الصومال: الشيخ أويس يدعو إلى وقف الاقتتال الأهلي.. والحكومة تدعوه لتوقيع سلام

نائبة وزير الخارجية الإيطالي إلى مقديشو وإقليم بونت لاند لإنهاء احتجاز زورق

TT

سعت أمس الحكومة الصومالية وقيادة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، لإقناع الزعيم الإسلامي المتشدد الشيخ حسن طاهر أويس زعيم تحالف المعارضة الصومالية، بالانضمام إلى المساعي الرامية إلى تحقيق السلام والمصالحة الوطنية في الصومال الذي يعانى منذ عام 1991 من فوضى سياسية وأمنية طاحنة.

لكن مقربين من الشيخ أويس قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنه لا ينوى الدخول في أي مفاوضات مع السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد ما لم تنسحب قوات حفظ السلام الأفريقية من البلاد.

ودعا الشيخ أويس في خطبة الجمعة أمس بمسجد أبو هريرة في سوق ماركا التجاري بالعاصمة الصومالية مقديشو إلى وقف الاقتتال بين الصوماليين والتركيز في المقابل على مواجهة العدو المشترك، في إشارة إلى القوات الأفريقية المكونة من نحو أربعة آلاف مقاتل من بوروندي وأوغندا. وقال أويس: «دعونا لا نقتل أحدنا الآخر، ولا بعضنا بعضا، لدينا فقط عدو واحد.. يتعين علينا التعاون لمحاربته».

واعتبر أويس، الذي كان يتحدث على خلفية مصرع أحد قادة تنظيم المحاكم الإسلامية مساء أول من أمس على أيدي مجهولين بالقرب من العاصمة مقديشو، أن قتل الأشخاص الذين يعملون عن قرب مع الحكومة الصومالية أو القوات الأفريقية ليس بالعمل الصحيح. في المقابل أبلغ الجنرال فرانسيس أكيلو قائد قوات حفظ السلام الأفريقية «الشرق الأوسط» أن قواته لا تعتبر نفسها معادية للشعب الصومالي، وقال: «لسنا أعداء للصومال. دخلنا بناء على طلب الحكومة الصومالية، ونحن في مهمة سلام، ولسنا طرفا في القتال هنا». وأضاف: «يجب ألا ينظر إلينا أحد على هذا النحو، نحن في خدمة السلام، ولسنا لترجيح كفة طرف ضد طرف آخر». ورأى أن لدى لشيخ أويس دورا يجب أن يلعبه في تحقيق السلام والمصالحة الوطنية، لكن شريطة أن يكون هذا من أجل تعزيز الاتجاه للسلام والاستقرار، وليس لتصعيد الاقتتال الداخلي بين مختلف الفرقاء الصوماليين.

وقال: «في تقديرنا يجب أن ينضم الجميع إلى عملية المصالحة، وان ينظروا أولا إلى مصالح شعبهم».ووصف الموقف الأمني الراهن في العاصمة الصومالية مقديشو بأنه هادئ، مؤكدا أنه خلال الـ48 ساعة المقبلة لن يحدث ما يقلق على حد تعبيره. وكان وزير الخارجية الصومالي محمد عبد الله عمر قد اعتبر أمس أن الشيخ أويس يلعب دورا مهما في إعادة الأمن إلى البلاد بعد 18 عاما من الحرب الأهلية الطاحنة. وقال عمر في تصريحات صحافية له من مقديشو إن أويس غاب لفترة وحدثت بعض التطورات في البلاد وإنه ترك البلاد بسبب قضية تم حلها وانسحبت القوات الإثيوبية. وأضاف أن أويس شخصية بارزة تحظى باحترام في الصومال، وأن عليه مسؤولية رخاء وتقدم الشعب الصومالي، خاصة النساء والأطفال الذين هم الأكثر تضررا من الحرب.

يشار إلى أن الشيخ أويس الذي تدرج الولايات المتحدة اسمه على قائمة من لهم صلات مزعومة بتنظيم القاعدة في الصومال منذ التسعينات، قد عاد إلى مقديشيو الأسبوع الماضي في أول زيارة معلنة للبلاد في غضون أكثر من عامين.

إلى ذلك علمت «الشرق الأوسط» أن نائبة وزير الخارجية الإيطالي مارغريتا بونفير قد وصلت إلى العاصمة الكينية نيروبي في طريقها إلى زيارة عمل خاطفة للعاصمة الصومالية مقديشو ولإقليم بونت لاند الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998 شمال شرق الصومال. وقالت مصادر صومالية وإيطالية إن مارغريتا ستسعى إلى الحصول على دعم الحكومة المركزية في مقديشو ورئيس البونت لاند لجهود بلادها الرامية إلى إطلاق سراح زورق قطْر إيطالي يحتجزه القراصنة الصوماليون منذ منتصف الشهر الماضي وعلى متنه 16 بحارا هم عشرة إيطاليين وخمسة رومانيين وكرواتي واحد. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة الإيطالية تأمل في استجابة السلطات الصومالية لهذه المساعي في ضوء ما وصفته بالمخاطر التي يتعرض لها الزورق وطاقمه البحري بعد تردد شائعات عن أن الزورق كان في طريقه لإلقاء نفايات سامة قبالة السواحل الصومالية.

يشار إلى أن دومينيكو دي بيرتا قبطان سفينة الشحن الإيطالية (جوللي زميرالدو)، قد أعلن أول من أمس نجاة سفينته من هجوم شنه القراصنة الصوماليون في خليج عدن باستخدام قاذفات الصواريخ المحمولة.

وباتت بلجيكا أحدث دولة أوروبية تعرض على سفنها التجارية التي تعبر خليج عدن وسواحل الصومال أن تضع تحت تصرفها فرق عسكرية لحمايتها من هجمات القراصنة. وقال مصدر حكومي بلجيكي في بروكسيل عقب اجتماع رسمي للحكومة، إن هناك شرطين لتحقيق هذا: أن تتقدم السفينة المعنية قبل توجهها للسلطات العسكرية البلجيكية بطلب حماية من قوة ( يونافور ـ آتلانتا) الأوروبية ولم تحصل على ذلك لسبب أو لآخر، وثانيا، أن تقبل المؤسسة التي تمتلك السفينة بجملة من الالتزامات المالية والقانونية التي وضعتها وزارة الشؤون الخارجية والدفاع.

وأعلنت الحكومة البلجيكية في وقت سابق أن أي تعاقد مع إحدى السفن التجارية سيتمثل في تجنيد ثمانية عسكريين بلجيكيين على الأقل مقابل مبلغ مالي يناهز 115 ألف يورو عن الأسبوع الواحد، كما أن مؤسسات السفن التجارية ستقبل بتوقيع عقد تتخلى من خلاله عن المطالبة بأية حقوق إضافية ضد الدولة البلجيكية في حالة تعرض طاقمها أو معدّاتها للخطر.

ويأتي هذا الإجراء وسط جدل حول جدوى تسليح السفن المارة قبالة السواحل لصومالية أو وضع جنود مدربين على مكافحة القراصنة على متنها. وفيما أبلغ ريتشارد فيليبس القبطان الأميركي الذي احتجزه قراصنة صوماليون الكونغرس أنه يعتقد أن تسليح بعض أعضاء طواقم السفن التجارية ربما يساعد في التغلب على هجمات القراصنة، فان جون كلانسي المدير التنفيذي بصناعة الشحن، عارض دخول طواقم السفن في سباق تسلح مع القراصنة في أعالي البحار. وقال السناتور الديمقراطي جيم ويب وهو وزير سابق للبحرية الأميركية ومؤيد لحيازة السلاح «فكرة عدم وجود حماية (على ظهر السفن) لا تبدو منطقية كثيرا». في المقابل أبلغ فيليبس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن الوضع المثالي أن توفر الحكومة الأميركية حماية للسفن التي ترفع العلم الأميركي، لكنه على دراية بأنها قد لا تملك الموارد الكافية لذلك.