البشير: إسرائيل تدرب وتساعد متمردي دارفور.. ومجلس الأمن انتقائي في عدالته

بان كي مون أمام القمة: على السلطات السودانية عدم تسييس جهود الإغاثة * متمردو دارفور: الجامعة العربية منحازة إلى البشير.. وشركاء معه في الجرائم

الرئيس السوداني عمر البشير خلال اجتماعات قمة الدوحة أمس (أ. ب)
TT

أكد الرئيس السوداني عمر البشير في افتتاح قمة الدوحة أمس أنه يتوقع من نظرائه العرب موقفا قويا ضد الإجراءات القضائية الدولية بحقه، فيما دعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى اتخاذ موقف «جريء» و«رفض مذكرة التوقيف» بحق البشير.

وفي كلمته إلى القادة العرب، قال البشير الملاحق بموجب مذكرة توقيف أصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية على خلفية النزاع في دارفور: «نقدر لكم مساندتكم وستمضي هذه المساندة إن شاء الله بإصدار قرارات قوية واضحة لا لبس فيها.. ترفض هذا القرار (الصادر عن المحكمة الجنائية) وتطالب من افتراه بإلغائه».

ودعا بان كي مون في كلمة ألقاها في افتتاح القمة «السلطات السودانية مرة أخرى التراجع عن قرار» طرد منظمات إغاثية من دارفور. وإذ طالب «بعدم تسييس جهود الإغاثة»، طالب أيضا بتجاوز «التوترات الناجمة» عن الإجراءات القضائية بحق البشير.

لكن البشير أكد أن «الوضع الإنساني في دارفور مستقر» وأن «لا وجود لفجوة غذائية أو دوائية» في الإقليم رغم قراره بطرد 13 منظمة إغاثة دولية لم تكن توفر بحسب الرئيس السوداني إلا 5،4 في المائة من المساعدات.

واتهم الرئيس السوداني إسرائيل بتدريب ومساعدة متمردي دارفور، كما قال البشير إن مجلس الأمن «مؤسسة غير ديمقراطية» تحتاج إلى إصلاح و«تعتمد الانتقائية بما ينفي العدالة ولا تعرف أن معيار العدالة واحد، فازدوجت المعايير واستهدف الضعفاء وغض الطرف عن المجرمين». وتساءل البشير «كيف يستقيم أن يقرر مجلس الأمن إحالة موضوع دارفور لما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية ويقدم الرشوة في ذات القرار لأميركا فيعفي منسوبيها المدنيين والعسكريين في كافة أرجاء الدنيا من ولاية المحكمة». وقال البشير إنه يقدر دعم الدول العربية، معربا عن أمله أن يؤدي إلى قرارات قوية وصريحة ترفض القرار وتدعو إلى إلغائه.

وأعرب مصطفى عثمان إسماعيل مستشار البشير للصحافيين في الدوحة عن توقعه بأن تترجم هذه الانتفاضة الشعبية لدعم السودان لا في العالم العربي وحده بل في قرار قوي يفي بآمال الشارع العربي.

من جهة أخرى، رفضت الحركات المتمردة في دارفور الدعوة التي وجهها القادة العرب في بيانهم الختامي المتوقع أن يصدر اليوم في القمة العربية المنعقدة في الدوحة، واعتبرت أن الجامعة العربية «منحازة إلى الجلاد» في إشارة إلى الرئيس السوداني عمر البشير ضد الضحايا. وشددت على أنها «لن تحضر أي تفاوض مع الخرطوم في ظل انحياز الدول العربية إلى البشير».

وقال رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من مقره في باريس، إنه لن يذهب إلى الدوحة قبل أن يتم تحقيق شروطه بوقف القتل، والاغتصاب، والتشريد الجماعي، ونزع سلاح الجنجويد، وطرد المستقدمين من دول أفريقية في دارفور، وإعادة النازحين إلى أراضيهم، وعودة المنظمات التي طردتها الخرطوم دون قيد أو شرط.

وأضاف «مواقف الجامعة العربية سيئة للغاية منذ الحرب الأهلية في الجنوب.. والآن في دارفور، إنها تنحاز إلى الحكومة في الخرطوم ولا تتعامل بحيادية»، وتابع «الآن يتعاملون مع رئيس أصبح مطلوباً دولياً، كيف يمكن أن نثق فيهم». وقال نور إنه لا يتوقع من دولة قطر أقل مما تقوم به الآن وإن حركته على خلاف جذري معها، وأضاف أن «القادة العرب ينظرون إلى الأزمة السودانية من ناحية توزيع وظائف في النظام وإنها نظرة خاطئة».

وناشد نور القادة العرب بالضغط على البشير لتسليم نفسه بدلا من الوقوف إلى جانبه، وقال «الوقوف إلى جانب البشير لا قيمة أخلاقية فيه لأنه قتل شعبه.. عليهم الضغط عليه ليسلم نفسه لأن الدفاع الأعمى عنه أوصل السودان إلى ما هي عليه الآن». داعياً قادة دول المملكة العربية السعودية، مصر، المملكة الأردنية والكويت والعقيد القذافي باعتباره رئيس الاتحاد الأفريقي النظر إلى الأزمة السودانية بعيداً عن النظرة القديمة، وقال «هذه الدول استثنيتها عن غيرها لأننا نعرف أن قادتهم يتميزون برجاحة العقل، لكن عليهم ألا يتجاوزوا الشعب السوداني في نظرتهم إلى الحلول وألا يقفوا إلى جانب البشير ونظامه»، معتبراً مشاركة البشير في قمة الدوحة لا قيمة لها لأن إجراءات المحكمة الجنائية للقبض عليه لم تكتمل، وقال «حتى الخرطوم لم تتسلم إجراء القبض عليه.. لكن سيتم القبض عليه لا محالة وهو الآن يغادر في محيطه العربي والأفريقي ولن يستطيع ذلك في حال اكتمال الإجراءات».

من جهته وصف الناطق باسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين آدم لـ«الشرق الأوسط» دعوة القمة العربية لقادة الحركات المسلحة لمواصلة العملية السلمية بالمنحازة إلى جانب الحكومة السودانية. وقال إن حركته غير معنية بدعوة الحضور إلى الدوحة لأنها أتت من أطراف منحازة، وتابع «هم الآن يدخلون السودان في دائرة جديدة من العنف لأنهم يشجعون البشير في التمادي في عدم الامتثال إلى الشرعية الدولية وستجلب عواقب وخيمة لأنهم مع الجلاد ضد الضحية من أبناء دارفور»، وأضاف «هذه دعوة منحازة لصالح النظام.. والجامعة العربية لم تستفد من تجاربها السابقة وقادتها يجلسون في برج عاجي»، معتبراً أن الجامعة العربية تمثل مصالح فئة من الأشخاص وليس مصالح الجماهير العربية.

وتابع آدم قائلا «نعتبر حديث القادة العرب ووقفهم إلى جانب البشير ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية بأنهم شركاء في جريمته لأنهم يتسترون على المجرم، ويؤكد عنصريتهم ضد شعبنا وخروج عن الشرعية الدولية»، وعبر عن استهجانه لعدم تطرق القادة العرب طرد الحكومة السودانية المنظمات الدولية من دارفور. وقال إن البشير أصبح يستخدم الغذاء لقتل المواطنين في إبادة جماعية جديدة، وتابع «من المخزي ألا يتحدث قادة العرب عن طرد المنظمات لذلك الحديث عن استئناف التفاوض في الدوحة أصبح بعيداً عن الواقع وسنعتمد على شعبنا وأنفسنا لمواجهة الأوضاع وتحقيق تطلعات الشعب السوداني».

من جانبه انتقد المستشار الإعلامي للرئيس البشير، محجوب فضل البكري، قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي القاضي توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، مؤكداً أنهم لن يتعاملوا مع هذه المحكمة وقراراتها. وأكد البكري لـ«الشرق الأوسط»، أن المحكمة لم ترسل أي مذكرة اتهام الرئيس البشير إلى الحكومة السودانية، وأنه لا يوجد أي مبرر لإرسالها، لأن السودان غير منضم إلى نظام محكمة روما. وأكد أنه لا خطر على عودة الرئيس البشير من الدوحة إلى الخرطوم وأن رحلة المجيء لم تسبقها إجراءات تأمين وسارت وفق أي رحلة طبيعية.

وشدد على أن الرفض التام لقرارات المحكمة الجنائية هو الحد الأدنى المطلوب، ويتبع ذلك انسحاب بعض الدول العربية الموقعة على ميثاق روما. وأوضح أن مشاركة البشير كان مخططاً لها منذ أن وجهت له الدعوة، والرئيس البشير جاء إلى الدوحة عبر خط الطيران العادي الطبيعي وبطائرة مخصصة للرئيس ولم تسبقنا أي إجراءات تأمينية لا في الدوحة ولا في مساراتنا. وأوضح أن الرئيس السوداني يمارس مهامه الدستورية بدون أي تحفظ، وليس في جدول الرئيس الآن ما يجعله يلغى زيارة أو يقوم بزيارة غير مخطط لها، وسوف ترون خلال الأيام المقبلة العديد من التحركات للرئيس في محيطه الإقليمي والدولي. وحول وصولهم رسميا الاتهام من المحكمة، قال: «نحن لا نعبأ بهذه المحكمة ولا بقراراتها، ولم تصلنا رسمياً حتى الآن أي مذكرة منها، ولا ندرى بأي مبرر ترسل لنا المحكمة مذكرة اتهام للرئيس لتنفيذها ونحن لسنا أعضاء فيها. نحن لا نتعامل مع هذا المدعى العام (أوكامبو) وهذا الموظف يريد أن يقبض راتبه من خلال الترويج لهذه الأكاذيب. وحول إمكانية التقاء الرئيس البشير مع الفصائل الدارفورية في الدوحة لإتمام اتفاق السلام، قال الدوحة تستضيف الحوار بين الحكومة وحركات التمرد، وللحكومة وفد يقوده مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع، وهو مفوض تفويضاً شاملا للوصول إلى اتفاق كامل مع هذه الحركات. ونحن سلمنا قيادة هذه المفاوضات إلى دولة قطر، التي ترعى المبادرة العربية الأفريقية، والوسيط الدولي المشترك جبريل باسولي. ونحن نتوقع التوصل إلى اتفاق قريباً، كما ذكر الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري في دعوته لكل الفصائل التي لم تنضم إلى الاتفاق للتوصل إلى سلام شامل في القريب.