الأسد: 3 شروط لنجاح أي مبادرة عربية من بينها إتاحة الوقت لدراستها واستشارة الدول المعنية ودعم الجامعة

قال: عندما توسلنا الآخرين حقوقاً كانت بأيدينا تجاهلوها.. والعالم لا يعطي موقعاً إلا لمن يأخذه بيده

الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت (إ.ب.أ) والرئيس السوري بشار الأسد (أ.ف.ب) والملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين (إ.ب.أ)
TT

قال الرئيس السوري بشار الأسد في كلمته أمام القمة العربية في الدوحة أمس «إنه من الطبيعي أن تكون المصالحات العربية الموضوع الأهم في هذه المرحلة بوصفها الأرضية التي يبنى عليها النجاح والفشل في أي قرار نتخذه في جميع المجالات»، محذراً من أنه في ظل غياب التضامن أو ضعفه يبقى أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ. وأوضح الرئيس الأسد أن التبدلات التي حصلت في الفترة الأخيرة التي تلت قمة الكويت الاقتصادية قد أعادت بصيص الأمل في إمكانية الانتقال بالعلاقات العربية باتجاه أفضل، مشيرا إلى أن المشكلة ليست في وجود الاختلاف بحد ذاته فهو طبيعي وملازم لتنوع طبيعة البشر.. ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة التعاطي معه وفي طريقة إدارة الخلاف.

وأشار الرئيس السوري، رئيس القمة العربية العشرين في بداية الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الحادية والعشرين إلى أن الفترة الفاصلة بين قمتي دمشق والدوحة كانت مليئة بالأحداث النوعية سواء على مستوى المنطقة أو العالم طغت عليها صفة الخطورة والسلبية لكنها لم تخل من إيجابيات محددة قد تعطي بعض الأمل بتغيير للأفضل. وأوضح أن ما جمع بين الأحداث التي مرت بها المنطقة هو حالة العجز الدولي عن معالجة أسبابها وتداعياتها، وأن ما نسميه عجزاً دولياً ليس في الواقع سوى احتكار دولي من قبل عدد محدود من الدول للقرارات المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والتقنيات وغيرها على مستوى العالم والذي أفضى إلى نتائج كارثية أصابت العالم برمته. وأضاف الرئيس السوري أن عملية التغيير الشاملة التي تحصل الآن في العالم تشبه إلى حد كبير عملية إعادة صياغة العالم منتصف القرن الماضي «عندما توسلنا الآخرين حقوقاً كانت بأيدينا.. سلمناهم إياها ليعيدوها لنا.. فتجاهلوها ولا يزالون»، مؤكداً أن العالم لا يحترم إلا من يحترم نفسه.. ولا يعطي موقعاً إلا لمن يأخذه بيده، ولا يعيد حقاً إلا لمن يعمل على إعادة حقوقه ويتمسك بها ويدافع عنها ويقاتل من أجلها. وبعد أن أشار إلى المصالحات التي تمت على الصعيد العربي منذ قمة دمشق العام الماضي قال الرئيس الأسد إنه من الطبيعي أن تكون المصالحات الموضوع الأهم في هذه المرحلة بوصفها الأرضية التي يبنى عليها النجاح والفشل في أي قرار نتخذه في جميع المجالات، محذراً من أنه في ظل غياب التضامن أو ضعفه يبقى أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ. وأشار إلى أن الاستمرارية فيما بدأناه لا تتحمل التبدلات الحادة وغير المتوقعة وأن أي إنجاز نسعى إليه ينطلق من امتلاك الإرادة التي هي موجودة لدى الجميع لكن الإرادة الصادقة والنية الطيبة وحدهما غير كافيتين فهما القاعدة والأساس لكننا نسعى اليوم للبناء الكامل.

وأضاف الرئيس الأسد أن المشكلة ليست في وجود الاختلاف بحد ذاته فهو طبيعي وملازم لتنوع طبيعة البشر.. ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة التعاطي معه وفي طريقة إدارة الخلاف. وأوضح الأسد أن التضامن العربي «لا يعني التطابق العربي بل يعني التكامل العربي» وقال إن التطابق في المواقف يحتاج لظروف متطابقة تنتج رؤية واحدة.. وهذا غير موجود لأسباب موضوعية. وطرح الرئيس بشار الأسد بعض النقاط المستخلصة من التجارب العربية خلال السنوات الماضية. والتي رأى أنها كفيلة بتجنب الكثير من المطبات في علاقاتنا العربية. وقال إن النقطة الأولى تتعلق بضرورة طرح أي مبادرة من قبل أي دولة عربية قبل انعقاد القمة بفترة زمنية محددة يجري الاتفاق عليها بحيث لا يجوز تجاوزها من جانب أي دولة لكي تتاح الفرصة لجميع الدول لدراستها. والنقطة الثانية هي حول عدم طرح مبادرات تتعلق بقضايا محددة تخص دولاً معينة من دون موافقة تلك الدول الأساسية المعنية مباشرة بتلك القضايا. والنقطة الثالثة أن تبني أو دعم مؤسسة الجامعة على مستوى القمة أو مستوى وزراء الخارجية لهذه المبادرة يجب أن يكون مبنياً على قبول جميع الأطراف المعنية بالمبادرة لها.. وذلك كي لا تجعل الجامعة العربية من نفسها طرفا بدلاً من أن تكون راعياً ومساعداً.

وأكد الرئيس السوري الدعم اللا محدود للمصالحة الفلسطينية «التي نرى فيها مناعة للشعب الفلسطيني ووقاية من أي عدوان إسرائيلي محتمل إلا أن هذا لا يجعلنا نغفل حقيقة إسرائيل كدولة مبنية على العدوان والقتل.. وعن أنها ترى مستقبلها في تهجير الفلسطينيين إلى وطن بديل بهدف الوصول للدولة اليهودية المنشودة». ورأى الرئيس بشار الأسد أن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة لا يغير في الواقع الإسرائيلي شيئا ولكنه يعلن أن السلام بالنسبة للإسرائيليين خيار تكتيكي فقط يرمي للتغطية على أهدافهم البعيدة المؤسسة على عدم إعادة أي حقوق اغتصبت منا.. وهذا يتطلب منا أن نغير التكتيك والآليات ليس مع تغير الحكومات في إسرائيل.. وإنما مع ثبوت الغايات الحقيقية والنزعة العدوانية للإسرائيليين تجاهنا وتجاه العملية السلمية. وأكد أن الإسرائيليين جميعاً يتنافسون على أراضي العرب وأرواحهم ودمائهم.. وجميعهم يعكس حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي غير مهيأ للسلام.. وهو لم يكن مهيأ من قبل ولكن حالته تسوء يوماً بعد يوم.. وعلينا توقع مجيء حكومات أكثر رفضاً للسلام مع مرور الوقت يتم اختيارها من قبل مجتمع يزداد تطرفاً وميلاً للعدوان». وتابع «لا يوجد لدينا شريك حقيقي في عملية السلام، وأن المبادرة العربية للسلام لا يمكن أن تنجز بطرف واحد عربي فقط. فمن الناحية العملية هذه المبادرة غير فاعلة ولو عملنا على تفعيلها وذلك لعدم اكتمال شروط التفعيل.. هذا لأن إسرائيل لن تقبل بمبادرة تستند إلى المرجعيات التي تعيد الحقوق لأصحابها»، مشيراً إلى أن الطرح الذي ورد في قمة الدوحة مؤخراً لتعليق المبادرة كان رداً طبيعياً على استهتار إسرائيل بالسلام وهو الاستهتار الذي بلغ ذروته في العدوان على غزة. وشدد الرئيس السوري على أن السلام لن يتحقق «مع عدو لا يؤمن بالسلام دون أن يفرض عليه بالمقاومة، فرغبتنا في السلام هي الدافع لنا لدعم المقاومة.. ودعمها واجب وطني وقومي وأخلاقي وهو الخيار الوحيد في غياب الخيارات الأخرى». وقال إنه إذا كانت مسؤولية الفشل في تحقيق الاستقرار في منطقتنا تحمل للوضع الدولي فنحن أيضاً نتحمل المسؤولية المباشرة في ذلك عندما لا نتصدى لمحاولات مصادرة قراراتنا والتحكم بمصيرنا والتدخل في شؤوننا الداخلية، مشيراً إلى أن ما يحصل حالياً بحق السودان هو فصل جديد من فصول استضعاف العرب وعدم احترام سيادة دولهم. وأضاف أن إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة بحق رئيس عربي تحت عناوين مزيفة هي مرحلة من مراحل تقسيم السودان بهدف إضعافه ومن ثم الاستيلاء على ثرواته وتقاسمها بين مجموعة من الدول تسعى لتكرار تجربة الانتداب عبر تسخير المؤسسات الدولية تمهيدا لعودة الاستعمار الحديث بشكل أكثر حداثة. وأشار إلى أن ما يتعرض له السودان هو ما تعرضت له فلسطين في بدايات القرن الماضي والذي ما زلنا ندفع ثمنه حتى اليوم، داعياً ليس لانتقاد المذكرة وإنما لرفضها من الأساس وللدعم المطلق للسودان في هذه المرحلة من المواجهة لكي نجنبه ونجنب دولنا المراحل التالية التي ستليها حتما وصولاً إلى تفتيته. وقال الرئيس الأسد في ختام كلمته «علينا القيام بواجباتنا تجاه قضايانا بدلاً من انتظار هبات تقدم إلينا من الآخرين هي ليست حقا لهم بالأساس وعلينا أن نسمي الأشياء بلغتنا نحن، فالحرب على الإرهاب هي حرب علينا لصالح الإرهاب ونشر الديمقراطية من قبل الغير هو نشر للفوضى». وفي ختام كلمته عبر الرئيس الأسد عن سعادته لأن يسلم رئاسة القمة إلى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.