أسر فلسطينيين ومصريين معتقلين في مصر: كلام نصر الله ليس في صالح أبنائنا

نظيف: أمن مصر خط أحمر > اشتباك في سيناء بين الأمن ومسلحين وضبط 4 ملايين جنيه واستمرار حملة التمشيط

مؤيدات لحزب الله خلال مسيرة سابقة (أ.ب)
TT

في تعليق غير مباشر من الحكومة المصرية على قضية تنظيم حزب الله في مصر، واعتراف حسن نصر الله أمين عام الحزب، بأن المتهم الرئيسي في القضية ينتمي لحزبه، وكان يقوم بعمل لوجيستي من حدود مصر مع غزة، أكد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء المصري أن أمن مصر خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو الاقتراب منه أو المساس به، مشدداً على أن أجهزة الأمن المصرية قادرة تماماً على حماية الجبهة الداخلية.

وقال نظيف: مصر لن تسمح لأي جهة في الداخل أو الخارج بتعريض حياة المواطن المصري أو تعريض الاقتصاد الوطني لأي مخاطر، موجهاً التحية لأجهزة الأمن المصرية على يقظتها، ومعرباً عن تمنياته أن تظل مصر بلد الأمن والأمان. وجاء تعليق الدكتور نظيف في تصريحات له عقب افتتاحه، أمس، أعمال تطوير برج القاهرة، في وقت أعلنت فيه مصادر أجهزة الأمن المصرية بشمال سيناء، أمس، أنها ألقت القبض على خمسة مصريين بحوزتهم 4 ملايين جنيه مصري قبل تهريبها لحركة حماس في قطاع غزة، وأنه تم ضبط ثلاثة أشخاص في مدينة رفح واثنين بمدينة الشيخ زويد، وأنه يجري التحقيق معهم لمعرفة ما إذا كانت لهم علاقة بقضية «تنظيم حزب الله» التي تحقق فيها نيابة أمن الدولة العليا، وتضم 49 شخصاً بزعامة لبناني يدعى سامي شهاب، اعترف «نصر الله» الليلة قبل الماضية بأنه عضو في حزب الله، كان معه 10 يقدمون دعماً لوجيستياً للمقاومة في غزة. وبينما تجري السلطات الأمنية حملة تمشيط واسعة في شمال سيناء، خاصة في مدن العريش والشيخ زويد، ورفح، أسفرت، حتى مساء أمس، عن القبض على العشرات، أوضحت المصادر الأمنية أن قوات الأمن تشتبه بوجود شبكة أخرى تضم فلسطينيين بسيناء تقوم بتنظيم أعمال التهريب عبر الأنفاق الموجودة على جانبي حدود البلدين، ومساعدة مصريين من أبناء مدينة الشيخ زويد على تصنيع صواريخ في ورش للحدادة، تم اكتشاف إحداها بالفعل مساء أول من أمس، والقبض على 15 من المنخرطين في هذه الأعمال المخالفة للقانون. وعلى صعيد متصل، قالت المصادر، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من مدينة العريش مساء أمس، إن الشرطة عثرت أيضاً على كمية من الذخيرة في سيارة بدون لوحات معدنية، كان مسلحون مجهولون يستقلونها على طريق قرب المدينة التي تمثل عاصمة محافظة شمال سيناء، وإن قوات الأمن حاولت إلقاء القبض على المسلحين، إلا أنهم ردوا بإطلاق وابل من الرصاص، وإن تبادلا لإطلاق النيران ومطاردة مع رجال الأمن، أسفرا عن مصرع مواطن من سيناء، وفرار المسلحين، لكن المصادر استبعدت أن تكون الحادثة لها علاقة بتتبع سلطات الأمن لقضية حزب الله في مصر، وقال علاء الكاشف، وهو ناشط سياسي في العريش: «من المعتاد أن تقع حوادث مثل هذه بين الشرطة ومسلحين في سيناء.. أنا أستبعد وجود صلة لهذا بموضوع قضية حزب الله». وأضافت المصادر أن من بين المقبوض عليهم أمس وأول من أمس في شمال سيناء أصحاب ورش حدادة وسائقي شاحنات، وأن معظم المقبوض عليهم من مدينة الشيخ زويد التي تبعد عن الحدود المصرية مع قطاع غزة بنحو 10 كيلومترات.

واستمرت نيابة أمن الدولة العليا في إجراء التحقيقات الموسعة مع المتهمين بالانضمام والترويج لحزب الله اللبناني والدعوة إلى ارتكاب جرائم داخل البلاد لزعزعة الأمن والاستقرار في مصر، ومحاولة عدد من المتهمين شراء أراضٍ بملايين الجنيهات، في المنطقة المحاذية للحدود مع غزة، لاستخدامها في تهريب أسلحة ومتفجرات للقطاع. وأجرت «الشرق الأوسط» اتصالات بعدد من ذوي المتهمين الفلسطينيين والمصريين في قضية تنظيم حزب الله في مصر، ورووا قصصاً عن ذويهم المتهمين، قائلين إنهم لا يعرفون طبيعة التهم الموجهة إليهم، وإن خطاب حسن نصر الله بخصوص القضية، ليس في صالح أبنائهم، الذين قالوا إنهم لا علاقة لهم بحزب الله، وإن أغلبيتهم عمال بناء، لا يعرفون القراءة ولا الكتابة ولم يخرجوا من مدينة العريش إلا نادراً، وإنهم لم يعرفوا أنه تم القبض عليهم إلا حين الإعلان عن تفاصيل القضية يوم الأربعاء الماضي. وتعليقاً على ما ذكره ذوو المتهمين، اكتفت مصادر أمنية وقضائية بالقول إن التحقيقات في القضية تسير وفقاً للقانون، وإن المضبوطات، وأقوال المتهمين واعترافاتهم، وإعلاء مصلحة الوطن.. «هي الفيصل في سير القضية التي أصبحت في أيدي النيابة (نيابة أمن الدولة العليا)، وبحضور المحامين بداية من الليلة (الماضية)». وقال عادل، وهو من أسرة فلسطينية تعود لفلسطينيي عام 1948 المقيمين في مصر منذ عقود طويلة، والذي كان مقبوضاً عليه مع شقيق نصار جبريل (عبد اللطيف جبريل)، وهو (نصار) أحد المعتقلين في قضية تنظيم حزب الله في مصر، إنه كان يعمل مع شقيقه، يوم الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمصنع للطوب بمدينة العريش، ليلا، حين جاءه اتصال من هاتف زوجة شقيق له يدعى خالد بالعريش، ممن قال إنه (المتصل) ضابط في مباحث أمن الدولة، وأضاف: كانت الساعة حوالي الثانية والنصف ليلا، وفوجئنا بالمكالمة الغريبة في مثل هذا الوقت من الليل، وحين رد أخي على الهاتف، قال له الضابط إنه موجود في بيت شقيقه، وإن علينا أن نحضر فوراً لمبنى مباحث أمن الدولة بالعريش. وأضاف عادل أنه توجه هو وشقيقه من مصنع الطوب إلى مبنى مباحث أمن الدولة، مشياً على الأقدام، بسبب عدم وجود وسائل انتقال في مثل هذا الوقت من الليل (سيارات أجرة). وقال: وصلنا هناك في الساعة الرابعة فجراً تقريباً، ووجدنا أخي (خالد) الكبير في انتظارنا، وسلمت نفسي أنا وشقيقي نصار لاستعلامات أمن الدولة، وفي الصباح طلبوا من خالد الانصراف وعدم السؤال عني أو عن نصار مرة أخرى، وهددوه بأنه إذا لم يفعل ذلك سيحتجزونه معنا. وتابع عادل قائلا: أخبرنا الضباط أنه سيتم ترحيلنا إلى قسم شرطة بالعريش، لكن سيارة الترحيلات ظلت تسير حتى وصلت بنا إلى مقر مباحث أمن الدولة بالقاهرة، وهناك ضربوني أنا وأخي، ووضعوا عصابة سوداء على أعيننا، وبعد ذلك احتجزونا في مكان لا نعرفه.. وطوال 65 يوماً من احتجازي مع أخي، كانت عيناي معصوبتين، ولم أكن أرى أخي نصار، وكنت أتعرف عليه من صوته فقط..».

وعن الأسئلة التي وجهت له أثناء التحقيق معه، قال عادل: «في المرة الأولى التي وصلت فيها لمباحث أمن الدولة بالقاهرة سألني الضابط أنت جابوك من العريش ليه؟، فقلت له لا أعرف.. فقال لي طيب أقعد برة ساعة اعصر دماغك يمكن تعرف.. وفي المرة الثانية حكيت للضابط عن ظروفي وأني وشقيقي نعمل بمصنع الطوب، ولا علاقة لنا بأحد.. لكن لم يقتنع أحد بكلامي.. تعرضت خلال هذه المدة للضرب والتعذيب، وكنت أصرخ من الألم لأن بي مرضاً في الغضروف، وأتلقى أدوية، حبوباً مسكنة، ولم أكن أجدها أثناء فترة احتجازي. كما أن السؤال الوحيد الذي كان يطرحه عليّ الضابط أثناء التحقيقات هو: لماذا تم ترحيلك من مباحث أمن الدولة بالعريش إلى مباحث أمن الدولة بالقاهرة؟.

وتابع عادل قائلا: أعادوني مرة أخرى بعد هذه المدة (نحو شهرين و5 أيام) إلى مباحث أمن الدولة بالعريش، وهناك أخبروني أنه تم إخلاء سبيلي بإفراج وزاري، وعرضوا عليّ علاجي على نفقة الدولة، في أي مستشفى حكومي، لكنني رفضت، وعدت إلى البيت، دون أن أعرف مصير شقيقي، وسبب احتجازه، إلى أن أُعلن عن تنظيم حزب الله في مصر، وأنه أحد أفراد هذا التنظيم. وتتكون أسرة المتهم في تنظيم حزب الله من 7 أشقاء رجال، وشقيقة، وجميعهم متزوجون، عدا عادل، ويبلغ عددهم بأطفالهم 30 فرداً، يعيشون في بيت واحد، ولديهم جهاز تلفاز واحد أبيض وأسود، ويعملون جميعاً في مصانع للطوب. كما يعمل والدهم (77 عاماً) خفيراً براتب زهيد قدره 300 جنيه شهرياً. وقال عادل إن نصار (الوحيد المتعلم من بين أشقائه، ويحمل دبلوماً متوسطاً) لديه طفلان هما أسماء 7 سنوات، وطارق 4 سنوات، مشيراً إلى أنه، أو أياً من أشقائه، لا يخرج من العريش إلا نادراً لحضور زفاف أحد الأقارب أو الأصدقاء في رفح أو الشيخ زويد. وقالت سحر، وهي مصرية، زوجة المتهم الفلسطيني في القضية نفسها، نمر فهمي الطويل (33 سنة)، وهو من أسرة تعود أيضاً لعرب 1948 المقيمة في مصر منذ عقود طويلة: زوجي يعمل، نقاشاً (دهان بنايات) صباحاً، وفي آخر النهار يقود سيارة أجرة، نحن فقراء، وظروفنا عادية مثل أي مواطن بسيط في العريش.. ولم نستقبل أي فلسطيني لا في بيتنا ولا خارج بيتنا، نحن في حالنا، ولا يزورنا أحد.. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها القبض عليه، أنا لا أستطيع أن أصدق ما حدث.. رحنا سألنا أمن الدولة بالعريش فقالوا لنا لا تسألي عنه مرة أخرى.. فيه ناس كتير حوالينا واخدينهم.. وأضافت والدة المتهم في القضية، إيهاب عبد الهادي القليوبي، إن ابنها، وهو مصري من مواليد 1979، يعمل عامل بناء في العريش، ومتزوج ولديه طفل عمره 9 أشهر، ولا يخرج خارج العريش، إلى أن تم القبض عليها يوم الأول من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.. كان يصلي العشاء، وجاءت سيارة من مباحث أمن الدولة وصعد الضباط للبيت، وأخذوا هارد (القرص الصلب) الكمبيوتر الخاص به، وأخذوه، وقلنا إن القبض عليه ربما يكون بسبب ذهابه للصلاة في المسجد».

وأضافت: «كلام حسن نصر الله كان بيقصد ناس آخرين، لكن أولادنا مش ممكن بالشكل ده، وبعد كلام نصر الله، يروحوا في الرجلين». وقال أيمن شقيق المتهم هاني سيد مطلق، وهو مصري (29 سنة، ولديه ولد سنة ونصف السنة، وبنت 4 سنوات)، إن شقيقه أُلقى القبض عليه في الأسبوع الأول من ديسمبر الماضي، ويعمل عامل بناء، ويعود للبيت منهك الحيل، بسبب كثرة الشغل وقلة العائد، وإن أسرته لم تعلم بأنه تم القبض عليه إلا بعد الإعلان عن التنظيم الأخير.. فيما قالت زوجة المتهم هاني، وهو غير متعلم، إنها لم تلاحظ أي سلوك غريب على زوجها.. «لم يكن يبتعد عن مكان عمله أو عن بيته، كانت المصاريف علينا صعبة، وكنا لا نجد في بعض الأحيان ثمن حفاضات الأطفال». وقال محامو الدفاع، ومنهم المحامي منتصر الزيات، والمحامي عبد المنعم عبد المقصود، إن نيابة أمن الدولة العليا وافقت لهم على حضور التحقيقات بداية من الليلة الماضية، وأضاف «عبد المقصود: «سنطلع على التحقيقات ونعرف مجرى القضية، أنا أدافع عن 8 متهمين منهم 5 مصريين من شمال سيناء، و3 عمال فلسطينيين، ولا علم لديّ حتى الآن بوجود متهمين من جنسيات سورية أو سودانية». وأضاف: «لم ألتق بأي من المتهمين حتى الآن (مساء أمس)». وحول ما إذا كلام حسن نصر الله يأتي ضد المتهمين أو لصالحهم، قال «الانضمام لحزب الله ليس جريمة، إلا إذا كان قام بأنشطة تكدر السلم العام»، وأضاف: «العبرة ليست بكلام حزب الله (عن أن المتهم الرئيسي سامي شهاب ينتمي للحزب ومكلف بإيصال مساعدات لوجستية لغزة)، لأن سامي نفسه من الممكن أن ينفي كل ذلك، ومن الممكن أن ينفي صلته بحزب الله في التحقيقات»، لكنه أردف موضحاً: «كل شيء يتوقف على ما هو موجود في القضية التي لم نطلع على تفاصيلها بعد، بما في ذلك نوع المضبوطات، إن وجدت، والشقق المتحفظ عليها، والتي قيل إن المتهمين استخدموها في تنظيمهم، إن وجدت هذه الشقق وإن وجد هذا التنظيم من أساسه».