حكومة جنوب السودان تطلب من أميركا مساعدتها لتغطية العجز في ميزانيتها

رسمت 3 خيارات للخروج من أزمة مذكرة البشير

TT

ناشدت الحركة الشعبية بزعامة النائب الأول للرئيس السوداني سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب والشريك الثاني مع حزب المؤتمر الوطني في الحكومة السودانية برئاسة عمر البشير، الإدارة الأميركية دعم حكومة الجنوب لتغطية العجز في ميزانيتها، في وقت أعلنت فيه أن وزراءها في الحكومة المركزية غاضبون مما سمته تهميشهم في اتخاذ القرارات. ورسمت ثلاث خيارات للخروج من الأزمة التي يواجهها السودان مع المحكمة الجنائية الدولية التي تطالب بإلقاء القبض على البشير، فيما يتجه قادة جنوبيون إلى عقد تحالف عريض قد يكون مناوئا للحركة الشعبية، وينتظر أن يخرجوا اليوم بتوصيات من مؤتمر بدأ أمس في منطقة كنانة (جنوب الخرطوم) برفض مذكرة توقيف البشير والاتفاق على ترشيحه رئيسا للجمهورية في الانتخابات القادمة.

وطرح وفد من الحركة برئاسة الأمين العام فاقان أموم، ووزير الخارجية دينق ألور إلى جانب مسؤول ملف دارفور في الحركة عبد العزيز آدم الحلو الذي يزور واشنطن هذه الأيام أمام المبعوث الأميركي الجديد سكوت غرايشن قبيل زيارته إلى السودان التي تبدأ اليوم الأولويات الضرورية للتعامل مع الوضع في السودان، وعلى رأسها تنفيذ اتفاق السلام، قضية دارفور، تعديل القوانين المقيدة للحريات، ترسيم الحدود والعمل على بناء نظام شفاف لإدارة البترول، في وقت أعلن غرايشن عزمه مطالبة الخرطوم بحل أزمة المنظمات المبعدة لعدم تعريض النازحين لأوضاع إنسانية حرجة. وقال الأمين العام للحركة الشعبية رئيس الوفد، باقان اموم، إن وفده اجتمع مطولا مع المبعوث الأميركي وناقش الوضع في السودان وركز على العمل سويا لتنفيذ اتفاق نيفاشا وإحلال السلام بدارفور، بجانب دعم السودان لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وأضاف أن الاجتماع تطرق للأزمة الاقتصادية وحاجة بلاده إلى الدعم المالي، مشيرا إلى أن الوفد طلب دعما من الإدارة الأميركية لحكومة الجنوب لتغطية عجز الموازنة ومواصلة دعم مشاريع التنمية بالجنوب والنيل الأزرق وجبال النوبة. وتابع: «طرحنا مجموعة أفكار أمام المبعوث لإدارة الأزمة الاقتصادية الطاحنة وقضايا أخرى وناقشنا سياسة أوباما تجاه أفريقيا واهتمامه بالقضية السودانية و جوانب هذه السياسة، وقدمنا لهم مقترحات حولها، لكنه لم يفصح عنها».

وأكد اموم أن الحركة طلبت دعما دبلوماسيا لتنفيذ اتفاق السلام الشامل بجوانبه المختلفة. وقال إن اللقاء تطرق إلى قرار طرد المنظمات وكيفية العمل على عدم تأثر مواطني دارفور جراءه. وأضاف أن الاجتماع بحث قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير وضرورة أن لا يؤثر على تنفيذ اتفاق نيفاشا والحل السلمي لدارفور، موضحا أن وفده تطرق إلى الحوار السوداني ـ الأميركي في إطار تحقيق السلام في السودان. وشدد أموم على حل قضية دارفور باعتبارها مفتاحا لوحدة السودان، معتبرا حل قضية المحكمة الجنائية الدولية بالخيار البالغ التكلفة، وقال: «نصحنا أصدقاءنا في المؤتمر الوطني بالتعاون مع محكمة الجنايات الدولية وهذا هو موقفنا في الحركة الشعبية»، وعبر عن استيائه من عملية طرد المنظمات الإنسانية في دارفور، حيث قال: «لم نستشر فيه وهو قرار اتخذه المؤتمر الوطني لوحده ونحن طلبنا منهم العدول عن هذا القرار». وربط تنفيذ اتفاقيات السلام التي وقعها المؤتمر الوطني مع الحركة (التجمع، جبهة الشرق، واتفاقية سلام دارفور) بتهيئة الجو الديمقراطي لانتخابات حرة ونزيهة وقال إن تنفيذ الاتفاقيات يعني تغير القوانين المقيدة للحريات لتتماشى مع دستور الفترة الانتقالية. وأضاف بأنه يمثل الخيار الأفضل للحركة الشعبية حتى يتم الحفاظ على وحدة السودان، ولكنه عاد وقال إن ما يحدث الآن يجعل خيار الانفصال جاذبا. وتابع: من خلال لقاءاتي مع المواطنين في الشمال والجنوب وخارج السودان أؤكد لكم بأن 90% من الجنوبيين يفضلون الانفصال اليوم ولذلك نحن في الحركة الشعبية أتينا بخيار الوحدة الجاذبة في اتفاقية السلام الشامل وهو خيار يجب العمل له ولكن حتى الآن ليس هنالك عمل في هذا الاتجاه.

وقال اموم: «إن جميع وزراء الحركة في الخرطوم غاضبون لأنهم مهمشون في الحكومة ولا يريدون العمل في الخرطوم ولكنهم ينفذون مهامهم التي أوكلتها لهم قيادة الحركة الشعبية، وأقترح الطريق الثالث في حل المشكلة السودانية لتغيير السودان بجعله علمانيا لا مركزي الحكم ويحترم فيه كل الناس على اختلاف الوانهم وسحناتهم. الحركة الشعبية (بالسودان الجديد) الذي ظللنا ننادي به وننبه إلى أنه أفضل الخيارات الموجودة الآن على الساحة السياسية». إلى ذلك، بدأ مؤتمر للقيادات السياسية من جنوب السودان في مدينة كنانة (جنوب الخرطوم) لمناقشة تقييم الوضع السياسي واتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب التي مرت عليها أربع سنوات، وينتهي المؤتمر اليوم بتوصيات محددة. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن من بين التوصيات رفض توقيف المحكمة الجنائية الدولية للبشير والاتفاق على ترشيحه في الانتخابات القادمة رئيسا. وتوقعت المصادر أن يتفق المجتمعون على الخروج بتحالف عريض ضد الحركة الشعبية في المرحلة القادمة خاصة في الجنوب.

مستشار الرئيس السوداني بونا ملوال المعروف بمناوئته للحركة الشعبية قال ان الاجتماع سيقيّم الأوضاع بالجنوب خلال فترة اتفاقية السلام الشامل ومستقبل الجنوب في الراهن. وأضاف أن المؤتمر سيناقش قضية المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس البشير والاستفتاء والانتخابات بالجنوب، موضحا أن الاجتماع يضم أكثر من (60) مثقفا وقياديا وسياسيا ممثلين لأعالي النيل الكبرى وبحر الغزال والاستوائية الكبرى. ومن أبرز المشاركين عضو الحركة دكتور لام أكول وعدد من قيادات المؤتمر الوطني من بينهم علي تميم فرتاك ود. رياك قاي وجوزيف ملوال وقبريال روريج.

من جهته قلل الناطق باسم الحركة ين ماثيو من أهمية مؤتمر (كنانة) للقيادات الجنوبية، ووصفهم بمتعطشي المنابر المتخبطة، وقال إن حركته تدرك جيدا من يقف وراء المؤتمر وتمويله ـ من غير أن يفصح عن تفاصيل أخرى ـ لكنه أعرب عن أمله أن يخرج المؤتمرون بما يحقق مصالح الوطن وليس لمصلحة حزب معين.