أهالي الجنوب يطالبون بغداد باستخدام النفط سلاحا ضد الدول التي تمنع المياه

مسؤول برلماني: لدينا علاقات دولية جيدة يمكن أن نوظفها للضغط على تركيا

فتاة توجه قطيعا من الجواميس في نهر الفرات قرب النجف (أ.ب)
TT

شبح شحة المياه بات الهاجس الأكبر الذي يؤرق المزارعين والمسؤولين في مناطق الفرات الأوسط جنوب العراق التي تعتمد على الزراعة كمصدر وحيد لمعيشتهم. المزارعون وصفوا شحة المياه بأنها انهيار كبير لاقتصاد العراق وقد تؤدي إلى هجرة كبيرة من الريف إلى المدينة مطالبين الحكومة باستخدام النفط كسلاح ضد الدول التي تمنع المياه. ودعا مقرب من المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني أمس البرلمان العراقي إلى معالجة موضوع شحة المياه في العراق. وقال أحمد الصافي، أمام آلاف من المصلين في ضريح الإمام الحسين وسط كربلاء خلال خطبة صلاة الجمعة، «تحتاج مسألة شحة المياه في البلاد إلى علاج داخل مجلس النواب ومن الوزراء المعنيين لأن هذه المسألة بدأت تثار في الآونة الأخيرة وتجعل الشارع العراقي في حالة من القلق». ونقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية « د.ب.أ» قوله «هناك حالة القلق لدى المواطن وهو يشاهد واقع الأنهر في العراق وعلينا تدارك مسألة هل هناك محاولة فعلا لتقليل حصة العراق الوطنية من المياه أو أن الاتفاقات الدولية تحدد ضوابط عامة لا يمكن التجاوز عنها».

ويعاني العراق حاليا نقصا شديدا في المياه جراء قيام السلطات التركية والإيرانية بتقليل حصة العراق في نهر دجلة والفرات من قبل الجانب التركي فيما أوقف الجانب الإيراني عمليات تدفق المياه في عدد من الروافد المغذية لنهر دجلة داخل الأراضي العراقية وإيقاف تدفق مياه نهر الكارون في شط العرب مما أدى إلى انخفاض مناسيب الأنهر.

إلى ذلك ، قال الفلاح أبو ماجد 72 سنة من أهالي ناحية المشخاب قال إن «على مجلس النواب والحكومة العراقية إيجاد الحلول المناسبة لشحة المياه التي تجتاح مناطقنا التي يعتمد ساكنوها اعتمادا رئيسيا على الزراعة في معيشتهم  اليومية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» إن «المناطق الريفية مهددة بمجاعة لم يمر العراق بها من قبل». أما أبو سعدون من محافظة الديوانية فقال وهو ينظر إلى أرضه الزراعية مع أولاد ابنه الذي راح ضحية الإرهاب «مساحة أرضي خمسة دونمات نزرعها رزا في الموسم الصيفي وفي الشتاء نزرعها حنطة، إضافة إلى امتلاكي عددا من المواشي وكل هذه الموارد لا تسد احتياجاتنا اليومية»، مضيفا «أناشد الجهات الحكومية أن تنظر إلينا بمنظور الأبوة وتحاول أن تجد الحلول المناسبة لتجاوز هذه الأزمة التي قد تكون نهايتنا ونهاية الزراعة في العراق». وطالب المزارع محمد علي من النجف الحكومة باستخدام النفط كسلاح ضد الدول التي تمنع المياه. وأضاف أن «استخدام النفط كسلاح قد يأتي بمكاسب كبيرة للعراق وكافة الدول التي تمتلك النفط الذي يعتبر الشريان الذي يغذي العالم».

رئيس لجنة الزراعة في البرلمان العراقي قال إن «العراق قد يدخل مرحلة الكارثة في حالة عدم استجابة تركيا للمطالب العراقية» وأضاف كريم اليعقوبي لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة المياه في العراق بشكل أساس مرتبطة بدول المنبع الحدودية مع العراق وهي تركيا وإيران أيضا لكن بالدرجة الأساس فيما يخص دجلة والفرات تخص تركيا وفي الروافد تأتي إيران بالدرجة الثانية وهذه الدول لم يدخل العراق لغاية الوقت الحاضر أي اتفاقية معها تؤمن حصة العراق المائية منذ عشرات السنين إضافة إلى عدم وجود أي اتفاقيات دولية تحمي حصة العراق المائية»، مؤكدا أن «علينا انتظار نتائج اتفاقية الشراكة الشاملة التي سيتم التوصل بها لاتفاق مع تركيا بقيمة 20 مليار دولار تتضمن مجالات عدة وفرصتنا في هذه الاتفاقية بأن نضمنها بندا يؤمن حصة العراق المائية وعلى هذا الأساس أصدر مجلس النواب العراقي قرارا يلزم الحكومة العراقية بأن هذه الاتفاقية لا تعتبر نافذة ولا يتم المصادقة عليها إلا بتأمين حصة العراق المائية».  وحول ما إذا كانت لدى الحكومة أي تطمينات من الجانب التركي بموافقته على الإصرار العراقي بوضع حصة العراق من المياه في إطار قانوني قال اليعقوبي إن «الجانب التركي ومنذ عشرات السنين يمتنع عن توقيع اتفاق لكننا اليوم وفي العراق الجديد لدينا علاقات دولية هامة وخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ومع دول المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ويمكن استغلال علاقاتنا مع هذه الأطراف للضغط على الجانب التركي وإقناعه من أجل أن يوقع الاتفاقية». وقال اليعقوبي إن «هناك تحفظات من الجانب التركي تشير إلى وجود هدر كبير في المياه في العراق، رددنا على هذه التحفظات بالقول إن البلد يمر بمرحلة انتقالية حساسة وصعبة وقد كانت حصة العراق فيما مضى ما يقارب الـ600 ألف لتر مكعب في الثانية، واليوم انخفض إلى ما يقارب الـ200 ألف لتر مكعب في الثانية ثم إن الأوضاع في البلد لا تتغير بسهولة بل يراد زمن طويل لترتيب تلك الأوضاع ومنها الأوضاع الأمنية والإدارية وتثبيت البنى التحتية، ولكن مع ذلك بدأت في البلد العديد من المشاريع في الجانب الزراعي والمائي ومنها مشاريع الري والبزل وكذلك وضع برنامج لتثبيت آلية الري بالتنقيط والرش، لكن هذه المشاريع لا تؤتي ثمارها خلال مدة قصيرة بل تتطلب عشرات السنين وهذا لا يعني أن يبقى العراق عطشان».  بدوره، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي إن «العراقيين يحملون صورة جميلة عن تركيا بدأت تتزعزع بسبب مشكلة المياه وعدم إطلاق تركيا الحصة الكاملة للعراق من مياه نهر دجلة».