نتنياهو يشترط استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية إسرائيل وإسقاط حق العودة

المبعوث الأميركي يبحث في إسرائيل خطة سلام إقليمية تستند للمبادرة العربية

TT

في إطار المباحثات التي أجراها في إسرائيل قبل أن يغادرها إلى رام الله للقاء المسؤولين الفلسطينيين اليوم، طرح جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، فكرة للخروج من مأزق تعطل المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية للتسوية الدائمة، اتضح منها أنه يؤيد الانتقال إلى مفاوضات إقليمية للسلام الشامل بين إسرائيل والعرب وأنه معني باستثمار مبادرة السلام العربية لتكون أحد الأسس الجوهرية للتسوية. وطرح ميتشل هذه الفكرة خلال كل لقاءاته في القدس وتل أبيب، أمس، ولكنه أسهب فيها خلال لقائه مع الرئيس شيمعون بيريس، المعروف بأنه صاحب الاقتراح الأول بتبني مبادرة السلام العربية في إسرائيل وتأييده لأن تكون أساسا للتسوية الدائمة.

ونقلت القناة التلفزيونية الثانية في إسرائيل عن نتنياهو قوله لميتشل، إنه يضع شرطين لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين؛ الأول الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، والثاني إسقاط حق العودة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 194 لعام 1949.

وكان ميتشل قد أوضح بحزم أن إدارة الرئيس أوباما متمسكة بالتسوية الدائمة على أساس مبدأ دولتين لشعبين، وفقا لخطة خريطة الطريق. وفي مزيد من إظهار الحزم، قال إن هذا السلام هو مصلحة أميركية تندرج في إطار مشروع تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة. ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل تعتز بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، وترى أن مصالحهما مشتركة وأن حكومته ستحرص على تعزيز هذه المصالح باستمرار. ولكنه امتنع عن تأييد مبدأ الدولتين بشكل صريح، قائلا إن حكومته ملتزمة بخريطة الطريق، ولكنها لم تعد برنامجا تفصيليا حول سبل التقدم في المفاوضات على هذا المسار، وطلب مهلة بضعة أسابيع حتى تبلور الحكومة خطة عمل سياسية مفصلة.

واختلفت لهجة وزير الدفاع، إيهود باراك، عن لهجة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، في تناول هذه القضية. فقال باراك إنه يعتقد أن التسوية على أساس مبدأ الدولتين ليست مشكلة في هذه الحكومة، وأن الموافقة على خريطة الطريق هي موافقة على مبدأ الدولتين، ولكن حكومة نتنياهو تريد السير في هذا المسار بثقة حتى لا تفشل المفاوضات كما فشلت سابقاتها. وعرض باراك على ميتشل تقريرا يشير إلى الإجراءات التي اتخذها جيشه في الضفة الغربية لتخفيف معاناة الفلسطينيين، مثل إزالة عدد من الحواجز العسكرية وتوفر الأمن ودعم أجهزة الأمن الفلسطينية. كما قدم تقريرا عن إدخال المواد الغذائية لقطاع غزة ادعى فيه أنه لم يعد هناك نقص في هذه المواد. وأما ليبرمان، فقد عاد ليتحدث بلهجته الرفضية. فقال إن المفاوضات «منذ اتفاقات أوسلو تنتقل من فشل إلى فشل» وإن «التنازلات التي قدمتها إسرائيل قوبلت دائما بنتيجة عكسية، فعندما انسحبت إسرائيل من لبنان في سنة 2000 حل مكانها حزب الله وتسلح بالصواريخ وراح يهدد أمن إسرائيل فاضطرت إلى إعلان الحرب. وعندما انسحبنا من قطاع غزة رد الفلسطينيون بانتخاب حماس وإطلاق الصواريخ على المواطنين الإسرائيليين في الجنوب، فاضطرت إسرائيل إلى شن الحرب». وقال ليبرمان إن المطلوب الآن البحث عن حلول مختلفة. وإن إسرائيل معنية بالتنسيق مع الولايات المتحدة في هذه الحلول ولا تنوي القيام بخطوات مفاجئة لها. وحرص ميتشل على القول بعد اللقاء مع ليبرمان إن إدارة الرئيس أوباما مصرة على التسوية على أساس مبدأ الدولتين، وأن السلام الاقتصادي الذي تطرحه إسرائيل لا يكفي لتغيير الأوضاع في المنطقة بما يلائم مصلحة السلام، وأنه يجب أن يعرف من البداية سقف التسوية. وقال: «لا مانع من التقدم باقتراحات جديدة إبداعية، ولكن يجب أن يكون واضحا أن هذه الحلول لا تأتي لتحل محل التسوية على أسـاس دولتين». وعلى الرغم من الخلافات العلنية التي ظهرت بين الطرفين، فإن المسؤولين الإسرائيليين تنفسوا الصعداء بانتهاء محادثات ميتشل، أمس، بسلام، بعد أن كانت قد انتابتهم مخاوف من اختلافات جوهرية وصدام بينهما. وأبرزوا ارتياح ميتشل من إدراك المسؤولين الإسرائيليين لما قاله من أن السلام هو مصلحة أميركية عليا، أي أن الوقوف ضده يعني الوقوف ضد المصلحة الأميركية. والتقى ميتشل أيضا مع رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني، فأكدت موقفها حول ضرورة الاستمرار في المفاوضات المشتركة مع السلطة الفلسطينية على مبدأ الدولتين. من جهة ثانية اجتمع وزير الدفاع باراك مع نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر سلطانوف، للتباحث حول مؤتمر موسكو المقترح للسلام في الشرق الأوسط. واحتل الموضوع الإيراني مكانة متقدمة في المحادثات مع ميتشل وسلطانوف، وكذلك موضوع السلام مع سورية. ولوحظ أن الرئيس بيريس اقترب من الموقف الأميركي والروسي حول الموضوع الإيراني فقال إنه يعتقد أن الحديث عن الخيار العسكري مع إيران هو حديث سخيف وأنه لا يوجد سوى الخيار الدبلوماسي.