جدل في الخرطوم حول انتخابات مبكرة.. والحركة الشعبية ترفض وتتخوف من سيناريو زيمبابوي

تسريبات عن نتائج الإحصاء السكاني.. وتقدير سكان الجنوب بـ7 ملايين نسمة

صورة أرشيفية للرئيس السوداني عمر البشير وإلى يساره نائبه سلفاكير خلال زيارة إلى ولاية بجنوب السودان (أ.ف.ب)
TT

أعلنت الحركة الشعبية بزعامة النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت رفضها القاطع لإجراء أي انتخابات مبكرة أو جزئية في مستوياتها المختلفة، وأكدت أنها ملتزمة بالمواقيت التي حددتها اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي، في وقت يحتدم الجدل في الخرطوم بين القوى السياسية حول مقترح نُقل عن المؤتمر الوطني (الشريك الأكبر في الحكومة)، بإجراء الانتخابات في يوليو (حزيران) المقبل، غير أن الأحزاب المعارضة ترفض إجراءها في الوقت الحالي بسبب ما سمته «عدم تهيئة المناخ السياسي» خاصة في ظل مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير. وحصلت «الشرق الأوسط» على معلومات حول الإحصاء السكاني الذي لم تعلن الحكومة نتائجه حتى الآن رغم مرور شهور على إنجازه، حدد الجنوب بـ7 ملايين نسمة على أن يمنح 43 دائرة انتخابية، في حين حدد سكان الخرطوم بنحو 6 ملايين و430 ألف نسمة.. ومنحوا 67 دائرة جغرافية.

ونصت اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، التي تم توقيعها في يناير (كانون الثاني) من العام 2005 في نيفاشا (كينيا) بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، على إجراء الانتخابات في العام الرابع من تنفيذ الاتفاقية والتي يحين موعدها في أغسطس (آب) المقبل، وفق الجدول الزمني للاتفاقية، غير أن نائب الأمين العام للحركة الشعبية ورئيس كتلتها البرلمانية ياسر عرمان شدد في حديث لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي على رفض حركته إجراء انتخابات جزئية ومبكرة.

وقال «إن الحديث عن انتخابات جزئية ومبكرة ينقصه الإدراك الكافي لقانون الانتخابات واتفاقية السلام والدستور الانتقالي، ومن ناحية الإجراءات والترتيب والجدول الزمني المنصوص عليه لمراحل التسجيل والترشيح والطعون»، مشيراً إلى أن «مفوضية الانتخابات نفسها لم تشكل فروعها في الولايات وخاصة في الإقليم الجنوبي»، وأضاف أن «الإجراءات تأخذ ما يزيد على الستة أشهر وليس هناك إمكان لتجاوزها إلى جانب الفترة الزمنية التي يتطلبها تأسيس هياكل فروع المفوضية».

وقال عرمان إن هناك ضرورات إلى أن تدفع الحكومة استحقاقات إجراء الانتخابات بتهيئة المناخ الديمقراطي عبر إجازة القوانين وعبر التوافق بين كافة القوى السياسية. وقال إن عليها الإجابة عن الأسئلة الكبرى وعلى رأسها دارفور، مؤكداً موقف حركته لقيام انتخابات حرة ونزيهة وفي مواعيدها، لكنّه حذر من نتائج «زمبابوية»، أو «إجماع سكوتي»، أو «متوالية سياسية».

وأضاف أن الحديث المتكرر عن انتخابات مبكرة، أو جزئية، إن صح، فإنّه لا يتمتع بالحساسية الكافية تجاه الدستور والاتفاقية والشراكة ومفوضية الانتخابات وضرورة اتفاق مؤسسة الرئاسة، وعبّر عن أسفه لما نُسب من حديث لعدد من الدستوريين وقادة الجهاز التشريعي في هذا الخصوص، مشدداً على أن الانتخابات لا يمكن أن تُجرى في قرية خالية من العواطف الديمقراطية، وتابع «أما الانتخابات الجزئية فهي مخالفة صريحة للدستور واتفاقية السلام الشامل وانتخابات رئاسة الجمهورية، وكما منصوص عليها في قانون الانتخابات فإنها تحتاج إلى إجراءات وترتيبات تفوق مما يتطلبه أمر الانتخابات الولائية والتشريعية». وقال إن ما يكفي الانتخابات الرئاسية يكفي للانتخابات الولائية والتشريعية ومن المستحيل عملياً التحضير لانتخابات تحضيرية رئاسية دون إجراء الأخرى، مشيراً إلى أن انتخابات الرئاسة إجراءاتها معقدة وفق قانون الانتخابات بما فيها الحصول على 15 ألفاً لتسمية وتزكية المرشح، وتابع «المهم في الانتخابات أنها جرت في مناخ حر ونزيه وهذا يقودنا إلى قوانين التحوّل الديمقراطي والسلحفائية والتلكؤ الذي تشهده».

من جهته أكد أمين العلاقات الخارجية لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، الذي يتزعمه حسن الترابي، الدكتور بشير آدم رحمة لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي، موقف حزبه بإجراء الانتخابات كخيار ديمقراطي، غير أنه اعتبر الأوضاع الحالية التي تعيشها البلاد صعبة لإجراء الانتخابات، وقال «الرئيس البشير مطلوب إلى المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب، ونتائج الإحصاء السكاني لم يتم إعلانها حتى الآن، والقوانين المقيدة للحريات لم يتم إلغاؤها، ومشكلة دارفور ما زالت قائمة»، وحذر من أن عدم حل مشكلة دارفور وإجراء الانتخابات دونها سيقود إلى المطالبة بحق تقرير مصير الإقليم أو الدعوة إلى الانفصال، وقال إن إجراء الانتخابات بشكل ناقص لا يمثل رأي الشعب السوداني، داعياً إلى تشكيل حكومة انتقالية من (التكنوقراط) لإخراج السودان مما سماه الأزمات. واتفق القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي، المعز حضرة، مع ما ذهب إليه سلفه بأن الأجواء الحالية غير مواتية لإجراء انتخابات، معتبراً أن المؤتمر الوطني يستغل الأوضاع الحالية في المواجهة مع المحكمة الجنائية الدولية والابتعاد عن قضايا التحول الديمقراطي باعتبارها أساساً لإجراء الانتخابات. وقال حضرة لـ«الشرق الأوسط» إن الانتخابات على مستوياتها لا يمكن إجراؤها في ظل وجود قوانين الأمن الوطني والقوانين الأخرى المقيدة للحريات والتحول الديمقراطي.

إلى ذلك كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الترسيبات الأولية لنتائج الإحصاء السكاني الذي تم إجراؤه في أبريل (نيسان) من العام الماضي حددت عدد سكان الجنوب بـ7 ملايين نسمة منحوا 43 دائرة انتخابية، وأن الخرطوم وحدها تشكل (6.430) مليون نسمة منحت 67 دائرة انتخابية. وأشارت إلى أن عدد سكان الولايات الشمالية والوسطى والشرقية بلغ 9 ملايين و938 ألف نسمة حدد لهم 160 دائرة جغرافية، كما تم تحديد سكان جنوب دارفور، بنحو 3 ملايين و634 ألفاً منحوا 43 دائرة جغرافية، وفيما حدد سكان شمال دارفور بمليون و677 ألف نسمة في 22 دائرة، وأن غرب دارفور 906 آلاف نسمة في 12 دائرة. ويصبح سكان دارفور حسب هذه الإحصائية نحو أكثر من 5.5 مليون نسمة. ويرفض الجنوب أن يكون عدد سكانه أقل من (15) مليون نسمة.