وزير الخارجية اليمني: دعاوى الانفصال أطلقتها عناصر تضررت من الوحدة

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن التوجه لحل المشكلة هو حكم محلي واسع الصلاحيات

أبو بكر القربي («الشرق الأوسط»)
TT

اعتبر وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي ما يجري في اليمن حاليا من دعوات لعناصر انفصالية مجرد أصوات مدفوعة لمن تضرر من الوحدة في عام 1994. وقال في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة اليمنية والرئيس علي عبد الله صالح اتخذا مواقف كفيلة بوضع ما يحدث في حجمه والتعامل معه. واستبعد أن تكون هذه العناصر مدفوعة من دول وأكد أنها من أفراد تقدم الدعم المالي والسند لهؤلاء. كما تحدث عما دار من مناقشات في اجتماعات وزراء الخارجية العرب والرؤية العربية تجاه الإدارة الأميركية الجديدة، مؤكدا أن تغيير أوباما دفع الدول العربية المتشددة إلى الاعتدال والانتظار لنتائج هذا التغيير، واستبعد أن يستضيف اليمن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مشيرا إلى ما يدور حول هذا الموضوع هو تسريبات إسرائيلية. وفيما يلي نص الحديث

* وزراء الخارجية العرب استمعوا إلى تقرير منكم حول ما تتعرض له اليمن حاليا من دعاوى للتقسيم إلى هذا الحد الوضع خطير؟ ـ طلب مني الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن أضع الوزراء أمام ما يجري في اليمن ووجدت في ذلك فرصة ليعرفوا حقيقة ما يجري، لأن هناك الكثير من التشويه والمعلومات الخاطئة وكأن هذه الدعوات الانفصالية منتشرة من أقصى الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وهي محصورة في عدة مديريات في المحافظات الجنوبية وليس لها صدى لدى أغلبية أبناء الشعب اليمني شمالا وجنوبا. وفي الحقيقة أن هذه أصوات يدفع بها عناصر تضررت من الوحدة ودعت إلى الانفصال في عام 1994 واستغلت هذه العناصر الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها اليمن في هذه الظروف الدولية وكذلك في إجراءات الإصلاحات المالية والاقتصادية التي بدأت بها الحكومة كي تؤجج الشارع ولا شك ان هناك ايضا عناصر من خارج اليمن (وهم افراد وليس حكومات كما قد يفسر البعض) وهي تقدم لهذه المجموعات المال لتمويل هذه المظاهرات والاحتجاجات ونحن لا نعترض على خروج المظاهرات ليعبروا عن رأيهم بالطرق السلمية ولكن أن تتحول إلى عنف واستهداف لأملاك المواطنين والدولة وان تبدأ في إشاعة الفوضى والكراهية بين المواطنين بعضهم وبعض، هذه أمور مرفوضة وتتعامل معها الحكومة اليمنية وفقا للدستور والقانون اليمني.

* هل تتوقع إخماد كل هذه الأحداث التي تؤثر على الاستقرار في اليمن وهل تتوقع تصعيدا من قبل هذه العناصر التي ذكرتها؟ ـ أعتقد ان هذه الأحداث التي تجري الحكومة اليمنية اتخذت الكثير من الإجراءات لمعالجتها وكذلك خطابات الرئيس علي عبد الله صالح واضحة في هذا الشأن، وهي أننا مستعدون للحوار حول أي اختلالات وان يكون هناك جهد لكل أبناء الشعب اليمني حكومة ومعارضة لمعالجة أي ضرر وان التوجه في التعامل مع هذه الأحداث هو حكم محلي واسع الصلاحيات في المحافظات وهو الأداة للحل ومن ثم فأمامنا الآن أن نتجه نحو الحوار وتطبيق الدستور والقانون وان نلتزم جميعا بان هذه مسؤولية كل الأطراف وليس الحكومة فقط.

* ما هو حجم الاختلاف والاتفاق في اجتماع وزراء الخارجية العرب فيما يتعلق بما تتعرض له عملية السلام والمبادرة العربية؟ ـ انصب الحوار والنقاش على مجموعة من الموضوعات التي لها علاقة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي ونتائج الاتصالات بين الجانب العربي والإدارة الأميركية والأوضاع في القدس وما يهددها من محاولات للتهويد، والاعتداء الإسرائيلي على الإخوان في قطاع غزة وكان النقاش ينطلق في الحقيقة من ثوابت الموقف العربي المرتبط بأن إحلال السلام يجب أن ينطلق من المبادرة العربية للسلام، وخولنا الأمين العام للجامعة العربية باتخاذ الإجراءات فيما يتصل بالتقرير الذي صدر حول الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة بحيث يتم اختيار محامين لدراسة هذه الوثائق واتخاذ إجراءات الملاحقة والمحاكمة لهذه العناصر التي ارتكبت الجرائم في حق الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى الموقف العربي الذي يؤكد التزام الإدارة الأميركية بحل الدولتين وضرورة وضع جدول زمني محدد لتحقيق ذلك حتى لا نتعرض لما حدث في السنوات السابقة من محاولات إسرائيل الدائمة لتجنب الوصول إلى حلول.

* هل ستتجاوب واشنطن مع تل أبيب التي تضغط لتأجيل حل الدولتين والدخول في مفاوضات واتخاذ بعض إجراءات بناء الثقة وبذلك يعيد العرب تجارب سابقة بأساليب جديدة.. كيف ترون ذلك؟ ـ إسرائيل كما نعرف جميعا لديها آلة إعلامية ذكية جدا توظفها من أجل مصالحها في الولايات المتحدة، وتسرب الكثير من المعلومات التي من خلالها تريد أن تورط العرب في ردود أفعال تخدم مصالحها، وهي تسرب أن هناك محاولة لتعديل المبادرة العربية وأنه لا يوجد شريك للتفاوض معها من الفلسطينيين وكذلك قضية اللاجئين، ولهذا عندما ناقش وزراء الخارجية العرب اهتموا بتوجيه رسالة بموقف العرب إلى الإدارة الأميركية والرد على هذه التسريبات الإسرائيلية حتى لا تستخدمها في لقاءات نتنياهو مع الرئيس أوباما للضغط عليه باتخاذ قرارات لا تخدم مسيرة سلام في المنطقة.

* لكن البعض يرى أن ما تعرضه أميركا من أجل السلام غير كاف وأن ما جاء به العاهل الأردني من أميركا عبر اللقاء مع أوباما ليس بجديد.. ما مدى صحة ذلك؟ ـ فيما يتعلق بموقف اليمن قلت خلال الاجتماع إنه ينبغي عدم الإفراط في التشاؤم وكذلك في التفاؤل، فالإفراط يقودنا إلى الهرولة، والتشاؤم يجعلنا غير قادرين على اتخاذ القرار ونصاب بالشلل.

* كيف وجدتم مواقف الدول العربية من الولايات المتحدة خلال الاجتماع الوزاري الذي انعقد مؤخرا؟ ـ الدول العربية كلها تتفق على أن هناك رؤية مختلفة في البيت الأبيض اليوم عما كانت عليه في عهد الرئيس بوش، وهي أن هناك انفتاحا واستعدادا لإشراك كل الأطراف وليس الاستماع لطرف واحد وبالتالي اتفقنا على تعزيز هذا التوجه وان نكون شركاء حقيقيين لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي، لكن دون التنازل عن الثوابت والمبادئ التي طرحت في المبادرة العربية للسلام.

* هل حدث اتفاق بالإجماع أم كانت هناك مواقف متشددة من سورية أو غيرها من الدول كما يحدث عادة؟ ـ لن أستخدم كلمة تشدد تجاه أي موقف عربي، فالتعامل كان من منطلق المسؤولية والحرص على أن يتمسك العرب بالمبادرة العربية للسلام وان يدعموا الجهود المصرية للمصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية لأنها عنصر هام في النجاح والوصول إلى حل وأيضا التعامل مع الإدارة الأميركية من منطلق أننا حريصون على أن نعزز من الالتزامات التي عبرت عنها الإدارة الأميركية. وأعتقد أن تغيير الإدارة الأميركية جعل كثيرا من الدول التي كانت توصف بالتشدد تتعامل بموضوعية الآن لأنها ترى بداية جديدة وتريد أن تتعامل بإيجابية مع هذه البدايات إلى أن يثبت عكس ذلك.

* هل تتوقع أن تكون نتائج زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس حسني مبارك أكثر وضوحا فيما يتعلق بخطوات عملية السلام؟ ـ أولا أعتقد أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني نقل رسالة واضحة إلى الإدارة الأميركية وجاء بالتزامين مهمين وهما: التمسك بحل الدولتين، وأن يكون هناك جدول زمني لتحقيق ذلك. وهذا يعد نتيجة إيجابية لزيارته وإن كانت تكرارا لمبادئ من قبل. أما فيما يتعلق بالجديد فأنا أعتقد أن الإدارة الأميركية فضلت طرح الجديد بعد الاستماع إلى عدد من القادة الذين سيتوجهون إلى واشنطن، ومن بينهم الرئيس حسني مبارك، والرئيس محمود عباس، وبعد ذلك سوف تتبلور الرؤية الأميركية، التي تتعلق بطرق التنفيذ.

* هل يستضيف اليمن خالد مشعل في حالة خروجه من سورية؟ ـ خروج خالد مشعل من سورية يدخل في إطار التسريبات التي تحاول إسرائيل من خلفها زراعة الخلافات بين الدول العربية والمنظمات الفلسطينية.