كيري يقترح في الخرطوم لجنة ثلاثية لمراقبة سلام الجنوب.. ودورا أساسيا في دارفور

رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي التقى نائب الرئيس السوداني.. والخرطوم تطرح التطبيع أولا

TT

طرح السناتور الأميركي جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي خلال مباحثات أجراها مع عدد من المسؤولين في الخرطوم أمس، مقترحا تشكيل لجنة ثلاثية لـ«مراقبة اتفاق السلام بين الشمال والجنوب، تكون واشنطن أحد أضلاعها، وترتيب وقف إطلاق النار في دارفور كمدخل لحل الأزمة في الإقليم»، وبموجب المقترح يكون للولايات المتحدة دور أساسي في حل الأزمة في إقليم دارفور.

فيما اشترطت الحكومة السودانية من جانبها تطبيع العلاقات الثنائية بين الخرطوم وواشنطن قبل الحوار حول الملفات الأخرى المطروحة بين البلدين، وأغلقت الحكومة أمام كيري الباب للحيلولة دون فتح ملف المنظمات الإنسانية التي طردتها الخرطوم من السودان، وقالت «لا عودة عن قرار طردها». وشملت مباحثات كيري نهار أمس كل من: الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني، والدكتور غازي صلاح الدين العتباني مستشار الرئيس، ودينق ألور وزير الخارجية. وقال العتباني في تصريحات صحافية إن الأخير لم يأت بجديد، ولكنه شدد على ضرورة الوفاء بالالتزامات، وأضاف: «نحن نلتزم بما علينا من التزامات، ونطالب الطرف الآخر بالالتزام»، ووصف العتباني اللقاء بينه وبين كيري بأنه «كان مفيدا بالنسبة له ولنا في التعرف على النوايا الحقيقية للطرفين».

وقال إن الحكومة ترى أنه من المهم أولا النظر في العلاقات السودانية الأميركية الثنائية، لأنه من غير المنطقي أن «تتبنى الولايات المتحدة موقفا عدائيا وتضع السودان عدوا في قائمة الدول الراعية للإرهاب وتقول إنها تسعى لحل مشكلات السودان»، وأضاف «هذا لا يستقيم». وقال إن الحكومة أوضحت للسناتور الأميركي أنه من الضروري أن يواجه على مستوى الجهاز التنفيذي والتشريعي تصحيح العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان. وقال إنه أبلغ كيري أن العلاقات بين البلدين تقوم على أسس غير عادلة يجب تغييرها.

ردا على سؤال يتعلق بالحوار المشترك بين البلدين، قال العتباني: «نحن استمعنا للرئيس أوباما، فإذا كان ما يصدر عنه هو التوجه الحقيقي، علينا أن ندعمه، ولكن هناك مطالب يجب مراعاتها»، وأضاف أن حكومته ركزت على أن يكون الحوار شاملا. وكشف العتباني أنه أوضح لكيري أن نهج الإدارة الأميركية السابقة في الحوار لم يكن صادقا، وقال «إنهم ذكروا بأنهم يريدون أن يغيروا طريقتهم في التعامل مع السودان، ونحن قلنا الحكمة تقتضي ذلك، ولكن نتعامل معه بدرجة من الوعي»، ومضى العتباني في تصريحاته إلى القول إنه لا يريد أن يخصم «من إيجابيات الزيارة التي يقوم بها كيري للسودان، ولكن ذكرناهم بأن نهج الإدارة الأميركية السابقة في الحوار لم يتسم بالمصداقية».

وفي رد على سؤال، أكد العتباني أن حكومته توصلت إلى اتفاق مع المبعوث الأميركي الخاص للسودان، سكوت غريشن، خلال زيارته الأخيرة للبلاد تسمح الحكومة بموجبه لمنظمات جديدة بالعمل في السودان، وكشف أن الاتفاق الآن في انتظار التنفيذ. وكانت مصادر قالت إن من بين المنظمات التي ستدخل للعمل في السودان بموجب الاتفاق منظمات أميركية.

وقال العتباني: «توصلنا لاتفاق عبرنا من خلاله، واستدعى الاتفاق اتفاقيات قديمة حول تسهيل العمل الإنساني فيما يتعلق بالسفر والتأشيرات والمناخ الملائم للعمل الطوعي»، وكان العتباني واضحا لجهة رفض حكومته عودة المنظمات المطرودة للعمل من جديد في البلاد، وقال: «المنظمات المطرودة، لا عودة عن القرار بشأنها»، ونوه العتباني في هذا الخصوص إلى أن القانون السوداني يسمح بدخول منظمات جديدة إذا كانت هناك رغبة. وكشف مستشار الرئيس السوداني أن الاتفاق بين الحكومة والمبعوث الأميركي يوقع التزامات على كل الأطراف: السودانية والأميركية والمنظمات، وذكر «أنهم وافقا على احترام سيادة السودان، وعلى دعم قدرات المنظمات السودانية، وعلى التقييم المشترك للأوضاع الإنسانية» حتى لا يكون هناك تضارب بين تقييمنا وتقييمهم، ووافقوا على تهيئة المناخ للعودة الطوعية للنازحين». وقال وزير الخارجية السوداني ألور في تصريحات صحافية بعد محادثات مع كيري إن الأخير اقترح تشكيل لجنة ثلاثية من شريكي الحكم في البلاد: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، والإدارة الأميركية، بهدف مراقبة تنفيذ اتفاق السلام الموقع بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحقيق السلام في جنوب السودان «اتفاق نيفاشا»، ولرصد نقاط الضعف وتحديد الطرف المماطل في تنفيذ الاتفاق. وذكر ألور أن المقترح بشأن دارفور أعاد مقترحا حكوميا تم الاتفاق عليه سابقا بعد إدخال تعديلات طفيفة عليه، وذكر أن المقترح يؤكد على أن تلعب الولايات المتحدة دورا أساسيا في حل مشكلة دارفور، بجانب دخول أطراف أخرى، خاصة دول المنطقة، على غرار عملية السلام التي أتت باتفاق نيفاشا للسلام في جنوب البلاد في عام 2005، وبجانب إعلان وقف إطلاق النار، وتحديد مراقبين، اتفق مبدئيا على قوات حفظ السلام في إقليم دارفور «يوناميد»، إضافة إلى الحوار السلمي ومساعدة النازحين. وفي لقاء حاشد في شمال السودان، قال نافع، مساعد الرئيس السوداني إن حكومته ترحب بعلاقات دولية تقوم علي أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع، وترفض أي علاقات مع الدول التي لا تراعي ذلك. وكشف أن علاقات السودان ستتحسن مع دول، لم يسمها، بعد أن يئست من أن قيام العلاقات معها علي أساس التبعية، وقال إن السودان سيبني علاقاته معها علي أساس الاحترام المتبادل، وأضاف أن السودان يري أن هناك رغبة من هذه الدول في الحوار الجاد وهو مرحب به، وذكر نافع: «لو آثر السودان التبعية لما حصد وكسب ما تحقق من إنجازات ونجاحات».