قبطان اليخت الفرنسي المقتول كتب: الخوف من القراصنة لن يقضي على الحلم الكبير

باع وزوجته ممتلكاتهما ليشتريا اليخت الشراعي و70 من الكوماندوز شاركوا بعملية تحرير الرهائن

صورة وزعتها وزارة الدفاع الفرنسية للقراصنة الصوماليين والرهائن على متن اليخت الشراعي الذي تم تحريره في عملية عسكرية ( رويترز)
TT

للمرة الثالثة، لجأت فرنسا إلى القوة العسكرية لتحرير رهائن فرنسيين من القراصنة، بعد تدخلها للمرة الأولى قبل عام تماما، ثم مرة ثانية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. غير أنها المرة الأولى التي تقتل فيها رهينة فرنسية أثناء عملية الإفراج عن الرهائن، التي نفذتها وحدة من كوماندوز البحرية الفرنسية. وسبق للقوات الفرنسية العاملة في مياه خليج عدن أن أسرت 12 قرصانا ساقتهم إلى فرنسا، حيث يفترض أن يقدموا إلى المحاكمة. و توافرت أمس معلومات وافية عن عملية اقتحام الزورق الشراعي «تانيت»، ومقتل قبطانه ومالكه فلوران لوماسون، الذي كان على متنه برفقة زوجته وطفلهما البالغ من العمر ثلاثة أعوام. وكان على متن المركب أيضا رجل وزوجته انضما إليهم في عدن، الشهر الماضي. وأطلق سراح الأربعة الذين سيصلون اليوم إلى باريس، بينما قتل الخامس برصاص لم يحدد بعد مصدره.

وأمس، في حديث صباحي إلى إذاعة «أوروبا رقم واحد»، لم يستبعد وزير الدفاع هيرفيه موران، أن يكون لوماسون قد قتل برصاص الكوماندوز الفرنسيين، مضيفا أن تحقيقا قضائيا سيفتح سريعا، وأن تشريح جثة الرهينة سيوفر العناصر الضرورية لمعرفة ما حصل بالضبط. ودافع موران عن قرار التدخل العسكري معتبرا إياه «أفضل الحلول الممكنة» لأن القراصنة كانوا يتجهون بالمركب الشراعي باتجاه الشواطئ الصومالية، وأن رئيس الجمهورية الذي أشرف وتابع العملية أمر «بالقيام بما يلزم» لمنع نقل الرهائن إلى اليابسة، وتحديدا إلى منطقة بونتلاند الخاضعة لسيطرة القراصنة. ورأى موران، أن «المخاطرة بدرجة الصفر غير موجودة»، وأن القوة الفرنسية «قامت بكل ما هو ممكن للحفاظ على حياة الرهائن».

وتفيد المعلومات المتوافرة عن العملية، التي كشف عنها وزير الدفاع ورئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال جورجولان، أن قرار التدخل اتخذ بعد «فشل كل المحاولات» التي قامت بها فرنسا للإفراج عنهم سلميا، بما في ذلك عرض دفع فدية لم تحدد قيمتها، ومبادلة زوجة لوماسون وطفلها بضابط فرنسي. وفي عمليتها العسكرية الأولى العام الماضي، لجأت فرنسا إلى دفع فدية من عدة ملايين، ثم مهاجمة القراصنة بعد نزولهم إلى اليابسة.

وفي عملية يوم الجمعة بعد الظهر، عمدت طائرة فرنسية إلى تدمير أشرعة اليخت «تانيت»، ما أدى إلى تجميده. بعد ذلك، عمد قناصة الكوماندوز إلى إطلاق النار على القراصنة، الذين كانوا موزعين في ثلاث مجموعات، ما أسفر عن مقتل اثنين منهم، وسقوط ثالث إلى البحر. بعد ذلك بثلاثين ثانية، وصلت زوارق مطاطية على متنها مجموعات الكوماندوز، التي صعدت إلى متن المركب الشراعي وخلصت الرهائن الأربعة الموجودين على سطح المركب، فيما نزلت مجموعة كوماندوز إلى داخله حيث كان لوماسون مرتهنا. ولدى تبادل إطلاق النار مع من تبقى من القراصنة، قتل الأخير. وكان القراصنة قد سيطروا على اليخت الذي يزيد طوله على 12 مترا، مقابل الشواطئ الصومالية في الرابع من أبريل (نيسان) الجاري. وبحسب المعلومات التي توافرت، فإن سبعين من كوماندوز البحرية «بمن فيهم من غطاسين عسكريين» شاركوا بدرجات مختلفة في عملية التحرير، فضلا عن فرقاطة وسائل النقل والرقابة الجوية. كذلك، ساهم في العملية رجال من المخابرات الفرنسية الخارجية، وخبراء في التقاط الاتصالات، ولغويون يجيدون اللغة السواحلية، التي يتكلمها القراصنة. وتمت متابعة العملية من القصر الرئاسي على أعلى المستويات.

وتشارك فرنسا بقوة بحرية في عملية «أتلانتا» الأوروبية لمحاربة القرصنة في خليج عدن. وتعود قيادة العملية في الوقت الراهن إلى الأميرال البريطاني فيليب جونز، فيما يساعده الأميرال الفرنسي جان بيار لابون. وتشارك في العملية خمس دول أوروبية «فرنسا، بريطانيا، إسبانيا، اليونان وألمانيا». وتتوافر للقوة الأوروبية عشرة مراكب عسكرية، بينها عدة فرقاطات وطائرات عسكرية للرقابة البحرية وطوافات. ودفع فلوران لوماسون، حياته ثمنا للحلم الذي دفعه إلى التخلي وزوجته عن عملهما، وبيع ممتلكاتهما في مدينة فان «غرب فرنسا»، وشراء القارب الشراعي والانتقال به من الشواطئ الفرنسية والمرور بقناة السويس والبحر الأحمر، في رحلة طويلة. وكانت العائلة تخطط للاستقرار في جزيرة زنجبار، «هربا من المجتمع الاستهلاكي» الغربي. وبعد وصول اليخت إلى خليج عدن، تلقى تحذيرات عدة من البحرية الفرنسية للامتناع عن الإبحار مقابل الشواطئ الصومالية. وكتب لوماسون في مدونته الالكترونية، أن «الخوف من القراصنة لن يقضي على الحلم الكبير»، الذي حملهم على البحث عن حياة جديدة.