طهران تواصل الإشارات المتناقضة وترحب بالحوار شرط أن يكون عادلا

نجاد يعلن «إنجازات» نووية جديدة.. وواشنطن تتحفظ وتدعوها لإطلاق الصحافية الأميركية الإيرانية المتهمة بالتجسس.. وتنتظر ردا من طهران على عرض الحوار

أحمدي نجاد يقبل المصحف الشريف خلال افتتاح أول مصنع إيراني لانتاج الوقود النووية في اصفهان أمس (إ.ب.أ)
TT

مارست إيران أمس سياستها في إرسال إشارات متناقضة تجاه سياسة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في فتح حوار معها فبينما أعلنت إنجازات نووية جديدة بافتتاح أول مصنع للوقود النووي واختبار نوعين جديدين لأجهزة الطرد المركزي رد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على دعوة الدول الست لمباحثات جديدة بمشاركة واشنطن حول ملفها النووي بالتأكيد أن بلاده مستعدة للحوار ولكن على أساس احترام حقوقها. وجاء ذلك في ظل تصعيد دبلوماسي على جبهة أخرى، إذ قالت واشنطن أمس إن الاتهامات الإيرانية لصحافية أميركية إيرانية بالتجسس ليس لها أساس. وكان قاض إيراني قد اتهم الصحافية روكسانا صبري التي تقبع في سجن بإيران منذ 6 سنوات بالتجسس أول من أمس.

وفي إطار وعوده بإعلان أنباء نووية سارة اليوم افتتح الرئيس أحمدي نجاد أمس في أصفهان أول مصنع لإنتاج الوقود النووي بمناسبة «اليوم الوطني للطاقة النووية»، معلنا اختبار نوعين جديدين من اجهزة الطرد المركزي وتركيب سبعة آلاف جهاز جديد. وبافتتاح هذا المصنع، تكون إيران قد أنجزت دورة تصنيع الوقود النووي.

وقال أحمدي نجاد في خطاب في أصفهان إن إيران «اختبرت نوعين جديدين من أجهزة الطرد المركزي تفوق قدرتهما أضعاف قدرة الأجهزة العاملة حاليا».

في الوقت ذاته قال رئيس المنظمة الايرانية للطاقة النووية غلام رضا اغازاده «نصبنا في نطنز نحو سبعة الاف جهاز طرد مركزي وهذا العدد سيبلغ خمسين الفا خلال البرنامج الذي يمتد خمسة أعوام».

وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، رفضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعليق على هذه المعلومات.

وفي تقريرها الصادر في 19 فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الوكالة الدولية أن إيران تقوم بتشغيل 3964 جهاز طرد مركزي وتختبر 1476 جهازا، وقد تم تركيب نحو 125 جهاز طرد مركزي من دون أن يتم تشغيلها حتى الآن.

ونقلت وكالة مهر للأنباء أن القدرة الإنتاجية للمصنع تبلغ سنويا عشرة أطنان من الوقود النووي مخصصة لمفاعل اراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة والذي لا يزال قيد البناء في المحافظة المركزية (وسط)، اضافة الى ثلاثين طنا من الوقود للمفاعلات المقبلة التي ستعمل بالمياه الخفيفة.

وتشمل دورة الوقود النووي خصوصا مصنع «يو اف6» في أصفهان الذي يستخدم انتاجه في الحصول على اليورانيوم المخصب لمصنع نطنز. ولاحقا، يستخدم اليورانيوم المنتج في نطنز في مصنع اصفهان الجديد بهدف انتاج الوقود للمحطات النووية المقبلة في البلاد.

ويأتي اعلان هذه المعلومات في وقت اعلنت فيه الولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى الأعضاء في مجموعة الست (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا) أول من أمس أنها ستدعو إيران إلى لقاء مباشر لبحث برنامجها النووي. وأعلنت واشنطن أنها ستشارك في كل المحادثات متخلية عن سياسة الإدارة السابقة في عزل إيران. ووصف علي اكبر جفانفكر وهو مستشار قريب من أحمدي نجاد هذا الاقتراح بأنه «بناء».

وقال جفانفكر «ينبغي درس هذا الاقتراح. والجمهورية الإسلامية في إيران ستدرس هذا الاقتراح وتعطي ردها».

وأضاف «نأمل أن يظهر هذا الأمر تغييرا في الموقف نحو مقاربة أكثر واقعية». وقالت واشنطن أمس إنها أشارت بوضوح واعلنت رغبتها في التواصل مع إيران وتنتظر من إيران ان تفعل بالمثل، وفي الوقت ذاته أعربت عن تحفظها على ما أعلنه الرئيس الإيراني عن تقدم نووي. وتعقيبا على تصريحات أحمدي نجاد قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية روبرت وود إننا لا نزال ننتظر ردا من إيران مشيرا إلى أنها مجموعة من القضايا الجدية التي نريد التحرك بشكل جوهري وايجابي، والأمر متروك للإيرانيين اذا كانوا يريدون الحوار. في الوقت ذاته تعامل المتحدث بحذر من الإعلانات النووية الإيرانية الجديدة مشيرا إلى إعلانات سابقة لم تكن كما أعلن. وجدد وود مطلب الدول الغربية بان تتخلى إيران عن التخصيب مقابل حزمة الحوافز المعروضة عليها من العام الماضي والتي وصفها بأنها جيدة.

من جهته، أعلن أحمدي نجاد أمس أن «إيران تسعى دائما الى حوار منطقي»، لكن اي حوار ينبغي ان «يستند الى احترام متبادل وعدالة».

وقال أحمدي نجاد في كلمة نقلها التلفزيون أن الأمة الإيرانية تسعى منذ البداية للمنطق والمفاوضات.. لكن مفاوضات تعتمد على العدل والاحترام الكامل للحقوق والقوانين. وأضاف «المفاوضات المنحازة والمفاوضات المشروطة والمفاوضات في مناخ تهديد ليست شيئا يمكن لأي شخص حر أن يقبله، والأمة الإيرانية كانت دائما مستعدة للمفاوضات».

وكانت الدول الست رحبت بانفتاح واشنطن على إيران وتصميمها على «المشاركة في أي لقاء مقبل مع ممثلين للجمهورية الإسلامية في إيران».

وأضافت «نحض إيران بقوة على انتهاز هذه الفرصة لتعمل بجدية معنا جميعا في روح من الاحترام المتبادل».

وأعربت وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء عن أملها أن تقبل إيران دعوة مجموعة الست.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية روبرت وود ان «الحل الدبلوماسي يتطلب رغبة في حوار مباشر على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».

وفي بكين قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية أمس ان بكين تشجع إيران والقوى الأخرى على مواصلة الاتصالات لنزع فتيل خلاف مستمر حول الأنشطة النووية لطهران.

وصرحت جيانج يو المتحدثة باسم الخارجية الصينية بأن حكومتها ترحب ببوادر تجدد الحوار.

وقالت جيانج في مؤتمر صحافي «نحن سعداء بتحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، كما نؤيد أي اقتراحات للتوصل الى حل ملائم للمسألة النووية الإيرانية عبر التفاوض والحوار. ونشجع إيران والأطراف الأخرى على الاتصال النشط للتوصل إلى حل شامل ومناسب بعيد المدى للمسألة الإيرانية». وباعتبارها مستهلكا كبيرا للنفط الإيراني وعضوا دائما في مجلس الأمن الدولي يتمتع بحق النقض كانت الصين محورا لجهود تستهدف التغلب على الأزمة مع إيران.

وساندت الصين في الماضي فرض عقوبات محدودة على طهران لكنها قاومت خطوات يمكن أن تهدد علاقاتهما في مجالي الطاقة والتعاون الاقتصادي. وإيران ثالث أكبر مورد للنفط الخام للصين بعد السعودية وأنجولا.