محامي روكسانا صابري: تقرير إيراني سري حول حرب العراق حصلت عليه.. سبب اعتقالها

أعده مركز استراتيجي يتبع الرئاسة الإيرانية.. وظروف وتوقيت حصولها عليه غير واضحة

TT

قال أحد محامي الدفاع عن الصحافية الأميركية ـ الإيرانية روكسانا صابري، إن القضية ضد صابري استندت إلى حيازتها تقريرا حكوميا سريا بشأن الغزو الأميركي للعراق. ويأتي ذلك فيما رحبت كندا بقرار طهران إطلاق سراح الصحافية. وأعطى محامي روكسانا، صالح نيكبخت، تفاصيل بشأن الاتهامات ضد موكلته بعد يومين من تخفيض محكمة استئناف الحكم الصادر ضدها بالسجن ثماني سنوات، فيما يتعلق باتهامات بالتجسس، إلى السجن سنتين مع إيقاف التنفيذ والإفراج عنها بعد أكثر من ثلاثة أشهر أمضتها في سجن إيفين في طهران.

وقال نيكبخت إن الصحافية البالغة من العمر 32 عاما، نسخت التقرير الذي أعدته هيئة أبحاث استراتيجية بمكتب الرئيس الإيراني قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. لكنه قال إنها لم تستخدم المعلومات على الإطلاق. وقال نيكبخت، في تصريحات صحافية، دون أن يذكر كيف أو متى حصلت صابري على الوثيقة «حصلت على تقرير أعده في ذلك الوقت مركز الأبحاث الاستراتيجية بشأن الهجوم الأميركي القادم ضد العراق في عام 2003». وتابع: «كان لديها تقرير حول الهجوم الأميركي في العراق أعده مركز الدراسات الاستراتيجية للرئاسة.. مركز الأبحاث يعتبر أنه تقرير سري لكنها لم تستخدمه إطلاقا».

وأضاف نيكبخت أن الحكم بالسجن لمدة ثماني سنوات، الذي أصدرته محكمة من درجة أدنى يوم 18 أبريل (نيسان)، استند أيضا إلى جدل بأنها تعاونت مع الولايات المتحدة. وتغير هذا في وقت لاحق في محكمة الاستئناف، لكن المحكمة أدانتها بالحصول على تقرير سري والاحتفاظ به.

وقال «لأنها لم تكن لديها نوايا سيئة ولم تستخدمه، فقد حكم عليها بالسجن لمدة عامين مع إيقاف التنفيذ». وقال محاميها الآخر، في وقت سابق، عبد الصمد كورامشاهي، إن صابري في جلسة الاستئناف «أقرت بأنها ارتكبت خطأ وحصلت على وثائق ما كان يجب أن تحصل عليها. لكن لم يحدث نقل لأي معلومات سرية». وتابع: «إن محكمة الاستئناف حكمت على صابري بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ لهذا السبب». وأوضح أنها «اتهمت بالحصول على وثائق سرية. ولو تم استخدامها لكانت فرضت عقوبة السجن عشر سنوات، وألا تكون العقوبة السجن سنتين».

وألقي القبض على صابري، التي تحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية، في أواخر يناير (كانون الثاني) لاستمرارها في العمل في إيران بعد انتهاء أجل اعتمادها الصحافي. ووجهت لها في وقت لاحق تهمة التجسس. ومثلت أمام محكمة استئناف، الأحد الماضي، وقال خرمشاهي عندها إن المحكمة الابتدائية حكمت على موكلته بتهمة «التعاون مع دولة معادية» بموجب المادة 508 من قانون العقوبات. لكن نكبخت أوضح فيما بعد أن «حكم المحكمة الابتدائية ألغي لاعتبار أن الولايات المتحدة ليست دولة معادية لإيران». وقال نكبخت لصحيفة «اعتماد ملي» الإصلاحية أمس «بحسب القانون والمعاهدات الدولية التي وقعتها إيران، فإن الدول المعادية هي الدول التي تخوض حربا أو كانت في حرب وتلزم حاليا وقف إطلاق نار بدون أن تكون وقعت اتفاق سلام». وأوضح أن إيران وافقت على هذا التعريف عام 2003 وأعلنت أنها ليست في حال عداء مع أي بلد باستثناء العراق في عهد صدام حسين.

وكان لافتا إعلان محامي روكسانا صابري هذه المعلومات حول تقرير سري اطلعت عليه بعد يومين من إطلاقها، بسبب عدم إعلان سلطات التحقيق الإيرانية هذا السبب بنفسها وقت اعتقال روكسانا صابري ونظر القضية ضدها، خصوصا في ظل الانتقادات الدولية المتزايدة لطهران بسبب الاعتقال. وأزال الإفراج عن صابري مشكلة تعترض جهود الرئيس الأميركي باراك أوباما لتحسين العلاقات الأميركية الإيرانية بعد ثلاثة عقود من انعدام الثقة بين الجانبين. ورحب أوباما يوم الاثنين بهذا الإجراء من جانب إيران بالإفراج عن صابري ووصفه بأنه «لفتة إنسانية». وعرض أوباما على إيران بداية جديدة في العلاقات، وإن كانت إيران تقول إنه يتعين على واشنطن أولا أن تظهر تغيرا حقيقيا في سياستها. وحذر محللون ودبلوماسيون من النظر إلى القبض على صابري على أنه علامة على رفض إيران لمفاتحة أوباما، لكنهم يقولون إن قضيتها والإفراج عنها تأثر بذلك. ويرى البعض أن القبض عليها تحذير إلى وسائل الإعلام الأجنبية قبل انتخابات الرئاسة التي ستجرى في إيران في يونيو (حزيران) بينما يقول آخرون إنها ربما كانت محاولة من جانب المتشددين لعرقلة أي تحسن في العلاقات الأميركية الإيرانية أو أنها ربما كانت ستستخدم «كورقة مساومة». وفيما قال دبلوماسي غربي في طهران إن هذا الإجراء لإطلاق سراحها هو «خطوة إيجابية بالتأكيد»، أشادت الحكومة الكندية بالخطوة أيضا. وجاء في بيان لوزير الخارجية لورانس كنون «نعتبر أن الاتهامات الموجهة لها كانت بدون أساس». وحث إيران على احترام حقوق الإنسان.

على صعيد آخر، قالت صحيفة حكومية إيرانية، أمس، إن ثمانية أشخاص قتلوا في اشتباك بين مسلحين وميليشيا دينية في شمال غرب إيران بالقرب من الحدود مع تركيا والعراق. وكان انفصاليون أكراد يتمركزون في منطقة جبلية نائية في العراق بالقرب من الحدود مع تركيا وإيران يشكلون منذ فترة طويلة مصدرا للتوتر الإقليمي. وقالت صحيفة «كيهان» الإيرانية إن خمسة من «رجال العصابات» كانوا ضمن القتلى في أحدث أعمال عنف، ولم تورد تفاصيل عن هويتهم أو توضح متى وقع الاشتباك. وأضافت الصحيفة أن ثلاثة من أعضاء ميليشيا «الباسيج» التابعة للحرس الثوري الإيراني قتلوا كذلك. وكثيرا ما تشتبك قوات الأمن الإيرانية مع مسلحين من حزب «الحياة الحرة» في كردستان المنبثق عن حزب العمال الكردستاني الذي حمل السلاح في عام 1984 من أجل إقامة وطن للأكراد في جنوب شرق تركيا. وإيران، مثل العراق وتركيا، لديها أقلية كردية كبيرة تقيم أساسا في غرب وشمال غرب البلاد. وحثت إيران العراق يوم الاثنين الماضي على أن تولي اهتماما خاصا للجماعات المسلحة التي تنشط في المناطق الحدودية بعد أسبوع من إدانة بغداد لقصف إيراني على قرى في المنطقة الكردية في شمال العراق.

وفي الأسبوع الماضي قال العراق إنه استدعى سفير إيران لدى بغداد وحذره من «عواقب سلبية» إذا استمرت مثل هذه الهجمات. ولم تؤكد طهران أو تنفي شن هجمات عبر الحدود. وتعتبر إيران حزب «الحياة الحرة» في كردستان، الذي يسعى لحكم ذاتي في المناطق الكردية في إيران ويتمركز في مناطق حدودية في شمال شرقي العراق، جماعة إرهابية. ووصفت الولايات المتحدة كذلك الحزب بأنه منظمة إرهابية في فبراير (شباط) الماضي. وشن الجيش التركي اجتياحا كبيرا في العام الماضي ضد ميليشيات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وتشن طائرات تركية منذ ذلك الحين غارات منتظمة عبر الحدود على أهداف للحزب في المناطق الجبلية.