راسموسن يؤكد للمسلمين احترامه لهم من «منتدى تحالف الحضارات».. ويوثق علاقاته بتركيا

إطلاق «مقهى الحوار الإلكتروني» لتشجيع الحوار بين الشعوب حول العالم

TT

شهد «المنتدى الثاني لتحالف الحضارات» الذي انطلقت أعماله في اسطنبول أمس نقاشات عدة حول ضرورة بناء جسور التعاون والتصدي للتطرف، إلا أن أحداث الأسبوع الماضي كانت طاغية على نقاشات الجلسات العامة للمنتدى. فمن جهة كان المنتدى الفعالية الرسمية الأولى لرئيس الوزراء الدنماركي اندريس فوغ راسموسن بعد الإعلان عن تعيينه أمينا عاما لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، بينما ذكر عدد من المشاركين البارزين بأهمية قمة العشرين التي انعقدت في لندن الأسبوع الماضي وضرورة اتخاذ الخطوات الضرورية للتصدي لمخاطر الأزمة الاقتصادية على نسيج المجتمعات حول العالم. وافتتح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المنتدى أمس، مشدداً على أن «العالم قرية صغيرة، يجب ألا نرضى بتصادم الحضارات وإزالة الأحكام المسبقة». وشرح سبب اهتمام تركيا بالتحالف الذي أسسته مع إسبانيا قبل 5 أعوام، قائلاً: «مثل ما قال مؤسس الدولة (مصطفى كمال أتاتورك) السلام في الوطن هو السلام في العالم». وكان ظهور راسموسن في الجلسة الأولى للمنتدى في اسطنبول منتظراً من المشاركين والصحافيين على حد سواء، بعد أن كانت تركيا الدولة الوحيدة المعارضة لتعيينه وقررت في اللحظة الأخيرة المصادقة عليه بعد تقديم تعهدات من راسموسن بمعالجة نقاط الانتقاد له. وحرص راسموسن فور منحه فرصة للحديث على التركيز على احترامه للمسلمين ومعالجة لأزمة الكارتونات المسيئة للمسلمين في الدنمارك، قائلاً: «موقفي واضح، قبل وخلال وبعد أزمة الكارتونات». وأضاف: «إنني أحترم الإسلام وأحترم مشاعر المسلمين، ولم ولن أصور أي شخصية دينية مثل الرسول محمد بشكل غير محترم». ولكنه لفت إلى أنه «من الضروري أن نستطيع التواصل بطريقة شفافة وصريحة من أجل أن يكون الحوار إيجابياً، ويجب أن يكون مبنياً على الحوار المتبادل والتفاهم، وذلك يعني عدم السماح للرقابة». وأضاف: «يجب أن نواجه جميع أشكال العنصرية وبطريقة واضحة من أجل التطور السلمي البعيد الأمد، ولكننا مسؤولون عن ذلك». وأكد راسموسن: «كأمين عام، سأعمل على بناء وتطوير الحوار مع العالم الإسلامي، هذه مسؤولية خاصة لي وأتجه إليها بمنظار شخصي خاص». وعبر راسموسن عن احترامه للشعب التركي من خلال الحديث عن حادث خاص به، إذ تعرض لحادث أدى إلى ربط ذراعه اليسرى. وقال: «لم أرد أن يكون ظهوري الأول منذ إعلان ترشيحي أمينا عاماً للناتو بهذه الطريقة، ولكن تعرضت لحادث هذا الصباح»، وأضاف متوجهاً لرئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان: «يا سيد رئيس الوزراء يمكنك الشعور بفخر بأطباء بلدك، إنهم ممتازون». وتابع: «لقد شعرت بطيبة وضيافة الأتراك من خلال هذا الحادث ومعالجتهم لي». وعبر راسموسن في تصريحات صحافية لاحقة دعمه لمواجهة حزب العمال الكردستاني حسب القضاء الدنماركي، قائلاً: «إذا زودت الأدلة الكافية، بالطبع سنعمل كل ما يمكننا لغلق القناة التلفزيونية» لحزب العمال الكردستاني التي تبث من الدنمارك. ويذكر أن علاقة راسموسن مع تركيا توترت بسبب بث قناة «روج»، التابعة للحزب الذي تعتبره تركيا إرهابيا، من الدنمارك.

ومن جهة أخرى، أثيرت الأزمة الاقتصادية مرات عدة في المنتدى، على غير العادة في المؤتمرات الخاصة بالتعاون الحضاري الذي عادة ما يركز على القضايا السياسية والاجتماعية. ولكن كان الأمر مختلفاً في اجتماع أمس. وقال رئيس وزراء إسبانيا خوزيه – لويس ثباتيرو: «لقد قررنا في قمة العشرين أن نلتزم بعالم اقتصادي أكثر عدالة وأن نلتزم بالمبادئ، فعلينا مكافحة الفقر والجوع وهذا ما التزم به القادة». وأضاف: «على أن يعطي منتدى الحضارات الشعور بالأمل بدلاً من الاستسلام، بأن نطور مبادئ المساواة الاجتماعية في وجه الفقر والتطرف». ومن جهته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أن «الأزمة الاقتصادية تمزق نسيج المجتمعات، الكثيرون خسروا وظائفهم ويشعرون بالغضب ويبحثون عن أناس يلومونهم، ولكن اللوم غير العادل يؤدي إلى الظلم». وأضاف: «على الأمم المتحدة العمل على إخماد النيران بعد أن تنشب ولكن علينا أن نعمل من خلال تحالف الحضارات منع انتشارها من الأساس»، مشددا على أهمية منع التهام نار الأزمة الاقتصادية التعايش السلمي. وتابع: «المشاكل في العالم اليوم قد تنفجر بأي وقت وعلينا معالجتها سوياً». واتفق الممثل الأعلى للأمم المتحدة لتحالف الحضارات خورغي سامبيو مع بان، قائلاً: «الخبراء يقولون هذه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عام 1929 ومع الأزمات من دون حل وتهديد مستمر من الإرهاب وانتشار عدم المساواة والفقر يهددنا كلنا». وأضاف: «علينا التعلم من مخاطر تجارب حالات الركود السابقة، فخلال الأزمة الأخيرة الحمائية والعزلة أدت إلى الأنظمة الفاشية» التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية. وشدد سامبيو على ضرورة تكثيف الجهود لمنع تكرار هذه التجارب ومواجهة التأثيرات الاجتماعية للأزمة الاقتصادية.

وكان المشاركون الذين وصل عددهم 400 شخصية من أكثر من 80 دولة ينتظرون أخبارا عن مشاركة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يزور تركيا بالمنتدى ولكن لم يؤكد ذلك من أي طرف رسمي. وأفادت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» أنه من المرتقب أن يحضر أوباما حفل استقبال يقيمه أردوغان لعدد من الوفود الرفيعة المستوى والقادة الحاضرين المنتدى. وعلى الرغم من غياب أوباما في اليوم الأول من جلسات المنتدى، إلا أن تأثيره الإيجابي كان ملموساً. وأكد عدد من المشاركين العرب والأوروبيين أن الأجواء أكثر إيجابية من مؤتمرات حول ضرورة تحالف الحضارات. وعلق مصدر حكومي تركي: «بالتأكيد، هناك تأثير واسع وأيجابي لأوباما». ومن جهته، رفض الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي التعليق على علاقة بلاده مع الولايات المتحدة تحت إدارة أوباما، فعندما سأله مدير جلسة نقاش عن هذه العلاقة، أجاب خاتمي بخطاب عن رأيه بتحالف الحضارات، ليضيف: «سأرد على ذلك لاحقاً». وشدد خاتمي على أن «العالم لا يعاني من مشاكل في اختلاف الأديان أو الحضارات، بل من الحروب التي تغذيها الأسباب السياسية والاقتصادية». وشهد اليوم الأول من المنتدى الإعلان عن مبادرات عدة، أولها تأكيد عقد منتدى ثالث لتحالف الحضارات في البرازيل العام المقبل، بالإضافة إلى إطلاق موقع الكتروني بعنوان «مقهى الحوار» لتشجيع الحوار بين الشعوب حول العالم من خلال الموقع الإلكتروني. وسيكون «المقهى الالكتروني» والذي تطوره شركة «سيسكو» وسيلة لربط الشباب من دول عدة من خلال شاشات ذات تقنية عالية بحجم فعلي لمن يظهر بالشاشة، وكأنه جالس بمن يشاهده، وقد تم تجريب المقهى من خلال طلاب في دول عربية وأوروبية.