جماعة الإخوان المسلمين تنسحب من جبهة الخلاص الوطني السورية المعارضة

البيانوني: نعم هناك خلافات ولكن بدون قطيعة * خدام: الإخوان يجرون اتصالات مع النظام عبر لجنة أمنية * بعثي سوري: خطوة إيجابية تستحق التقدير

TT

أعلن الإخوان المسلمون في سوريا انسحابهم من «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة التي كانت من أبرز مكوناتها إلى جانب نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، رداً على ما وصفته بـ«حملة الافتراءات والاتهامات» التي تشنها أطراف في الجبهة عليهم بعد إعلانهم تعليق أنشطتهم المعارضة، في حين رد خدام قائلا في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الإخوان كانوا يشكلون «ثقلا» على الجبهة، وإنهم يجرون حاليا حوارا مع النظام السوري عبر لجنة أمنية شكلت خصيصا لهذا الأمر.

وفي بيان صادر في لندن تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قالت الجماعة المحظورة في سورية إنها «قررت بعد التداول والتشاور الانسحاب من جبهة الخلاص الوطني بعد أن انفرط عقد الجبهة عمليا وأصبحت بوضعها الحالي عاجزة عن النهوض بمتطلبات المشروع الوطني والوفاء بمستلزماته». وأوضحت الجماعة أن قرارها المعلن في بداية العام بـ«تعليق أنشطتها المعارضة للنظام السوري» بسبب الهجوم الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة، أدى إلى تباين في وجهات النظر داخل جبهة الخلاص واتهام بعض مكوناتها الإخوان المسلمين «بتعارض موقفهم مع ميثاق جبهة الخلاص». من جهته قال الشيخ علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة بسورية، والمعارض السياسي الإسلامي المقيم بالمنفى لـ«الشرق الأوسط»: «هناك خلاف مع جبهة الخلاص الوطني ولم يعد هناك صراع، ولكن لا توجد قطيعة»، مضيفا أن اختلاف وجهات النظر لا يفسد العلاقة بين أطراف المعارضة». وأكد أن إخوان سورية انسحبوا من الجبهة بعد أشهر من تعليق أنشطتهم داخلها». وأوضح البيانوني: «أعلنت جماعة الإخوان في السابع من يناير كانون الثاني أنها قررت «تعليق أنشطتها المعارضة للنظام السوري، توفيرا لكل الجهود للمعركة الأساسية» في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين». وتحدث البيانوني عن اجتماع لأمانة جبهة الخلاص الوطني في بروكسل في فبراير (شباط) الماضي، «وأثير موضوع تعليق أنشطتنا وموقفنا من أحداث غزة والمقاومة وهي المعركة التي كان يجب أن ينصب عليها جهدنا وتفكيرنا، وكان هناك خلاف واضح مع الجبهة». ونفى ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن كان الانسحاب من الجبهة بمثابة رسالة مصالحة مع النظام السوري، «المسألة تقع في ملعب النظام السوري، فربما يحول هذه المبادرة إلى فتح قنوات حوار». إلا أن مراقب إخوان سورية قال «إن جماعته مستمرة في معارضتها للنظام السوري، ومطالبة بإطلاق الحريات والإفراج عن السجناء السياسيين، والكشف عن مصير المفقودين، وإلغاء القوانين الاستثنائية بما فيها القانون رقم 49 الذي يقضي بعقوبة الإعدام لكل من ينتمي إلى جماعة الإخوان». وقالت جماعة الإخوان في بيانها، إنها تقدمت إلى اجتماع الأمانة العامة في السادس من فبراير (شباط) الماضي «بمذكرة توضيحية» تشرح موقفها. لكنها قالت إن الاجتماع «كشف عن تباينات في وجهات النظر حول القضية الفلسطينية والموقف من المقاومة ومن العدوان الصهيوني الأخير على غزة وحول موقفنا بتعليق الأنشطة المعارضة».

ومن جانبه، وصف نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام انسحاب الإخوان المسلمين من جبهة الخلاص الوطني السورية المعارضة التي يتزعهما بأنه غير مؤثر على نشاط الجبهة، واصفا الإخوان المسلمين السوريين بأنهم باتوا يشكلون «ثقلا» على الجبهة وأنهم يجرون اتصالات مع النظام السوري تستضيفها إحدى الدول العربية على حد قوله.

وفي اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» معه من بروكسل حيث كان موجودا أمس، قال خدام «معلوماتنا تشير إلى وجود وساطة بينهم وبين النظام السوري من خلال شخصيات أمنية رفيعة.

واعتبر أن هذه المفاوضات لن تفضي إلى عودة الإخوان إلى سورية كحزب سياسي كما كانوا دوما يطمحون معولين على التقارب الجاري بين النظام السوري والولايات المتحدة، على حد تعبيره، لافتا إلى أن الجماعة تفاوضت مرتين في السابق للعودة إلى البلاد كحزب سياسي، ورفض الرئيس الراحل حافظ الأسد مطلبها.

وأشار إلى اجتماعات تجرى في إحدى الدول العربية لترتيب المصالحة بين الإخوان وبين النظام السوري، واصفا قرار الجماعة تعليق نشاطاتها المعارضة للنظام السوري بحجة الأحداث في غزة والمقاومة الفلسطينية بأنه «كلام سخيف».

وقال «الإخوان المسلمون السوريون يعرفون أن المفاوضات بين النظام وبين إسرائيل كانت وصلت إلى مرحلة نهائية قبل حرب غزة، لذلك فإن الكلام عن تعليق النشاطات المعارضة من أجل فلسطين هو كلام سخيف ولا أرى ما الرابط بين تعليق الأنشطة المعارضة والمقاومة، فهل أن النظام السوري حشد جيشه لتحرير الجولان وتحرير فلسطين؟».

وأضاف «القضية الفلسطينية ليست موضع خلاف بين الشعب السوري، بل الخلاف على كيفية توظيف القضية ورأينا أن هذه القضية يجب أن تكون منزهة عن الاستخدام السياسي».

واعتبر أن مشاركة الإخوان المسلمين في الجبهة باتت تشكل «ثقلا» بسبب معارضة أطراف أخرى في الجبهة لها مشددا على أن «جبهة الخلاص تزداد قوة وفاعلية» بعد انسحابهم، وأنها سوف تتجه إلى التحالف مع التيار الإسلامي المعتدل عبر ترك ثلاث مقاعد شاغرة في الأمانة العامة الجديدة للجبهة لصالح هذا التيار. من جهته اعتبر عضو بارز في حزب البعث العربي الاشتراكي الحزب الحاكم في سورية، إعلان جماعة الإخوان المسلمين الانسحاب من جبهة الخلاص، «خطوة إيجابية» و«ضربة قاصمة لخدام وجماعته» وتستحق «التقدير». وأكد الحزبي الذي رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن حزب البعث لم يناقش موضوع العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين نهائيا، نافيا علمه بمدى صحة الكلام المتداول إعلاميا عن وجود مفاوضات بين الجماعة والجهات المختصة في النظام السوري عبر وساطة عربية وإسلامية. وقال «رغم أن الموضوع لم يطرح في اجتماعات الحزب، لكن أي حزبي مخلص لوطنه يشعر أن هذه الخطوة إيجابية وتستحق التقدير وتخدم التوافقية الوطنية والمصالحة العربية الجارية».