مدونة أحمدي نجاد خارج الخدمة منذ 500 يوم

قد لا يتمكن من تحديثها إلا بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الإيرانية

TT

لم يجدِّد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مدونته على الإنترنت منذ نحو 500 يوم، رغم تعهده في أول إطلاقه لها عام 2006، بقضاء 15 دقيقة أسبوعيا لتحديث هذه المدونة. وقد لا يتمكن نجاد من تحديث مدونته إلا بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية منتصف هذا العام، لكن لا أحد يعلم إن كان سيعود لتحديثها رئيسا أم مرؤوسا، فيما يتحدث مدونون من المسؤولين الإيرانيين، إن دخول نجاد عالم التدوين، ووضعه كومبيوترا لهذا الغرض على مكتبه، مجرد إجراء شكلي لا غير.

وأول ما يلفت الانتباه عند تصفح مدونة الرئيس الإيراني أنها تركت رسائل على صفحتها الرئيسية، تنادي بالموت لصاحبها، الرئيس نجاد نفسه، إلى جانب رسائل تدعو له بطول العمر.

وعلى خلفية ذات نقوش هندسية إسلامية، يوجد العنوان الرئيسي للمدونة، وهو "كتابات أحمدي نجاد الشخصية"، وعلى يمين الصفحة الرئيسية للمدونة صورة الرئيس نجاد، وفي الجانب الآخر العلم الإيراني.

والمدونة يتم تحريرها بأربع لغات، هي الفارسية، اللغة الرسمية للدولة الإيرانية، وكذا اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. وعند إرسالك رسالة إلى الرئيس أحمدي نجاد، يكون لديك خياران، الأول أن تسمح له بأن يعيد نشر رسالتك، بحيث تكون متاحة لكل متصفحي المدونة، والخيار الآخر، أن تجعل الرسالة خاصة، لا يطّلع عليها إلا صاحب المدونة فقط، محمود أحمدي نجاد. لكن متصفحين للمدونة قالوا لـ«الشرق الأوسط»» إن الرسائل التي بعثوا بها على مدار الأشهر الأخيرة للرئيس نجاد، واختاروا إتاحة رسائلهم للعرض العام، لم تظهر على المدونة كما اعتادوا في السابق، لا بالنسبة إلى من أيدوه ولا من انتقدوا مواقفه.

وحين أطلق نجاد مدونته «ahmadinejad.ir» في الأول من أكتوبر (تشرين) عام 2006، قال إن الهدف من إنشاء هذه المدونة «الارتباط بزائريه ارتباطا مباشرا وثنائيا، ولذلك فضّلتُ أن أقضي جميع وقتي الذي خصّصته للموقع (المدونة) في قراءة آراء الزائرين الأعزاء ونظراتهم، فإني أرجّح أن تتضمن معظم الخطابات الموجهة إليّ، مقترحات أو انتقادات أو أسئلة، وذلك لاعتقادهم أني أنا الذي سأقرؤها شخصيا». وطوال أكثر من خمسمائة يوم لم يدرج نجاد في مدونته إلا عشرة موضوعات، وهو عدد قليل مقارنة بالمدة الزمنية الطويلة للمدونة، وكذا مقارنة مع مسؤولين إيرانيين دخلوا مجال التدوين في السنوات الأخيرة، أشهرهم محمد على أبطحي النائب السابق للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.

وأول ما دونه الرئيس أحمدي نجاد في مدونته يدور عن لقاء له بممثلي تنظ?مات طلاب?ة بالجامعات في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2006، أما آخر ما كتبه على المدونة، فكان منذ نحو 525 يوما، أي في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 تحت عنوان «الحكومة الإسلامية». وفي المدونة موضوعات أخرى كتبها نجاد تتعلق بفترة طفولته، وكفاحه من أجل تحصيل العلم، وكذا انتقاداته للغرب، لكن يبدو في اللغة التي يكتب بها هدوء غير معتاد مقارنة بالخطب شديدة اللهجة التي طالما أغضبت تل أبيب وواشنطن.

وفي المدونة خمس صور للرئيس الإيراني، واحدة وهو يخطب، وأخرى مبتسما، وثالثة وهو ينصت باهتمام، ورابعة ملوحا بيده، والأخيرة عبارة عن لقطة مقربة لوجه نجاد.

وتعطي المدونة خيارات لمتصفحها بتغيير لونها إلى اللون الذي يريده من بين خمسة ألوان أيضا: الأحمر والأخضر والأصفر والأزرق والرمادي الفاتح. وفي المدونة كذلك إمكانية لتكبير الحروف وتصغيرها.

ومر على مدونة أحمدي نجاد مواقف طريفة، ففي أثناء تشديد الرقابة في إيران على المواقع الإخبارية الأجنبية على الإنترنت، طال الحجب مدونة نجاد نفسه، بطريق غير مقصود، لأكثر من عشرين ساعة. ومع ذلك، وعلى خلاف التشدد المعروف عن السلطات الإيرانية، تجاه وسائل الإعلام، بما فيها المدونات، بحسب تقرير لجنة حماية الصحفيين، فإن أحمدي نجاد، وعلى غير المتوقع، نشر جانبا مما تلقاه من انتقادات له ولسياساته، على مدونته الخاصة، لكن على الصفحات الإنجليزية والعربية والفرنسية، أكثر من الصفحة الفارسية. فبالإضافة إلى رسالة شخص يُدعَى «الشامي» يقول نصها على مدونة الرئيس الإيراني: «الموت لأحمدي نجاد.. الموت لأحمدي نجاد»، هناك رسالة أخرى من مواطن يُدعَى «جعفر الطيار»، قال فيها بالنص، كما هي منشورة على مدونة أحمدي نجاد: «أتمنى أن يسود العالم السلام والمحبة، وذلك لا يكون إلا بترك الشعارات التي ترفعها يا أحمدي نجاد، شعارات الثورة والقتل والثأر والإيمان بالمعتقدات التي تنتظر الدمار والخراب بحجة النصر والإسلام».

وقبل أن يهجر أحمدي نجاد مدونته، نشر عليها رسائل أخرى عديدة من زوار عرب وأجانب، بعضها يهاجمه شر هجوم، والبعض الآخر يؤيده كل التأييد. ومنها رسالة موقعة من شخص يُدعَى «جواهر» الوقار يقول نصها: «فليحفظكم الله ويمدكم بطول العمر والصحة والقوه لتظلوا هكذا دائما نور حق وقوة». وقالت رسالة أخرى موقَّعة باسم سالم محمود: «أسأل الله أن يقتلك شر قتلة وأن يعذبك عذابا شديدا أيها المجرم الوغد». وحين يُثار موضوع مدونة الرئيس بين مدونين من المسؤولين الإيرانيين، لا يُخفون قولهم إنهم كانوا مأخوذين، في البداية، باهتمام الرئيس الجديد أحمدي نجاد بالتدوين، عقب توليه موقع الرئاسة بنحو سنة، والقيام بالكتابة والرد على تعليقات المتصفحين، بنفسه من خلال جهاز كومبيوتر موجود على مكتبه في طهران، لكن، وبحسب نفس المصادر، لم يعد يتردد أولئك المسؤولون في النظر إلى مدونة الرئيس إلا باعتبارها «محاولة من نجاد لإثبات أنه منفتح ومُواكب للعصر، في المجتمع الإيراني المهووس أساسا بالإنترنت والتدوين، وبشكل متزايد منذ بداية الألفية». ونقل أحد الباحثين الغربيين عن مسؤول إيراني له مدونة على الإنترنت، قوله إن موضوع مدونة الرئيس أصبح، على يبدو، شكليا، وكذلك أصبح الكومبيوتر على مكتبه من الأشياء التي لا يستخدمها كثيرا.

وسبق للرئيس الإيراني التوقف، قبل أكثر من سنة، عن تحديث مدونته عدة أشهر، وهو يقر بذلك، ويقول على المدونة في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2007: «مض? عل? آخر فرصة أتاحت لي للكتابة في هذا الموقع عدة شهور، ولکن ‏هذا لا يعني أني قصرت في التزامي لـ15 دقيقة في الأسبوع، لأن الوقت ‏الذي قضيته لهذا الأمر يفوق بكثير الوقت المحدد المذکور».‏