روكسانا صابري في النمسا للراحة والعلاج وشكر مسؤولين.. وتروي ما حدث لها قريبا

البرادعي: عدد الدول التي لديها أسلحة نووية قد يتضاعف خلال السنوات المقبلة

الصحافية الأميركية ـ الإيرانية روكسانا صابري تتوسط والديها رضا (يمين) واكيكو لدى وصولهم إلى مطار فيينا الدولي أمس (أ. ب)
TT

وصلت الصحافية الأميركية ـ الإيرانية روكسانا صابري إلى النمسا أمس قادمة من طهران بعدما أفرجت السلطات الإيرانية عنها وخففت الحكم الصادر عليها بالسجن ثماني سنوات بتهمة التجسس. وصرحت صابري لدى وصولها فيينا «سأمضي بضعة أيام في فيينا لأنها مكان هادئ ومريح»، دون إعطاء توضيحات حول مدة إقامتها في فيينا ولا تاريخ عودتها إلى الولايات المتحدة. وأوضح والدها رضا صابري انه بعد بضعة أيام في فيينا «سنعود إلى الولايات المتحدة، اننا سعداء جدا بالخروج من كل ذلك». وأكدت روكسانا صابري (32 سنة) التي بدت شاحبة الوجه ومتعبة ومن دون منديل على رأسها، انه من أسباب توقفها في فيينا الدور الذي لعبه سفير النمسا في إيران ميكايل بوستل. وقالت انه «قدم لي مساعدة كبيرة وبودي أن أشكره». وقبيل إقلاع طائرتها من طهران في رحلة مشتركة لشركتي الطيران الألمانية والنمساوية لوفتهانزا واوستريان ايرلاينز، قال أحد أصدقاء عائلة صابري بأيام محبي إن «روكسانا في حالة جيدة وسعيدة جدا». وأضاف أنها «لم تقرر حاليا ما إذا كانت ستعود إلى إيران أم لا». وفي مطار فيينا أضافت الصحافية التي أضربت عن الطعام خلال اعتقالها، أنها «ستروي قريبا ما جرى» في إيران وأسباب توقيفها واعتقالها ثلاثة أشهر وإدانتها. وقالت «كتب الكثير لكنني الوحيدة التي تعرف ما جرى حقا».

وقال بيتر لونسكي تيفنتال المتحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية إن صابري التي سافرت بصحبة والديها تعتزم البقاء في فيينا مع أصدقاء إيرانيين عدة أيام كي تستريح في طريق عودتها للولايات المتحدة. ولدى وصولها مطار فيينا شكرت كل من قام بحملات للإفراج عنها من شتى أنحاء العالم. وقالت لشبكة «سي إن إن» التلفزيونية الأميركية «سمعت أن البعض.. بل كثيرين تكبدوا الكثير من أجلي وان البعض أضرب عن الطعام.. كان هذا مؤثرا جدا بالنسبة لي». ولقي خطيب روكسانا السينمائي الإيراني بهمان غوبادي نجاحا كبيرا لدى تقديمه فيلم «القطط الفارسية» في مهرجان كان السينمائي. ويروي الفيلم الطويل الذي كتبه المخرج مع الصحافية مغامرات موسيقيين خرجا من السجن ويسعيان إلى تشكيل فرقة. وقد صور الفيلم سرا في إيران. وأكد والد الصحافية لوكالة الصحافة الفرنسية أنها لا تنوي التوجه إلى مدينة كان. وقال «فاتت فرصة التوجه إلى كان، حصل العرض أمس» (الخميس). وكان رضا صابري يوم الإفراج عن ابنته، يقدم عرضا حول الشعر الفارسي في إطار الذكرى الخمسين للمنتدى النمساوي في طهران. وأعربت روكسانا صابري عن رغبتها في «العثور على طبيب اختصاصي في أمراض الجلد في فيينا» مشيرة إلى حبوب على جبهتها.

وألقي القبض على صابري التي تحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية وعملت في الإذاعة الوطنية العامة في الولايات المتحدة وفي هيئة الإذاعة البريطانية في يناير (كانون الثاني) لعملها في إيران بعد انتهاء أجل أوراق اعتمادها كصحافية. واتهمت في وقت لاحق بالتجسس، وأدينت وحكم عليها بالسجن ثماني سنوات. وأطلق سراحها من السجن يوم الاثنين بعدما خففت عقوبتها في الاستئناف إلى عامين مع وقف التنفيذ. وقال محاميها الإيراني عبد الصمد خورامشاهي لـ(رويترز) الخميس «كانت بحالة جيدة لكنها مستاءة لأنها لا تستطيع العودة إلى إيران لتعد التقارير». وقال صالح نيكبخت المحامي الآخر عن صابري يوم الثلاثاء إن تغيير الحكم يرجع إلى اختلاف في تفسير القانون وليس لاعتبارات سياسية. وأزال إطلاق سراحها يوم الاثنين عقبة محتملة أمام محاولات الرئيس الأميركي باراك أوباما تحسين علاقات الولايات المتحدة مع الجمهورية الإيرانية بعد ثلاثة عقود من العداء المتجمد.

ورحب أوباما بإطلاق سراح صابري بعد أكثر من ثلاثة أشهر في الحبس باعتباره «لفتة إنسانية». والدولتان في شقاق بشأن برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم الذي يخشى الغرب انه يهدف في النهاية إلى إنتاج أسلحة نووية. وتقول إيران إنها تريد فقط مصدرا بديلا للكهرباء من الطاقة النووية. وقالت الولايات المتحدة إن الاتهامات التي وجهت إلى الصحافية لا أساس لها وطالبت بالإفراج الفوري عن صابري. ولا تعترف طهران بازدواج الجنسية وطلبت من واشنطن ألا تتدخل. وعرض أوباما على إيران بداية جديدة لكن إيران تقول إن واشنطن يجب أولا أن تبدي تغيرا حقيقيا في السياسة. وقال محللون ودبلوماسيون إن اعتقال صابري لا يجب أن يفسر على أن إيران ترفض عرض أوباما لكنهم يقولون إن قضيتها وإطلاق سراحها ربما تأثرت به.

ويرى البعض الاعتقال بمثابة تحذير لوسائل الإعلام الأجنبية قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية في يونيو (حزيران). وقال آخرون انه ربما كان حيلة من المتشددين الإسلاميين لإحباط أي إرخاء للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران أو لاستخدامها «كورقة مساومة». إلى ذلك، أفادت وثائق قضائية أن قاضية أميركية أصدرت حكما بالسجن 17 شهرا على صاحب شركة طيران أميركية لإدانته بالتآمر لشحن قطع غيار طائرات مقاتلة وطائرات عسكرية أخرى لإيران في انتهاك للحظر الأميركي على الجمهورية الإيرانية. ووجه اتهام لحسن سعيد كيشاري، وهو إيراني حاصل على الجنسية الأميركية، في يونيو (حزيران) الماضي بسلسلة من الانتهاكات للقانون الأميركي للرقابة على صادرات الأسلحة والحظر المفروض على إيران وقانون سلطات الطوارئ الدولية. وأقر كيشاري في يناير (كانون الثاني) الماضي بتهمة واحدة هي تهمة التآمر. واستبعدت القاضية باتريشيا شيتز القاضية في محكمة جزئية أميركية عشر تهم أخرى في جلسة يوم الأربعاء وأصدرت عليه حكما بالسجن 17 شهرا بتهمة التآمر وخضوعه للمراقبة لمدة ثلاث سنوات بعد الإفراج عنه. ولو أدين في الاتهامات الأصلية لواجه حكما بالسجن 20 عاما. وكانت السلطات الأميركية اتهمت كيشاري، وهو صاحب شركة طيران أميركية مقرها نوفاتو بولاية كاليفورنيا، وترايان بيودوفينو صاحب شركة مقرها في بلانتيشن بولاية فلوريدا لمساعدتهما الحكومة الإيرانية على بناء جيشها. وقال مدعون إن الرجلين تلقيا طلبات من إيران مباشرة عبر البريد الالكتروني لشراء قطع غيار، وقاما بعد ذلك بشرائها وشحنها إلى إيران بطريقة غير شرعية عبر دبي. وأضاف المدعون أن الرجلين شحنا أجزاء وقطع غيار للطائرة المقاتلة تومكات من طراز إف 14، وطائرة الهليكوبتر الهجومية الكوبرا من طراز ايه اتش 1 وطائرة النقل الثقيل الهليكوبتر من طراز سي اتش 53. وقالت السلطات الاميركية ان العديد من شبكات المشتريات تستخدم موردين في الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم للحصول على منتجات عسكرية أميركية الصنع وشحنها لإيران.

وأقر بيودوفينو، وهو روماني حصل على الجنسية الأميركية، في أبريل (نيسان) الماضي بارتكابه جريمة واحدة هي التآمر. ومن المقرر أن يصدر حكم عليه في 11 من يونيو (حزيران) القادم.

على صعيد آخر، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس عن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة محمد البرادعي قوله إن عدد الدول التي من المحتمل أن تصبح مسلحة نوويا قد يرتفع إلى أكثر من الضعف في السنوات القليلة المقبلة ما لم تتخذ القوى الكبرى خطوات جذرية لنزع السلاح. وقالت «الغارديان» إن البرادعي ذكر أن خطر هذا الانتشار يتعاظم بشكل خاص في الشرق الأوسط وان النظام الدولي الذي وضع للحد من انتشار الأسلحة النووية يتعرض لخطر الانهيار. وقال البرادعي في مقابلة مع الصحيفة «أي نظام.. يجب أن يكون لديه حس بالعدالة والإنصاف وهو ما ليس موجودا». وتوقع أن تشمل الموجة التالية من الانتشار «دولا نووية فعلية» قادرة على إنتاج البلوتونيوم أو اليورانيوم عالي التخصيب ولديها المعرفة بكيفية صناعة الرؤوس الحربية لكنها ستتوقف قبل تجميع السلاح بقليل. وقال إن مثل هذه الدول ستظل من الناحية الفنية ملتزمة بمعاهدة حظر الانتشار النووي فيما يفصلها شهران عن نشر واستخدام سلاح. ونقلت الصحيفة قوله «هذه هي الظاهرة التي نراها الآن وتثير قلق الناس في إيران». وأضاف «تذهب هذه الظاهرة إلى أبعد بكثير من إيران. قريبا.. سيكون لديك تسع دول مسلحة وربما 10 أو 20 دولة مسلحة فعليا». وقال البرادعي الذي يترك منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن رأس الوكالة لأكثر من 11 عاما إن الشرق الأوسط «قنبلة موقوتة» لأن الناس يشعرون أن حكوماتهم تقمعهم تماما وان العالم الخارجي يعاملهم على نحو ظالم.

وذكر البرادعي انه لن يكون مستغربا رؤية «المزيد والمزيد من الجماعات المتطرفة تحاول الحصول على أسلحة نووية أو مواد نووية». وقال البرادعي إن أكبر خطر يواجه العالم هو أن تحصل جماعة إرهابية على أسلحة نووية. وأضاف «نحن قلقون لأن هناك حربا دائرة في دولة تملك أسلحة نووية»، مشيرا إلى تزايد قوة حركة طالبان المتشددة في باكستان.