إسرائيل تشعر بالتغيير في البيت الأبيض وتسعى للانسجام معه

3 خبراء إسرائيليين لديهم رؤى مختلفة للموقف الأميركي

TT

مع وصول جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، نشرت في إسرائيل، أمس، تصريحات اعتبرت «قاسية للغاية»، كان قد أطلقها رئيس طاقم البيت الأبيض، رام عمانوئيل، أمام زعيم بارز في المنظمات اليهودية الأميركية. وحسب هذه التصريحات فإن على إسرائيل، إن كانت معنية بتلقي مساعدة أميركية في مواجهة التسلح النووي الإيراني، أن تقدم على خطوات كبيرة في دفع عملية السلام وخصوصا في المسار الفلسطيني وتوافق على مبدأ الدولتين وتبادر إلى خطوات فعلية على الأرض مثل إزالة البؤر الاستيطانية والمستوطنات الواقعة في مناطق فلسطينية مأهولة.

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» هذه التصريحات على صدر الصفحة الأولى بعنوان درامي صارخ يقول: «بوشهر (موقع أحد مفاعلي إيران النووية) مقابل يتسهار (مستوطنة تضم مجموعة من غلاة المتطرفين اليهود قرب نابلس شمال غرب الضفة الغربية)». وأثارت هذه التصريحات ردود فعل حادة في أوساط اليمين الإسرائيلي الحاكم واعتبروها فظة للغاية. وساهمت في إذكاء لهيب النقاش حول احتمال تعرض إسرائيل إلى ضغوط أميركية. واستطلعت «الشرق الأوسط» آراء ثلاثة من أبرز الخبراء الإسرائيليين في السياسة الإسرائيلية الأميركية، فجاءت ردودهم على النحو التالي:

بروفسور أريه أفنيري، المدير العام لوزارة الخارجية الأسبق والمحاضر في العلوم السياسية يقول: «واضح أن هناك لهجة جديدة في الإدارة الأميركية تجاه إسرائيل بغض النظر عن دقة أو عدم دقة الاقتباس. ولو كان لي أن أنصح حكومة بنيامين نتنياهو أقول إن عليها أن تعلن فورا موافقتها على مبدأ «دولتان لشعبين»، حسب رغبة الأميركيين. وفي الوقت نفسه محاولة شرح الموقف الإسرائيلي القائل إن الطرق المتبعة حتى الآن في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين لم تسفر عن نتيجة إيجابية وأنها أصبحت هناك حاجة ملحة للبحث عن حلول أخرى غير تقليدية وإبداء الاستعداد لأن تصاغ الاقتراحات حول هذه الحلول بالتعاون المشترك بين حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية. فالمهم هو تفادي الصدام مع الإدارة الأميركية». ويعتقد ألون فنكاس، القنصل العام الإسرائيلي في نيويورك: أن نتنياهو هو أحد الخبراء الإسرائيليين الكبار في السياسة الأميركية ويعرف ماهية الخريطة السياسية الحالية في واشنطن وليس فقط في الإدارة، بل في الكونغرس أيضا. فهناك توجد أكثرية ديمقراطية متحمسة لأوباما ولسياسته. ولن تنفع المراهنة على اللوبي الإسرائيلي. ولذلك فأنا أعتقد أن نتنياهو لن يسمح بأن يدخل في صدام مع إدارة الرئيس أوباما. ومن الواضح أن هذا يتطلب الانسجام بشكل أو بآخر مع المطالب الأميركية. وأنا لا أرى أن هذا سيكلف إسرائيل شيئا. فحتى لو قبل نتنياهو الآن بأن تكون التسوية الدائمة قائمة على مبدأ الدولتين، بل حتى لو دخل الحكومة الإسرائيلية حزب «كديما» وأصبحت تسيبي لفني وزيرة للخارجية ورئيسة لطاقم المفاوضات، فإنني لا أتصور أن وضع المفاوضات سيتغير. فالمفاوضات تحتاج إلى طرفين. وفي السلطة الفلسطينية لا توجد قوة تستطيع الكلام حاليا باسم الشعب الفلسطيني، بسبب الشقاق في القيادات الفلسطينية التي حولتها إلى مجموعة مليشيات. والسلام لا يصنع عادة مع مليشيات. بل مع سلطة واحدة موحدة.

غير أن الجنرال في الاحتياط، أهرون زئيفي فركش، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية لا يعتقد «أن عمانوئيل استخدم الكلمات الدقيقة التي ذكرت في «يديعوت أحرونوت». فالأميركيون يعرفون أن «بوشهار» ليست أخطر منطقة عسكرية في إيران وأتوقع أن استخدام «بوشهار» و«يتسهار» جاء في إطار السجع اللغوي لا أكثر. فالرئيس أوباما لا يضع قضية الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني في رأس سلم الأفضليات. فهو مشغول في قضايا أهم بكثير مثل الأزمة الاقتصادية، وقضايا دولية لا تقل إلحاحا، إن لم تكن أكثر، مثل قضية كوريا الشمالية وأفغانستان وإيران. وليس صدفة أن عمانوئيل قال في تلك المحادثة إنه يريد إنهاء الملف الفلسطيني خلال أربع سنوات، فهذه المدة هي كل مدة الرئاسة الأميركية وتشكل وقتا طويلا. وتعيين جورج ميتشل ومنحه صلاحيات واسعة يؤكد كلامي، حيث إن الرئيس أوباما يريد تسليم هذا الملف لرجل قوي يستطيع أن يستند إليه ليلاطم أمواج هذا الصراع وحده من دون تدخل الرئيس وزيادة الأعباء عليه. ونحن، في إسرائيل، لن نتهم بعرقلة هذه المسيرة لأن الفلسطينيين هم الذين سيستصعبون التقدم في المسيرة السلمية، فهم خاضعون لضغوط حركة حماس وأمثالها، ولا يجدون صيغة للاتفاق على شيء، ويبثون للعالم أنهم لا يريدون دولة ولا استقلالا.