الجيش الأميركي قلق حيال استهداف قيادات «الصحوة».. ويؤكد: سنتدخل عند الضرورة

قائد عسكري: متأكدون من التزام المالكي باستيعابهم لكن الاعتقالات تعطي انطباعاً سيئاً

TT

أكد الجيش الأميركي أول من أمس بأنه يتابع عن كثب عمليات الاعتقال التي طالت 15 قائداً بمجالس الصحوة، بالإضافة إلى التهديد باعتقال خمسة آخرين، إلا أنه أكد على أن عمليات الاعتقال لم تكن جزءاً من حملة حكومية متعمدة ضد هذه المجالس، التي يغلب عليها الوجود السني، علاوة على أنها تتضمن الكثير من المتمردين السابقين. ويقول المسؤولون العسكريون إن خوفهم ينبع من أنه رغم قلة هذه الاعتقالات حتى وقتنا الحالي، إلا أنها ولدت انطباعاً عاماً بأن الحكومة تفرض نوعاً من الإجراءات الصارمة على هذه التنظيمات، وهي الخطوة التي من شأنها أن تقوض برنامج الصحوة، الذي كان له فضل كبير في إنهاء التمرد في الكثير من ربوع العراق. وقال الكولونيل جيفري كولماير ـ المسؤول عن قضايا المصالحة والارتباط بالقوات الأميركية بالعراق، وأكبر قائد عسكري على صلة بـ«أبناء العراق»، التي يطلق عليها مجالس الصحوة «لا نعتقد أن هذه مشكلة نظامية، لكن مع كل عملية اعتقال، يتنامى شعور بأنه ثمة هجوم على البرنامج ككل». ويعتري جنرالات أميركيين قلق بالغ على مجالس الصحوة، إذ ينقل إليهم الكولونيل كولماير يوميا مشكلات تتعرض لها تلك الجماعات، ومنها التأخر في دفع الرواتب. وأوضح أن مشكلة الرواتب المتأخرة تمت معالجتها فعليا في أغلب المناطق، فيما عدا محافظة ديالى. وأضاف «سنراقب بحرص بالغ لنتأكد من أن ما يجري هو الصحيح، والتأكد من عدم إلقاء القبض على الصالحين من الرجال، بل على الفاسدين». وقال الكولونيل كولماير إن الجيش يعتزم التدخل إذا اقتضت الضرورة، وأنه يتابع قضية العميد رائد علي ـ الزعيم البارز في المجالس في حي الغزالية (بغداد) ، وهي المنطقة التي كانت في وقت من الأوقات معقلاً لتنظيم القاعدة. وأفاد كولماير: «من الواضح أن الاتهامات الموجهة إليه ملفقة». وتابع أن المسؤولين أقنعوا القاضي برفض القضية، وإخلاء سبيله.

وأضاف أن عدد عمليات الاعتقال صغير نسبيا مقارنة بالعدد الإجمالي لقادة الصحوة. موضحا أنه من بين 323 قائداً في بغداد وحدها، تم إلقاء القبض على 8 فقط. ومن بين 275 قائداً في ديالى وصلاح الدين، تم اعتقال سبعة فقط. وبالإضافة إلى القادة، تم إلقاء القبض أيضا على عدد من الأفراد العاديين من مجالس الصحوة بما لا يقل عن 164 ولا يزيد عن 200 فردا. وبالإضافة إلى التأخر في دفع الرواتب، أدت أزمة الموازنة التي جلبها انهيار أسعار النفط إلى خلق صعوبة على الحكومة في الوفاء بوعودها بتوفير وظائف لأعضاء الصحوة. وأفضت هذه التطورات إلى زعزعة إيمان أعضاء الصحوات في نوايا الحكومة، التي يقولون إنها قد تحمل البعض داخل الحركة على العودة من جديد إلى التمرد. ويقول الكولونيل كولماير: «أعتقد أن كل هذه الأشياء التي حدثت في توقيت واحد قد جعلت المشهد سيئا»، إلا أنه عاد وأكد أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وكبار مسؤولي الحكومة العراقية ما زالوا ملتزمين بتمويل البرنامج، ودمج أفراده في وظائف دائمة داخل الوزارة، التي تدفع رواتب أكبر كثيرا من الـ300 دولار التي يتقاضاها أعضاء الصحوات في الشهر. وأوضح الكولونيل أن المشكلة تقع بصورة رئيسية في عملية إصدار مذكرات الاعتقال، فبموجب القانون العراقي، يتطلب إصدار مذكرة اعتقال شاهدين فقط، كما أن السجلات ليست مركزية، وبالتالي يمكن تلفيق التهم بسهولة. وقال إن «فصائل تحاول تقويض المصالحة» هي التي تُقدم على ذلك. وحدّد هذه الفصائل بأنها من المتطرفين الشيعة، وأعضاء تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين». جدير بالذكر أن الجيش الأميركي رعى في البداية أغلب مجالس الصحوات، إلا أنه سلم مسؤولية إدارتها ودفع رواتبها بعد ذلك إلى الحكومة العراقية، على وعد من الحكومة بأن يتم تعيين أفرادها بعد ذلك في وظائف حكومية ثابتة. ومع ذلك، وباستثناء تعيين 4291 ضابط شرطة، لم يتم تعيين أي من أفراد مجالس الصحوة البالغ عددهم 94.000 فرد في وظائف حكومية. وفي نفس السياق، قال الكولونيل كولماير إن جنرالات أميركيين عقدوا مباحثات مع مسؤولي الحكومة العراقية في الأيام الأخيرة، وحصلوا منهم على تعهد جديد بتعيين أفراد الصحوات في وظائف حكومية، مستشهدا بقرار أصدره مجلس الوزراء العراقي لدى اجتماعه يوم الثلاثاء. وقال الكولونيل كولماير: «هذا هو الجديد والهام، وهذا لكونه فكرة في السابق، أما الآن، فقد انتقلنا من مرحلة الفكرة إلى التنفيذ». ومع ذلك، أشار إلى أنه لم يطلع حتى الآن نص القرار. وقال علي العلاق ـ الأمين العام لمجلس الوزراء ، انه «تم التوصل إلى قرار يقضي بتعيين أفراد الصحوات في الوزارات»، إلا أن ثمة حاجة لمناقشة التفاصيل. وأوضح بعض المسؤولين الحكوميين ممن يعملون في قضايا الصحوات أنهم ما زالوا غير مقتنعين بأن ثمة تقدماً من جانب الحكومة الشيعية العراقية إزاء توفير وظائف لأعضاء الصحوات. ويؤكدون أنه حتى وإن تم نقل الرجال إلى الوزارات فما من ضمان بأنهم سيظلون في وظائفهم بعد نفاد الأموال المخصصة لبرنامج الصحوات في وقت لاحق من هذا العام. ويقول مسؤول عسكري، لم يرغب في الكشف عن اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث مع وسائل الإعلام: «في النهاية، قد تكون الأمور على ما يرام إلا أن هناك صعوبات لم نتعامل معها حتى الآن».

* خدمة: «نيويورك تايمز»