إسرائيل: إلغاء جولة أحمدي نجاد لأميركا اللاتينية يعود لضغوطنا الدبلوماسية

في سابقة هي الأولى من نوعها تشي ببداية مواجهة مع طهران في أميركا اللاتينية

TT

في سابقة من نوعها قال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن إلغاء زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى أميركا اللاتينية يعود إلى تحركات إسرائيلية، مشيرا ضمنا إلى أن السلطات الإسرائيلية اتصلت بمسؤولين في أميركا اللاتينية وأعربت عن انزعاجها من زيارة الرئيس الإيراني الذي دعا مرارا إلى إزالة إسرائيل من على الخريطة وقال إن إسرائيل جرثومة ودخيلة على المنطقة ويجب إزالتها. وتأتي هذه الأنباء بعد أيام قليلة فقط من إعلان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن أميركا قلقة من النفوذ الإيراني في أميركا اللاتينية. وقال مصدر مقرب من وزير الخارجية الإسرائيلية ليبرمان، إن إلغاء الجولة المقررة للرئيس الايراني، محمود أحمدي نجاد، في بعض دول أميركا الجنوبية، يسجل لصالح الجهود التي يقوم بها ليبرمان منذ توليه منصبه في حكومة بنيامين نتنياهو مع هذه الدول. وأضاف هذا المصدر ان ليبرمان يؤمن بأن دول أميركا اللاتينية بدأت تدرك خطر المخطط الإيراني إزاءها وان إيران عندما تقدم مساعدات مالية إلى هذه الدول انما تدس لها السم في الدسم، لأن هدفها الحقيقي هو استخدام هذه الدول ضد الولايات المتحدة ومصالحها وإدخالها في صدامات تلحق أضرارا كبيرة فيها. وعندما سئل إن كان ليبرمان أخذ على عاتقه الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية، أجاب: «كلا، ولكن كل عملية تؤدي إلى قص أجنحة ايران في العالم تتحول إلى عنصر ضغط جديد على ايران يصعب عليها تنفيذ مشروعها للتسلح النووي. وهذه هي مصلحتنا». وقال الخبير في شؤون القيادات السياسية في دول أميركا اللاتينية ايزي ليبير لـ«الشرق الأوسط»: «ينبغي التذكر دائما ان ايران لا تعمل لوحدها في دول أميركا اللاتينية ولا يقتصر عملها على السياسة. فهي تجند حزب الله اللبناني، الذي نفذ عمليات الارهاب ضد المؤسسات اليهودية في الأرجنتين سنة 1994. فقد أقامت ايران وحزب الله خلايا إرهاب مسلحة، وأرسلتها إلى «رحلة نوم» بعد التفجيرات في بيونوس أيريس. وفي اطار الضغوط الايرانية على الولايات المتحدة الأميركية، يبدو أن إيران تحاول ايقاظ تلك الخلايا النائمة حتى تفيق وتتحرك ضد المصالح الأميركية، وتثبت ايران من خلالها ان لديها عناصر ضغط موجعة على أميركا مثلما يوجد لأميركا عناصر ضغط على طهران».

ولفت ليبير النظر إلى تصريحات وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، في شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث قال صراحة ان ايران تلعب دورا تخريبيا في دول أميركا اللاتينية. وقال ان ليبرمان، عندما صرح في الأسبوع الماضي انه سيسافر في الصيف إلى هذه الدول لتجنيدها ضد ايران، كان يوجه «رسالة إلى واشنطن يقول فيها عمليا ان اسرائيل ترى نفسها ملزمة بالدفاع عن المصالح المشتركة لها وللولايات المتحدة، وليس مثل بقية الحلفاء العرب الذين لا يعرفون سوى تقديم الطلبات للأميركيين». وأضاف: «اسرائيل تستطيع أداء دور كبير في مواجهة المخططات الايرانية في كل مكان في العالم بحكم علاقاتها الدولية المميزة معها». المعروف ان اسرائيل تقيم علاقات مع غالبية دول أميركا اللاتينية. وهي تصدر بضائع بمليار و100 مليون دولار وتستورد منها بنحو 900 مليون دولار. وتقدم «خدمات أمنية» وتبيع الأسلحة لما لا يقل عن عشر دول في القارة الأميركية الجنوبية. وقد صرح ليبرمان في الأسبوع الماضي بأنه باشر الاتصالات مع قادة هذه الدول لتجنيدها ضد ايران وتسلحها النووي. وقال ان اسرائيل عرضت على هذه الدول مساعدات تكنولوجية مقابل تخليها عن ايران. كما عرضت المزيد من الدعم الأمني لها، خصوصا ان استيقاظ الخلايا النائمة يعني انتشار عمليات ارهاب في هذه الدول تؤدي إلى الفوضى وإلى تدمير فرع السياحة والقضاء على الاستثمارات الاقتصادية الأجنبية فيها.

وكانت كلينتون أبدت «قلقها الشديد» إزاء النجاح الدبلوماسي الذي تحققه الصين وايران في اميركا اللاتينية. واعتبرت انه من الضروري تحسين علاقات بلادها مع خصومها في اميركا الجنوبية، لا سيما فنزويلا ونيكاراغوا والاكوادور وبوليفيا وكوبا. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية اثناء لقاء عام مع دبلوماسيين اميركيين متقاعدين «اذا ما نظرنا إلى النجاحات التي تحققها ايران والصين في اميركا اللاتينية، فإننا نرى أمرا مقلقا للغاية». وقالت «لا اعتقد ان من مصلحتنا في عالم اليوم، المتعدد الأقطاب حيث نتنافس مع الروس، والصينيين، والإيرانيين، إدارة ظهرنا لدول في منطقتنا».

وذكرت كلينتون بأن النظامين في بكين وطهران كثفا الاتصالات في السنوات الاخيرة مع اميركا الجنوبية، لا سيما لشراء مواد اولية. وقالت «انهما بصدد اقامة علاقات اقتصادية وسياسية قوية جدا مع الكثير من هؤلاء المسؤولين». مضيفة «لا أعتقد أن ذلك يصب في مصلحتنا». وكانت كلينتون تبرر النهج الجديد للإدارة الاميركية نحو الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، أحد ألد أعداء إدارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش. وقالت «ناقشنا مع شافيز إمكانية تبادل السفراء مجددا، وأعتقد أننا سنفعل ذلك». كما أعربت عن السعي إلى فتح حوار مع قادة آخرين في أميركا اللاتينية، يسود التوتر علاقاتهم مع الولايات المتحدة، على غرار الرئيس النيكاراغوي دانيال اورتيغا. ولفتت كلينتون إلى أن «ايران بصدد بناء سفارة ضخمة في ماناغوا. لا نعرف لماذا». كما ذكرت وزيرة الخارجية الاميركية الرئيسين الاكوادوري رافاييل كوريا والبوليفي ايفو موراليس اللذين ساءت العلاقات معهما في الاشهر الاخيرة على خلفية مكافحة المخدرات. وطردت كويتو دبلوماسيين اميركيين اثنين كانا يحققان في نشاطات سكرتير وزاري سابق في تهريب المخدرات، الامر الذي وصفته حكومة الاكوادور بانه تدخل في شؤونها الداخلية. وفي سبتمبر (أيلول) طردت الحكومة البوليفية السفير الاميركي في لاباز فيليب غولدبرغ، ثم الوكالة الاميركية لمكافحة المخدرات بتهمة التآمر على النظام. وفي مطلع مارس (آذار) اتهم موراليس السكرتير الثاني في السفارة الاميركية فرانسيسكو مارتينيز بالتآمر وتم طرده. وذكرت كلينتون ان الولايات المتحدة تعرضت لسيل من الانتقادات بسبب حصارها لكوبا، الذي لم يثمر، لكنها كررت أملها في رؤية نظام الأخوين كاسترو أكثر تعاونا. وقالت «نريد ان نرى مقابلا من الاخوين كاسترو في ما يتعلق بالسجناء السياسيين وحقوق الإنسان وغيرهما من الملفات».

وجاءت تصريحات هيلاري متزامنة مع تصريحات وزير الدفاع الايراني مصطفي محمد نجار خلال لقائه بالرئيس الفنزويلي هوجو شافيز ان ايران مستعدة لتعزيز القدرات الدفاعية لفنزويلا.

وذكرت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (إرنا) ان نجار اكد عزم ايران علي تطوير القدرات الدفاعية لفنزويلا في اطار مذكرة التفاهم الدفاعي بين البلدين. ووقع وزيرا الدفاع الايراني والفنزويلي قبل أيام علي مذكرة التفاهم للتعاون الدفاعي بين البلدين في ختام جولة مباحثات أبريل (نيسان) الماضي. إلى ذلك، ربطت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل امس بين عملية السلام في الشرق الأوسط والملف النووي الايراني معتبرة ان احراز تقدم نحو السلام سيشجع التوصل إلى اتفاق بين الغرب وطهران. وقالت ميركل للصحافيين اثر مباحثات مع العاهل الاردني عبد الله الثاني «من الضروري تحقيق تقدم في عملية السلام في الشرق الاوسط لان ذلك سيتيح ايضا تحسين فرص التوصل إلى اتفاق مع ايران» حول الملف النووي. واضافت «ذلك يعني الاشارة بجلاء إلى ان السلام في الشرق الاوسط امر لا بد منه للعالم اجمع». وتسعى ألمانيا مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا إلى التفاوض مع ايران لاقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي المثير للجدل. وتؤكد طهران انها تطور برنامجا نوويا مدنيا الا ان الدول الغربية تشتبه في انها تسعى إلى الحصول على السلاح النووي.

واكثر من يشعر بالقلق من التهديد النووي الايراني هي اسرائيل، التي دعا رئيسها شيمعون بيريس مؤخرا من واشنطن إلى مزيد من الحزم حيال طهران. ويرى وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، المنتظر وصوله اليوم إلى برلين لاجراء مباحثات مع نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير، ان «المشكلة الرئيسية» حاليا في الشرق الاوسط ليست المشكلة الفلسطينية ولكن «ايران التي تتسلح نوويا والتي تشكل عنصرا مزعزعا لاستقرار المنطقة والعالم بأسره». وذكرت ميركل والملك عبد الله الثاني بأن حل «الدولتين» مع اعتراف متبادل بإسرائيل وبدولة فلسطينية هو الوحيد الذي يكفل تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

وقالت ميركل إن «حل الدولتين لا غنى عنه». من جانبه قال ملك الأردن إنه «من المهم لألمانيا ولأوروبا إعادة إسرائيل والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات».