موريتانيا: مناوئو الانقلاب يحذرون من «توترات» بعد استقالة الجنرال

قائد الانقلاب: استقالتي من أجل الترشح للرئاسة «جاءت احتراماً للقانون»

TT

حذرت الجبهة المناهضة للانقلاب في موريتانيا أمس من «مضاعفات وتوترات» قد يشهدها البلد بعد استقالة الجنرال محمد ولد عبد العزيز من مهامه كرئيس للمجلس العسكري الحاكم بهدف الترشح إلى انتخابات الرئاسة المقبلة. ووصف محمد ولد مولود مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة استقالة الجنرال عبد العزيز بأنها «مناورة عسكرية، لإضفاء مشروعية على الانقلاب العسكري بتنظيم انقلاب دستوري». واعتبر أن هذه الخطوة «لن تسهم في إنهاء الأزمة السياسية، بل ستزيدها مضاعفات وتوترات نرجو أن لا تؤدي بالبلاد إلى ما لا تحمد عقباه».

وذكر ولد مولود أيضاً أنه بعد استقالة عبد العزيز «لم يعد لدينا نظام عسكري مسؤول ولا نظام دستوري يرد على أفعاله». وقال «إننا في مواجهة حالة تترافق مع مخاوف وتهديدات خطيرة حيال مستقبل موريتانيا». وأضاف المتحدث «إن نضال الشعب الموريتاني والحس الوطني لدى مكوناته وفعالياته السياسية إضافة إلى ضغوط المجتمع الدولي ستؤدي ولا شك إلى فشل المهزلة التي يقودنا إليها الانقلاب». وشكك المتحدث أخيرا في قدرات «الرئيس الانتقالي (با مامادو المعروف باسم مباري، وهو رئيس مجلس الشيوخ) المحاط بعسكريين وبحكومة منبثقة من الانقلاب».

وكان الجنرال عبد العزيز قد استقال الليلة قبل الماضية من السلطة والجيش وجدد نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في 6 يونيو (حزيران) المقبل. وأوضح في خطاب بثه التلفزيون الرسمي أن قرار استقالته جاء «احتراما للقانون وعملا بمقتضياته، والتزاما بالتعهد الذي قطعته على نفسي في زياتي الأخيرة للداخل». وأوضح أنه ينوي الترشح إلى الانتخابات الرئاسية مؤكدا أن دافعه إلى هذه الخطوة هو رغبته «الصادقة في بناء موريتانيا جديدة، موريتانيا يسودها العدل والحرية والمساواة بين الناس وينعم أهلها بالرخاء».

واستعرض رئيس الدولة المستقيل حصيلة ثمانية أشهر من حكمه معتبرا أنها شهدت تحسنا ملحوظا في مجال حسن التسيير ومحاربة الفساد ونهب المال العام، وأبدى استعداده لفتح باب المشاركة في الاستحقاقات القادمة أمام مختلف القوى السياسية في موريتانيا. وخرج رئيس الدولة من مكتبه بالقصر الرئاسي في وقت متأخر من الليلة قبل البارحة لتوديع أعضاء الحكومة والمجلس العسكري الذين اصطفوا في بهو القصر، وصافحهم الواحد تلو الآخر، ثم عاد إلى مقر إقامته لإجراء ترتيبات أخيرة قبل المغادرة، ثم استقل سيارته المدنية باتجاه منزله الواقع في حي تفرغ زينة أحد أإرقي أحياء العاصمة نواكشوط.

وفي نفس الوقت أقيم حفل آخر في الرئاسة بمناسبة تولي رئيس مجلس الشيوخ هذا المنصب خلفا للجنرال، واستقبل بامبارى عند مدخل القصر من طرف الوزير الأول الذي اصطحبه إلى مكتبه، فيما أسندت قيادة المجلس الحاكم لقائد أركان الجيش والضابط الثاني في الرتبة الجنرال محمد ولد الغزواني. وأعلن المجلس الدستوري (أعلى هيئة قضائية في البلاد) أن الاستقالة تتماشى مع النظم والقوانين المعمول بها، مؤكدا وجود شغور فعلي في منصب رئيس الجمهورية.

وكانت عملية انتقال السلطة التي جرت للمرة الأولى في موريتانيا بهذا الشكل أثارت جدلا سياسيا وقانونيا، حيث ينص الدستور الموريتاني على «عدم إمكانية تولي رئيس مجلس الشيوخ منصب رئيس الجمهورية إلا في حالتي العجز أو الموت». ويعتبر بامباري هو أول مواطن موريتاني من أصول أفريقية يصل إلى الحكم في موريتانيا، ويعتبر أحد أبرز السياسيين الموريتانيين وقد انتخب رئيسا لمجلس الشيوخ سنة 2007.

وفي انتظار إجراء الانتخابات الرئاسية المرتقبة بعد 50 يوما سيقتصر دور الحكومة الحالية على تصريف الأعمال طوال الفترة الانتقالية دون أن يحق لها القيام بأي دور آخر من قبيل المصادقة على قرارات أو اتخاذ إجراءات إلا إذا كانت ذات طابع استعجالي. أما المجلس الأعلى للدولة الذي انقلب على الرئيس المطاح به سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في أغسطس(آب) الماضي فسيبقى مؤسسة توكل إليها مهمة استتباب الأمن والمحافظة على استقرار البلاد.

وأكد رئيس المجلس الجديد الجنرال محمد ولد الغزواني في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن مجلس الدولة سيبقى كمؤسسة عسكرية تعنى بالجانب الأمني، ودعا الموريتانيين للانضباط والتحلي بالمسؤولية خلال المرحلة الانتقالية.