قادة أمنيون عراقيون يشككون في الانسحاب الأميركي من بعض المدن بنهاية يونيو

القاعدة الأميركية في الموصل تصنف ريفية لكن أسوارها ملاصقة للمدينة

TT

شكك عدد من القادة الميدانيين في محافظتي ديالى ونينوى من إمكانية انسحاب القوات الأميركية من مدنهما بنهاية يونيو (حزيران)، حسب الاتفاق الأمني الموقع بين العراق والولايات المتحدة، فيما يوظف الجيش الأميركي، على ما يبدو، غموضا حول ما هو خارج المدينة وما هو داخلها للبقاء قرب البؤر الساخنة في المحافظتين إضافة إلى بغداد وكركوك.

وقال العقيد علي إسماعيل، من الفوج الخاص في محافظة ديالى، لـ«الشرق الوسط»، إن القوات الأميركية «وإن بدأت انسحابها نحو قواعدها في أطراف المدن، إلا أن وجود دورياتها ما زال في الداخل وبشكل أوسع من ذي قبل»، مرجحا بقاء هذه القوات في بعقوبة، مركز المحافظة، لحاجة القوات العراقية إلى عمليات إسناد من قبل هذه القوات. من جانبه أكد أحد القادة الميدانيين في محافظة نينوى على أن الانسحاب الأميركي من الموصل ربما سيؤجل إلى ما بعد الموعد المحدد، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رافضا ذكر اسمه، إلى أن الوجود الأميركي سيكون عند أطراف المدينة، لكن وجوده الفعلي سيكون داخلها، وهذا الأمر قد ساعد القوات العراقية ضمن هذه المرحلة. ويخشى الكثير من العراقيين ظهور موجة جديدة من العنف عندما تغادر القوات القتالية الأميركية المدن العراقية، لكن القادة الأميركيين وضعوا خططا تتيح إعادة نشر قواتهم من قواعد بالمحافظات إذا لزم الأمر. وأثار تصاعد العنف في بغداد الشهر المنصرم وتمرد متواصل في مدينة الموصل بشمال البلاد، شكوكا حول إن كانت قوات الأمن العراقية مستعدة لحراسة البلدات العراقية. ويخشى البعض من احتمال استغلال المسلحين ومن بينهم مقاتلو «القاعدة» هذا الانسحاب في العودة مرة أخرى. وقال الميجر- جنرال ديفيد بركينز، المتحدث باسم القوات الأميركية في العراق لتلفزيون رويترز «نضع في اعتبارنا أن المقاتلين سيحاولون استغلال أي شيء يعتقدون أن بإمكانهم استغلاله لإحداث فوضى».

وتحدث حمزة العامري (41 عاما)، وهو متعاقد من بغداد قتلت «القاعدة» والده وأخاه، عن الوضع بشكل أوضح قائلا «أنا أخشى من انسحاب القوات الأميركية.. الميليشيات اختفت من الساحة خوفا من الأميركيين. الآن سيغتنمون الفرصة للقيام بأعمال انتقامية ضد العراقيين».

ويقول مسؤولون عسكريون عراقيون وأميركيون، إن الانسحاب لقواعد أكبر خارج البلدات لن يغير فجأة الطريقة التي تعمل بها القوات. وقال بركينز «هذه ليست تغييرات جذرية في الطريقة التي تنفذ بها العمليات»، مضيفا أنه في الوقت الذي تعيد فيه القوات الانتشار سيظل هناك مستشارون أميركيون لدى القوات العراقية التي تم تدريب الكثير منها أيضا على مهام قتالية.

وربما يكون تنفيذ الانسحاب في 30 يونيو (حزيران) يتعلق بأسلوب القيام بذلك أكثر من جوهر الانسحاب ذاته. وتدرك الحكومة العراقية احتياجها لدعم أميركي مستمر، لكن انسحاب القوات من البلدات والمدن العراقية ضروري سياسيا لرئيس الوزراء، نوري المالكي، الذي تعهد بالتخلص من الوجود العسكري الأجنبي الذي يقابل باعتراض شعبي بشكل تدريجي. وقال دان بليش مدير كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، إن على الأميركيين «أن يجعلوا أنفسهم غير مرئيين بدرجة أو بأخرى للسكان».

وسلم الجيش الأميركي 65 قاعدة منذ بداية عام 2009 وسيبدأ الاستغناء عن 58 قاعدة أخرى بحلول نهاية يونيو. وكان مسؤولون أميركيون يقولون في بعض الأحيان إنهم ربما يحتاجون للبقاء في مناطق أكثر عنفا مثل الموصل، لكن العراق استبعد ذلك وربما أن من أسباب هذا الأمر الدعاية السيئة التي ستنتج عن ذلك. وقال تحسين الشيخلي الناطق الرسمي المدني باسم خطة أمن بغداد «إلى الآن ليس هناك استثناءات... هناك عنف... لكننا نعتقد أن القوات العراقية يمكنها التعامل معه». ولكن ما من أحد يرغب بالمخاطرة. ومن أجل الالتفاف حول المخاطر تم تعريف ما هو داخل المدن وما هو خارجها بحيث يجعل القوات الأميركية قريبة من الأماكن المضطربة في المدن في حال احتياج قادة العراق لدعم منها. وتصنف قاعدة «مارز» المترامية الأطراف التي تضم أغلب القوات القتالية التي تقوم بعمليات في الموصل على أنها ريفية حتى على الرغم من أن ثلاثة أرباع أسوارها ملاصقة للمدينة. كما ستظل قاعدة «وارهورس» باقية وهي القاعدة الرئيسية للضربات القتالية التي تستهدف «القاعدة» في محافظة ديالى، لأنها من الناحية النظرية خارج بعقوبة عاصمة المحافظة.