وكالة الطاقة الذرية ترحب بالإعلان الأميركي الروسي للحد من الأسلحة النووية

أوباما يتعلم الروسية استعداداً لقمة موسكو

TT

رحب الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإعلان الصادر من الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف بعد اللقاء الثنائي الذي جمعهما أول من أمس على هامش قمة العشرين بلندن. وثمن البرادعي، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه صباح أمس، الإعلان الصادر عن الرئيسين، مؤكداً أن اتفاقهما بالعمل على الحد من أسلحة البلدين النووية، سيقوي من اتفاقات الضمان النووي الدولية، ويساعد على ترسيخ تطبيق اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية ومحاربة الإرهاب النووي. كما سيدعم اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والتفجيرات النووية ما سيساعد على فتح صفحة جديدة في العلاقات الدولية، تطوي مخلفات فترة الحرب الباردة، وسباق التسلح بين العملاقين، ويزيل الإحساس المستمر بانعدام الأمن النووي ويدفع لإقامة عالم خالٍ من الأسلحة النووية. في السياق ذاته أشار مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما جاء في بيانه، إلى تأييده وتعويله على مواقف الرئيسين المعلنة حول ضرورة العمل من أجل إخلاء شبه الجزيرة الكورية، من الأسلحة النووية، بالإضافة لإيمانهما بضرورة الوصول لحل دبلوماسي لقضية الملف النووي الإيراني، مما سيؤدي إلى تعاون إيراني أوسع مع الوكالة الدولية يساعد على إعادة ثقة المجتمع الدولي فيما تمارسه إيران من أنشطة نووية معلنة وسيحفظ لها حقها في استخدام سلمي للتقنية النووية، كغيرها من الدول. وكان الرئيس الأميركي اختتم لقاءه مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف في لندن بكلمة الشكر الروسية «سباسيبا». وإذ كشف أوباما عن أنه يدرس اللغة الروسية استعداداً لقمة موسكو على ما يبدو، أضاف أن معرفة الرئيس ميدفيديف باللغة الإنجليزية أفضل كثيراً من معرفته بالروسية. ورغم إشارته إلى أنهما مختلفان، فإنه قال بوجوب البحث عن النقاط التي يمكن أن تجمعهما. لم تفارق الابتسامة شفتي الرئيس الروسي الذي أعرب عن تفاؤله بقوله إن لقاء لندن يفتح آفاقاً واعدة بعد أن كانت العلاقات تجنح في غير الاتجاهات الصحيحة، مشيراً إلى اللقاء المرتقب بين الرئيسين في موسكو في يوليو (تموز) المقبل، وهو ما سارع أوباما بالتعليق عليه قائلا «طبعاً يوليو أفضل من يناير (كانون الثاني).. وهو ما سوف يساعد على دفء علاقات البلدين». هذه النهاية لأول لقاء بين الزعيمين تبدو بداية مشجعة، تبعث بالكثير من التفاؤل تجاه مستقبل العلاقات الروسية الأميركية التي كانت تردت في نهاية ولايتي الرئيس السابق جورج بوش إلى ما هو أقرب إلى مستوى علاقات البلدين إبان سنوات الحرب الباردة. ولما كانت المقدمات تحكم النتائج فإن ما جرى بين الرئيسين في لندن من اتفاق حول أن فريقيهما أحسنا الإعداد للقاء، وما بدا واضحاً في البيان المشترك، الذي أوجز نقاط العمل خلال الفترة المرتقبة قبيل لقاء موسكو في 19 موضوعاً، يقول إن اللقاء المرتقب في العاصمة الروسية يعد بنقلة موضوعية في علاقات البلدين ويبشر باتفاقات كثيرة حول أهم قضايا العصر. ويتصدر قائمة القضايا موضوع الاتفاق حول ضرورة تقليص ترسانتي الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والشروع في تغيير المعاهدة السابقة حول الحد من الأسلحة الهجومية التي تنتهي في ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام بمعاهدة جديدة يعكف فريقاهما على إعداد بنودها لمناقشتها في يوليو المقبل. وكان أوباما اقترح تقليص كل من ترسانتي البلدين بمقدار ألف رأس نووي، في الوقت الذي يظل فيه الجانب الروسي على خلاف بشأن تفسير شكل التخفيض من منظور تباين تقليص الرؤوس النووية بصواريخها الحاملة وليس من خلال فصل الرؤوس النووية عن الصواريخ والاحتفاظ بها على مسافة بضعة كيلومترات مما يفرغ الفكرة من محتواها، على حد تعبير موسكو. ويظل الخلاف بين الجانبين حول الموقف من نشر عناصر الدرع الصاروخية في بلدان شرق أوروبا وإن تبدو الآفاق مشجعة على ضوء ما أعلنه أوباما حول أن الإدارة الجديدة لم تحسم الموقف بعد وأنها لم تتخذ أية إجراءات عملية نحو تنفيذ مثل هذه المخططات. ويعرب الكثيرون في موسكو عن آمالهم في احتمالات تراجع واشنطن عن تنفيذ ما سبق وأعلنه الرئيس السابق جورج بوش، مشيرين إلى احتمالات تأثير تفاقم الأزمة المالية الراهنة على قرار الإدارة الأميركية الجديدة. ولما كان التقدم يصعب التوصل إليه دون الاعتراف بالتخلف، فإن الاتفاق لن يتحقق إلا بعد الاعتراف بوجود الاختلاف. بديهيات تؤكد عبثية نتائج الكثير من اللقاءات السابقة بين الزعيمين السابقين فلاديمير بوتين وجورج بوش اللذين طالما أنهيا العديد من قممهما السابقة بتأكيد ثقة كل منهما في الآخر وبأن الحرب الباردة لا عودة لها، حتى فاض الكيل ببوتين واضطر إلى الاعتراف في مؤتمر ميونيخ للأمن العالمي في فبراير (شباط) 2007 بكل ما كان يدور بخلد الملايين في الداخل والخارج من خلال إعلانه عن رفض هيمنة القطب الواحد وانفراد دولة بعينها بالقرار الدولي. ولعل ذلك أيضاً ما كان يمكن أن يكون المقدمة الطبيعية للوصول إلى النتائج التي أسفر عنها لقاء لندن بين الرئيسين ميدفيديف وأوباما. وهو ما أعرب عنه أوباما في ختام هذا اللقاء باعترافه بـ «وجود الكثير من التناقضات بين روسيا والولايات المتحدة ووجود المصلحة الأميركية في عدم تعميق هذه التناقضات». وأشار أوباما إلى وجود القدرة لدى الجانبين على العمل المشترك. وقد نصت النقطة التاسعة عشرة في البيان المشترك الصادر عن لقاء لندن على استعداد الجانبين للخروج بعيداً عن أطر أنماط عصر الحرب الباردة وإطلاق علاقات بلديهما نحو بداية جديدة والتحول من الكلمات المفعمة بمشاعر الدفء إلى ما يخدم عملياً مصالح البلدين ويحقق آمال كل شعوب الأرض قاطبة في الرخاء والسلام. ولم يكن الملف النووي الإيراني بمعزل عن اهتمامات لقاء لندن، حيث أشار البيان إلى عزم الرئيسين تسوية كل المسائل المتعلقة به بالطرق السلمية. وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية (شاهد العيان على خبايا الكثير من قمم الرئيسين السابقين بوتين وبوش) اعترف في لندن وبدبلوماسية شديدة بأن الرئيسين ميدفيديف وأوباما يسعيان عملياً نحو تصحيح منظومة علاقات البلدين، مما يوحي بأنهما لم يكتفيا في هذا اللقاء بالإعراب عن علاقاتهما الطيبة في تلميح يرقى إلى حد التصريح إلى ما سبق وشهدته القمم الروسية الأميركية السابقة. من جانبها، رحبت فرنسا بقرار الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري مدفيديف فتح مفاوضات طموحة حول خفض ترسانتهما النووية. وأعلن مساعد الناطق باسم وزارة الخارجية فريديريك ديزانيو «ندعم مواصلة العملية الثنائية الأميركية الروسية لخفض الترسانتين النوويتين. لقد جعل الاتحاد الأوروبي من ذلك عنصرا هاما في خطة عمله في مجال نزع الأسلحة المصادق عليها خلال الرئاسة الفرنسية» خلال النصف الثاني من 2008. وأضاف أن «خفضا جديدا من روسيا والولايات المتحدة لترسانتيهما النووية سيكون مؤشرا إيجابيا جدا قبل مؤتمر بحث معاهدة الحد من الانتشار النووي خلال 2010» كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.