براون يعلن انتهاء «توافق واشنطن» وضخ 1.1 تريليون دولار.. وأوباما: القمة «نقطة تحول» في الأزمة

قمة العشرين تخرج بقرارات لتنظيم الأسواق وصناديق التحوط وتسييل احتياطي الذهب للصندوق الدولي

رئيس وزراء بريطانيا غوردن براون في مؤتمر صحافي عقب اجتماع قمة العشرين بمركز إكسيل في لندن أمس (رويترز)
TT

اختتم قادة مجموعة العشرين التي تمثل تقريبا 85% من اقتصاد العالم قمتهم في لندن أمس بخطة إضافية لضخ 1.1 تريليون دولار لتسهيل الائتمان ودفع الاقتصاد العالمي للوقوف على قدميه من جديد في وجه أسوأ أزمة يواجهها منذ 60 عاما كما اتفقوا على سلسلة إجراءات لإنهاء الأزمة المالية العالمية تتضمن مواجهة الملاذات الضريبية ومراقبة صناديق التحوط التي تحرك مئات المليارات من الدولارات عبر الدول في عمليات مالية معقدة كانت سببا في الأزمة، ومراقبة أفضل للأسواق المالية.

ووصف الرئيس الأميركي باراك أوباما النتائج التي توصل إليها القادة في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بأنها «نقطة تحول» في معالجة الأزمة الاقتصادية بعد «قمة تاريخية» في لندن. ومن جانبه أكد رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أمس «انتهاء توافق واشنطن» وهو المصطلح الذي يشير إلى الحرية التامة للسوق ومنع التدخل في عمل السوق على اعتبار أنها تصحح نفسها بنفسها، فقمة الدول العشرين أكدت أمس على تنظيم الأسواق المالية وكشف براون عن ست نقاط في نهاية القمة تم الاتفاق عليها من قبل القادة الذين عملوا مع وزراء ماليتهم خلال اليومين الماضيين على تخطي الخلافات حول طريقة معالجة الأزمة الاقتصادية. وأبرز هذه النقاط محاربة الملاذات الضريبية وتقديم الدعم للدول الناشئة واقتصاداتها.

وبدا من البيان الختامي للقمة انه قد قلل الفجوة بين موقفي الولايات المتحدة ودول اوروبية رئيسية حول المدى الذي يمكن الذهاب اليه في تغيير نظم المراقبة لوقف تجاوزات الاسواق. وشدد رئيس الوزراء البريطاني على نجاح قمة الدول العشرين التي أنهت أعمالها في لندن أمس عند قراءته بنود الاتفاق على أن العالم قادر على تخطي الازمة المالية. واعلن ضخ 1.1 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي لمعالجة الازمة الاقتصادية، 750 مليار دولار منها لصندوق النقد الدولي و250 مليار دولار اموال تأمين للتجارة العالمية. وعدد براون عددا، من الاجراءات الملموسة التي ستتخذها القمة من اجل تخطي الازمة الاقتصادية، مضيفا أنها ليست «مجرد كلمات». وأضاف أن «صندوق النقد سيبدأ ببيع احتياطيه من الذهب من أجل السيولة»، بالإضافة إلى أن العالم سيواصل عمله على تحفيز الاقتصاد من خلال عمليات تحفيز تصل قيمتها الى 5 تريليونات دولار بحلول نهاية العام المقبل 2010.

ومن جهته، قال أوباما، الذي عقد مؤتمرا، صحافيا مساء أمس: «اليوم تعلمنا دروس التاريخ، وكان البعض في الصحافة أخطأ فهم الحوار الصريح بأنه خلاف لا يمكن حله». وأضاف أن أهم ما تم إنجازه «التمسك بالوظائف والاقتصاد»، مشددا على أن «الحكومة ستسعى الى تقديم القروض التي تساعد العائلات والاعمال». وتابع: «اتفقنا على إجراءات جريئة لدعم الدول النامية من خلال مضاعفة موارد الصندوق الدولي 3 مرات». وأكد أن الدول المجتمعة «خطت خطوات كبيرة في ما يخص إصلاح نظام رقابة فشل سابقا»، معتبرا ان «المزيد من الشفافية سيمنع تكرار هذه الازمة». وكرر أوباما تعهدات الدول المجتمعة في ما يخص إصلاح المؤسسات الدولية»، مضيفا: «سأعمل مع الكونغرس لتزويد 448 مليون دولار للدول الفقيرة وأكثر من مليار دولار لتأمين الغذاء وسندعم الأمم المتحدة في تأمين البرامج الضرورية». ورغم أنه لم يتم الإعلان عن إصلاحات شاملة للمؤسسات النقدية العالمية، فإن براون أكد بداية النقاشات حول هذه القضية من اجل طرحها مجددا، في القمة المقبلة. كما انه تم الاعلان عن شطب منتدى الاستقرار المالي واستبدل بـه «مجلس الاستقرار المالي». وتم الاتفاق على العمل على قوانين جماعية لمكافآت العاملين في المصارف ولكن لم تحسم بعد ومن المتوقع ان تكون محور نقاش مع المصارف خلال الاسابيع المقبلة. واكد براون «لن نعطي الجوائز للفشل بعد». ورحب براون بانبثاق «نظام عالمي جديد» من الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة.

ومن جهته، اعتبر رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه بوروسو أمس أن القمة «ناجحة وتاريخية» من خلال «تقوية المؤسسات الدولية». وأضاف: «ما توصلنا إليه من خلال الإجماع الدولي أمر غير مسبوق ويجب الالتزام بالقوانين الدولية». وكانت قضية مكافحة الملاذات الضريبية الأبرز في القمة، اذ تم الاتفاق على كشف أسماء الدول التي ترفض التعاون مع المجتمع الدولي في ما يخص المعلومات الضريبية. وقال براون «هذه بداية نهاية الملاذات الضريبية»، مضيفا، انه تم الاتفاق على رفض عقوبات على تلك الدول التي لا تتعاون وتزود معلومات عن الهاربين من الضرائب. وقال بوروسو حول التعاون الدولي في قضية الضرائب: «لقد عملنا منذ سنوات حول قضية التعاون الضريبي والعمل على الدوائر غير المتعاونة». وشرح انه تم الاتفاق على معالجة هذه القضية من خلال مراقبة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بدلا من آلية مجموعة العشرين «لأن لديها خبرة أطول». وأكد براون أن دول العشرين ستجتمع مجددا في الخريف المقبل، الا انه لم يحدد موعد او مكان الاجتماع المقبل. وعلمت «الشرق الأوسط» انه تم استبعاد عقد قمة على هامش اجتماع دول الثمانية في ايطاليا المرتقب عقده في يوليو (تموز) المقبل لعدة أسباب، أولها أن الوقت المتبقي قبل القمة غير كاف لتطبيق البنود التي تم الاتفاق عليها في قمة لندن. كما ان دول مجموعة العشرين حريصة على عقد القمة المقبلة في احدى الدول الناشئة بدلا، من احدى الدول الاوروبية أو دول اميركا الشمالية. وأفاد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أمس بأنه أثير احتمال عقد القمة المقبلة على هامش اجتماع «ايباك» (مؤسسة تعاون آسيا والمحيط الهادئ) المرتقب عقده في سنغافورة هذا الخريف. ومن المتوقع الاعلان عن موعد ومكان عقد القمة المقبلة خلال الايام المقبلة. وأشار أوباما إلى عقد اجتماعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وقادة إفريقيا الجنوبية والهند بالإضافة إلى لقاءات مع مسؤولين بريطانيين. وقال: «تحدثنا عن خطوات حول تحفيز الاقتصاد ولكن ايضا، بحثنا مواضيع مهمة مثل برامج تقليل مخاطر الأسلحة النووية وكيفية التعامل مع تهديد إطلاق صاروخ من كوريا الشمالية واستقرار أفغانستان وحماية العالم من التغيير المناخي».

وقلل براون من شأن الحديث عن خلافات بين دول العالم، موضحا، ان «هذه المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة من كل هذه الدول ويتفقون على هذه القضايا». واعتبر رئيس الوزراء البريطاني أن أهم ما تم إنجازه هو «إعادة الثقة» إلى العالم، مضيفا: «العالم جاء معا، من أجل مكافحة (الأزمة الاقتصادية) بجدول زمني محدد، ورسالة واضحة للعالم».