الصومال: إقالة قائد الجيش بعد تقدم الإسلاميين في مقديشو.. وارتفاع الضحايا إلى 523

اتهامات متبادلة بين ولد عبد الله وأويس.. ومخاوف من دخول القاعدة على الخط.. والجامعة العربية تحذر

صومالي من الإسلاميين يراقب أحد الشوارع التي تقود إلى القصر الرئاسي في مقديشو (رويترز)
TT

أجرت الحكومة الانتقالية الصومالية التي يقودها عمر عبد الرشيد شارمارك تغييرات مهمة في الجيش الصومالي، أطاحت بقائده الجنرال سعيد محمد حيرسي، في وقت استمرت فيه التحضيرات العسكرية من الحكومة والجماعات الإسلامية المناوئة لها لمعركة واسعة النطاق في العاصمة الصومالية مقديشو، وحذرت الجامعة العربية من تفاقم الأوضاع، في وقت ارتفعت فيه الخسائر إلى 523 قتيلا وجريحا.

وتعهدت الحكومة الصومالية على لسان وزيرها للتخطيط والتعاون الدولي عبد القادر عبد الشكور، بسحق المتمردين وطردهم خارج البلاد، فيما نفى مسؤول كبير في الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» ما تردد عن سحب الجامعة لممثلها في مقديشو السفير إبراهيم الشويمي خوفا على حياته. وقال السفير سمير حسني مسؤول ملف الصومال بالجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» إن الجامعة تناشد كل الأطراف وقف إطلاق النار واتخاذ الحوار سبيلا وحيدا لحل الخلافات وتجنيب الشعب الصومالي المزيد من الويلات.

وشدد على أن العنف وإدارة الاقتتال لن تؤدى إلى حل للأزمة الصومالية، مؤكدا أن الحوار لا بد أن يتركز على حكومة اكتسبت شرعية عن طريق انتخاب رئيسها من البرلمان على قاعدة عريضة في جيبوتي مطلع العام الجاري. ولفت إلى أن عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية يجري اتصالات مكثفة مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة، لحث الأطراف جميعها على وقف العنف بجميع أشكاله وعدم فتح المعركة التي يتأهب لها الجميع داخل مقديشو. وأضاف أنه في حالة حدوث ذلك لن يكسب أي طرف، والخاسر الأعظم سيكون الشعب الصومالي وستسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح، وعلى أي مسؤول صومالي أو دولي أن يتدخل فورا.

وتعبيرا عن عدم رضاها عن مستوى أدائه في المعارك الراهنة في العاصمة مقديشو أعلن وزير الإعلام الصومالي فرحان علي محمد أن الحكومة عينت قائدا جديدا للجيش بعد المعارك التي جرت الأسبوع الماضي، وتمكن المقاتلون الإسلاميون خلالها من التقدم في مقديشو. وعقب اجتماع للحكومة تقرر تعيين العميد المساعد في الشرطة يوسف عثمان دومال قائدا للجيش بدلا من حيرسي الذي عين في المقابل سكرتيرا عسكريا للرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد. وبلغت حصيلة المعارك الطاحنة بين القوات الموالية للحكومة الصومالية ومناوئيها بعد ثمانية أيام من الاشتباكات التي استخدمت فيها المدفعية الثقيلة بما فيها الصواريخ وقذائف الهاون نحو 103 قتلى و420 جريحا وتسببت في نزوح 18 ألف شخص من ديارهم، وفقا لما أعلنه فرحان في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة مقديشو.

وبدا أمس أن قوات المعارضة التي يقودها الشيخ حسن أويس زعيم تحالف أسمرة وتضم عناصر من حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي وبقايا المحاكم الإسلامية المؤيدة لأويس، تتجه إلى محاصرة السلطة الانتقالية في مقراتها بالمدينة. وقالت مصادر صومالية لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الموالية للحكومة الانتقالية باتت في حالة استنفار قصوى تحسبا لمعركة وشيكة لحسم السيطرة على العاصمة مقديشو، فيما أقر قياديون في صفوف المعارضة أن عناصر أجنبية وغير صومالية تشارك حاليا في القتال إلى جانب المعارضة.

ووصل الشيخ حسن تركي القيادي الإسلامي البارز إلى مقديشو قادما من مقره في مدينة كسمايو الساحلية برفقة العشرات من المقاتلين الأجانب الذين يعتقد أنه لديهم صلات غير مرئية مع تنظيم القاعدة. وقال محمد دحتحور عمدة مقديشو لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن أغلب الخسائر وقعت في صفوف المدنيين العزل، مشيرا إلى أن آلاف السكان المحليين بدأوا في النزوح بعيدا عن المدينة هربا من جحيم المعارك وتحسبا لاندلاع المزيد من المواجهات الدامية بين الفرقاء المتناحرين.

وانتشر المتمردون الخميس قرب القصر الرئاسي والمؤسسات العامة في مواجهة مباشرة مع القوات الحكومية وقوات حفظ السلام الأفريقية في الصومال. ورفض أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة الخاص للصومال اتهامات حادة وجهها له أمس زعيم المعارضة المتشدد الشيخ أويس الذي اتهمه بتدمير الدولة الصومالية وإلحاق الضرر بالصوماليين عبر دعمه للحكومة الانتقالية الضعيفة على حد تعبيره.

وقال ولد عبد الله في بيان لـ«الشرق الأوسط» من مقره في العاصمة الكينية نيروبي إن المتطرفين الذين يهاجمون العاصمة مقديشيو (في إشارة إلى الشيخ أويس ومناصريه) مسؤولون عن معاناة وشقاء آلاف الصوماليين، مشيرا إلى أن المتطرفين الإسلاميين وأعوانهم الأجانب بدأوا هذا القتال الذي أدى إلى قتل وتشريد المدنيين العزل. وأضاف أنه في سبيلهم للسيطرة على الحكم، برهن هؤلاء المتطرفون على عدم مبالاتهم بالشعب الصومالي المسلم.

وحث ولد عبد الله المجتمع الدولي على تقديم يد العون للحكومة الصومالية الانتقالية في مواجهة مناوئيها، وقال إن المتطرفين يحاولون إعادة البلاد مجددا إلى دوامة العنف التي شهدتها مطلع التسعينات، مؤكدا أن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق. وكان الشيخ أويس العائد من العاصمة الاريترية أسمرة بعد إقامة دامت عامين، ويقود قوى المعارضة المسلحة، قد شن هجوما على ولد عبد الله، وقال في تصريحات له أمس «من المفاجئ أن نرى ولد عبد الله يدمر الصومال بينما هو كمسلم عليه التزام بأن يكون أمينا فيما يجب عليه عمله للصوماليين»، مضيفا «هو يدافع بشكل ثابت عن سياسات الحكومة كما لو كان هو رئيس هذا البلد.. وهو لا يقوم بدوره بالاتصال مع كل طرف في الصراع».