل ما تحقق من اتفاقات لتحقيق السلام في السودان. ولذلك لا بد من التعامل بحذر شديد سواء من جانبنا أو من الجانب الدولي أو المحكمة نفسها والقوة التي تهتم بها.

- وفى النهاية أنت كأمين عام لست معنيا بالدفاع عن مستقبل رئيس بقدر الدفاع عن مستقبل دولة؟

* ما لزوم التفرقة الآن.. نعم. فمستقبل السودان مهم. وإنما نحن نتحدث عن وقف الإجراءات إزاء الرئيس البشير طبقا للنظام مستفيدين من مواد النظام. وربما ذلك يعطي وقتا للسودان، وللمجتمع الدولي والمجتمع العربي والأفريقي، لمعالجة الوضع بطريقة أفضل دون التأثير في استقرار السودان.

- كيف ترى المشهد السياسي في لبنان؟

* كل ذلك يعتمد على الانتخابات القادمة. وطبعا المشهد السياسي أفضل الآن بكثير مما سبق. والآن اللعبة داخليا في الانتخابات أغلبية ومعارضة أو وحدة وطنية. وهذا ما يجري عليه العمل ويجري تطور كبير في تبادل العلاقات السياسية بين سورية ولبنان. وهو شيء لم يحدث منذ استقلال لبنان. فهذا أيضا خطوة مهمة. وتم انتخاب الرئيس لاستكمال كل المؤسسات الدستورية. ويشكل هذا صورة مختلفة للبنان. وإن كانت ما تزال الأوضاع حساسة، لأن لبنان مرآة لما يحدث في المنطقة. إذا حصل اضطراب في المنطقة ينعكس بطريقة أسرع في لبنان. أرى والحمد لله أن الموقف تحسن منذ تدخل الجامعة العربية الذي انتهى باتفاقية الدوحة التي بدأ تنفيذها ونفذت بدرجة لا بأس بها. ومن ناحية ثانية عملنا على أساس المصالحة العربية والتهدئة وهذا سيؤثر (بالإيجاب) أيضا.

- زرت العراق، فما المانع في أن تذهب إلى مقديشو مثلما ذهبت لبغداد؟

* أنا أنوي الذهاب لمقديشو. كما أن هناك سفيرا للجامعة العربية مقيم هناك. نحن أكثر المنظمات الإقليمية والعربية ارتباطا بموضوع الصومال واهتماما به سواء من حيث التمويل أو مشروعات التنمية أو الوجود في أثناء إعادة تشكيل الحكم في الصومال أو العمل على وقوف الدولة الصومالية مرة أخرى على قدميها. نحن متواجدون تماما هناك والبعثات لا تنتهي لمقديشو. وآخر بعثة كانت من أيام قليلة.