وزير الخارجية السوداني ينتقد قرار طرد المنظمات: لم أعرفه إلا عبر وسائل الإعلام

دينق ألور قال في واشنطن إن القرار اتخذه الرئيس البشير شخصيا ومدير جهاز المخابرات

TT

انتقد دينق ألور وزير الخارجية السوداني قرار إبعاد المنظمات الإنسانية من بلاده، وقال إنه لم يعرف بالقرار إلا من وسائل الإعلام، كما أن وزير الشؤون الإنسانية هارون رون لوال وهو ينتمي إلى الحركة الشعبية ثاني أكبر شريك في حكومة الوحدة الوطنية بالخرطوم والحاكمة في جنوب السودان، لم يعلم بالأمر إلا من خلال الصحف، مشيرا إلى أن قرار طرد المنظمات الإنسانية اتخذه الرئيس عمر البشير شخصيا وجهاز الأمن والمخابرات، مؤكدا أن عددا كبيرا من الوزراء لم يعرفوا بالقرار إلا بعد الإعلان عنه، وقال ألور «هذا الأمر أثار غضبنا في الحركة الشعبية»، معبرا عن شكوكه في إمكانية ملأ الفراغ الذي تركته هذه المنظمات عبر جهات عربية وإسلامية، وهو ما تقول به حكومة الخرطوم حاليا.

وكال ألور، الذي تحدث خلال لقاء نظم في معهد «ودرو ويلسون» في واشنطن، الاتهامات لحزب المؤتمر الوطني الشريك الأكبر في «حكومة الوحدة الوطنية» في الخرطوم، وقال إنه يضع الكثير من العراقيل أمام تطبيق اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب (نيفاشا) وكذا إجراء انتخابات هذه السنة، كما تنص على ذلك الاتفاقية.

وقال ألور إن 70 في المائة من الاتفاقية طبقت، لكن هناك أمورا حساسة لم تطبق، ومن ذلك تسوية الوضع في أبيي، وهي منطقة حدودية متنازع عليها بين الشمال والجنوب، وقال إن خبراء من أميركا وبريطانيا ودول أفريقية شاركوا في وضع حدود المنطقة، لكن حزب المؤتمر الوطني رفض اقتراحاتهم، مما أدى إلى رفع الأمر إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي يتوقع أن تصدر حكمها في يوليو (تموز) المقبل. وقال ألور إن الحركة الشعبية التي ينتمي إليها ستقبل الحكم، لكن تساوره الشكوك بشأن قبول حزب المؤتمر الوطني بما ستأتي به المحكمة.

وذكر ألور وجود خلافات بين الجنوب والشمال حول مناطق الحدود، وقبول فكرة نشر قوات مشتركة من الجيش السوداني والجيش الشعبي (جيش الجنوب) في مناطق إنتاج النفط، مشيرا إلى أن قوات الجانبين توجد بالفعل في هذه المناطق لكنها منفصلة عن بعضها بعضا وليس في إطار وحدات مشتركة. وبدا ألور متشائما بشأن إمكانية إجراء انتخابات عامة في البلاد في يوليو (تموز)، وهي الانتخابات التي يعتقد كثيرون أنها يمكن أن تكون مخرجا للأزمة الحالية، وقال ألور إن تسعة قوانين لتنظيم هذه الانتخابات لم يبت فيها البرلمان حتى الآن، وقال أيضا إن حزب المؤتمر الوطني يريد إجراء الانتخابات دون قوانين، في إشارة غير مباشرة إلى أن الحزب الحاكم يريد التلاعب بالنتائج.

وتطرق ألور إلى الأوضاع في إقليم دارفور المضطرب في غرب البلاد، ووصف الوضع هناك بأنه هش جدا. وقال إن اجتماع الدوحة بين الحكومة وحركة العدل والمساواة لم يأت بحلول. وأكد ألور أنه التقى في واشنطن المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان سكوت غراشن، لكنه تجنب الدخول في تفاصيل ما دار خلال اللقاء. كما تطرق إلى قرار المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت أمرا بإلقاء القبض على الرئيس البشير، وقال ألور إن هناك خلافات في وجهات النظر بين الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني في التعامل مع الموضوع، وقال إن حزب المؤتمر طلب من الحركة الشعبية المشاركة في المظاهرات التي تندد بقرار المحكمة، لكن الحركة قررت عدم التظاهر ضد القرار أو معه، وقال إن الحركة الشعبية تطالب بتعليق القرار لمدة سنة للتركيز على حل مشكلة دارفور، في حين أن حزب المؤتمر الوطني يطالب بسحب المحكمة لقرارها أو إلغاء القرار من طرف مجلس الأمن.

وقال ألور في معرض تفسيره لوضعيته هو ووزراء الحركة الشعبية الآخرين داخل حكومة تتخذ قرارات مهمة خارجها، إنهم يناضلون من أجل الحصول على صلاحياتهم كوزراء، مشيرا إلى أن وضعية وزراء الحركة الشعبية أفضل بكثير من وزراء آخرين لا ينتمون بدورهم لحزب المؤتمر. وتحدث في اللقاء نفسه باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية الذي حذر من أن البلاد يمكن أن تعمها الفوضى إذا لم تبادر القوى السياسية إلى تغيير وجهة الأحداث، وذلك بتطبيق جميع اتفاقيات السلام الموقعة من طرف الحكومة والجهات الأخرى.

وردا على سؤال حول مصير أعضاء الحركة الشعبية في حالة اختيار الجنوبيين للانفصال عام 2011، كما تنص على ذلك اتفاقية نيفاشا، قال أموم ليس هناك ما يمنع وجود الحركة الشعبية كحزب في الجنوب والشمال حتى لو أصبحا دولتين، مشيرا إلى أن تنظيمات الحركة الشعبية توجد الآن في جميع أنحاء الشمال. وانتقد اموم أوضاع الحريات في البلاد وقال إنه لا توجد حرية تعبير البتة وأن الصحف تتعرض للرقابة، وأن ما تنشره من أخبار هو ما يريده جهاز الأمن والمخابرات، وقال أيضا إن أي شخص يمكن أن يعتقل ويبقى معتقلا ستة أشهر دون محاكمة. وفي موضوع ذي صلة أفادت تقارير صحافية بأن الناشط الحقوقي جون برندرغاست بحث في وقت سابق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ومبعوثه إلى السودان سكوت غراشن، الوضع في دارفور. وقالت صحيفة «لوس انجليس تايمز» إن ناشطا سودانيا من دارفور، هو عمر إسماعيل، كان برفقة برندرغاست عندما زار البيت الأبيض. وقال برندرغاست حول لقائه مع أوباما «بحثنا مع الرئيس الأمر الذي تفتقده السياسة الأميركية وهي الرؤية الاستراتيجية التي تهدف إلى وقف دائرة الحرب والمجاعة في دارفور بدلا من الاكتفاء فقط بمعالجة تداعيات الإبادة الجماعية». وأوضح أن الرئيس أوباما يرى أن أميركا يجب أن تحقق في نهاية المطاف النتيجة التي تتطلع إليها وهي سودان ديمقراطي يعيش في سلام.