أميركا والأوربيون يعتزمون إنقاذ الصومال المنهار وإيقاف الفوضى ومحاربة القرصنة

الفرنسيون يدربون كتيبة صومالية تدريباً عالياً لتصبح نواة لقوات مسلحة جديدة.. ومؤتمر دولي في كينيا

الرئيس التركي عبد الله غل ونظيره الصومالي يستعرضان حرس الشرف في القصر الرئاسي بأنقرة أمس (أ.ب)
TT

تعتزم الدول الأوروبية والولايات المتحدة معالجة الأوضاع في الصومال وإيقاف حالة الانهيار والفوضى التي تعرفها البلاد والتي أدت إلى انتشار ظاهرة القرصنة، في وقت بحث اجتماع حكومي أمس في واشنطن تنفيذ خطة أميركية للقضاء على القرصنة في المحيط الهادي وقبالة سواحل الصومال، ويتزامن ذلك مع وصول القبطان الأميركي ريتشارد فليبس أمس إلى الولايات المتحدة، حيث يتوقع أن يستقبله في وقت لاحق الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد أن يزور أسرته في ولاية فيرمونت.

وقالت واشنطن إنها تؤيد مبادرة فرنسا بتدريب القوات الصومالية الحكومية شبه المنهارة، في وقت ستوفد فيه الولايات المتحدة مسؤولا رفيع المستوى إلى مؤتمر دولي يعقد الأسبوع المقبل في كينيا حول الصومال. وقال روبرت وود المتحدث باسم الخارجية الأميركية، إن فليب كارتر الذي يعمل مساعداً لوزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية بالنيابة ومسؤول آخر من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سيشاركان إلى جانب ممثلين أوروبيين في مؤتمر كينيا. وقال وود إن واشنطن طلبت من الحكومة الصومالية اقتلاع القراصنة الذين يهددون الملاحة في القرن الأفريقي، وأضاف يقول للمراسلين في واشنطن «سنضغط عليهم للقيام بعمل ضد القراصنة الذين ينطلقون من الأراضي الصومالية»، وأوضح وود أن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة الحكومة الصومالية، لكنها لم تقرر بعد ما هي نوعية هذه المساعدة وأفضل الطرق لتقديم هذه المساعدة. وقال إن واشنطن تعمل مع 24 دولة أخرى في جهد مشترك لمحاربة القرصنة.

والتقى عمر عبد الرشيد شارماركي رئيس الحكومة الصومالية في العاصمة الكينية نيروبي مع السفير الأميركي هناك وذلك في أعقاب تصريحات أدلت بها هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية قالت فيها إنها طلبت من فريق عمل دبلوماسي الضغط على القادة الصوماليين للقيام بعمل ضد القراصنة، وإن واشنطن ستجمد ممتلكات وأموال حصل عليها قراصنة. وعقب عبد الرشيد شارماركي على طلب واشنطن قائلا «نحن مستعدون لمطاردة القراصنة لو قدمت لنا الدول الأخرى الموارد التي نحتاجها» مشيراً إلى أن حكومته وضعت خطة لإعادة بناء القوات الصومالية، وتوفير معلومات حول القراصنة على طول سواحل الصومال وتجميد ممتلكاتهم. بيد أن المشكلة التي تواجهها حكومة شارماركي أنها لا تسيطر إلا على العاصمة مقديشو وبعض ضواحيها بسبب وجود قوات تابعة للاتحاد الأفريقي هناك. وقال شارماركي أيضاً إن هناك سياسيين ورجال أعمال يقفون خلف عمليات القرصنة وإن الحكومة الصومالية تعرفهم جميعاً، مشيراً إلى أن القراصنة حصلوا على أموال طائلة من القرصنة. وقال شارماركي إن خطة الحكومة الصومالية لمحاربة القرصنة ستكون جاهزة الأسبوع المقبل عندما ينعقد اجتماع في بروكسل دعا له الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، حيث سيحضره بان كي مون والرئيس الصومالي وقائد القوات المشتركة لمحاربة القرصنة وقائد القوات الأفريقية لحفظ السلام في الصومال والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. وسيعمل المؤتمر على توفير مبلغ في حدود 200 مليون دولار لبناء القوات الصومالية، و31 مليون دولار لبناء قوات الشرطة. وقرر الاتحاد الأوروبي رصد مبلغ 262 مليون دولار لدعم القوات الصومالية التي تواجه ميليشيات المحاكم الإسلامية وتفاقم ظاهرة القرصنة، وستشرع فرنسا في تدريب كتيبة صومالية تدريباً عسكرياً عالياً في جيبوتي، حيث توجد قاعدة للفرنسيين هناك وتضم الكتيبة 500 جندي، وستكون نواة لجيش صومالي جديد.

وفي واشنطن قالت وزارة الخارجية، إن ممثلين لعدة مصالح ووكالات حكومية عقدوا اجتماعاً أمس لوضع خطة تفصيلية لمحاربة أعمال القرصنة، وقالت الوزارة إن الاجتماع يهدف إلى تطبيق الخطة التي أعلنت عنها هيلاري كلينتون في وقت سابق والتي تشتمل على أربع نقاط. مشيرة إلى أن اجتماعا سيضم وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ووزارة العدل وأجهزة المخابرات لدراسة الأحداث الأخيرة وطرق التعامل معها. وفي هذه الأثناء تواصلت عمليات القرصنة في منطقة القرن الأفريقي، حيث قام قراصنة صوماليون بمحاولة فاشلة لاختطاف سفينة دنماركية، قرب خليج عدن، حيث حاول خمسة قراصنة مسلحون يستعملون مركباً الصعود إلى ظهر السفينة بيد أن محاولتهم باءت بالفشل، عندما تدخلت طائرة هيلوكوبتر تابعة للقوات الدولية المشتركة لمحاربة القرصنة وأجبرتهم على الفرار.

وعلى صعيد آخر، سينقل القرصان الصومالي الذي ظل على قيد الحياة بعد قتل ثلاثة من زملائه لتحرير القبطان الأميركي فليبس من قبضتهم، إلى نيويورك لمحاكمته هناك، ويدعى القرصان عبد الوالي موسى. في وقت تحاكم كل من فرنسا وهولندا قراصنة آخرين أمام محاكمهم. إلى ذلك تطالب بعض الدول الأخرى إنشاء محكمة خاصة في ميناء مومباسا في كينيا لمحاكمة الأشخاص المتورطين في أعمال قرصنة، وقالت وزارة الخارجية الكينية إنها تدرس إنشاء هذه المحكمة. وقالت الوزارة إنه من الصعب الآن محاكمة القراصنة أمام محاكم عادية، لأن بعض الشهود سيحضرون من خارج كينيا. وقالت فرنسا إنها ستسلم 11 من القراصنة الذين احتجزتهم في هجوم مباغت يوم الأربعاء الماضي قرب سواحل كينيا إلى السلطات الكينية في ميناء مومباسا.

من جهته، قال خبير السياسة الداخلية في التحالف المسيحي، هانز بيتر أول إن الحكومة الألمانية قررت بالفعل التعامل بشكل أكثر صرامة مع مسألة مكافحة القرصنة. ولكن وكيل وزارة الدفاع الألمانية كريستيان شميت حذر في تصريحات لصحيفة «باساور نويه بريسه» من الآثار السلبية لعمليات مكافحة القرصنة، وقال إن مهاجمة سفن القراصنة يجب أن تتم بعد التأكد بشكل قاطع من أن هذه المهاجمة لن تؤدي إلى إلحاق الضرر بأشخاص أبرياء. ويحكم القراصنة حاليا قبضتهم على سفينة الشحن الألمانية «هانزا ستافانغر» وعلى متنها 24 بحارا من بينهم خمسة ألمان.