«دير شبيغل»: التحقيق الدولي جمع أدلة تثبت أن حزب الله اغتال الحريري

قالت إن الرأس المخطط هو بديل مغنية.. وعنصر من الحزب ارتكب خطأ قاد إلى كشف الشبكة والهواتف الجوالة المستخدمة في العملية

TT

كشف موقع «دير شبيغل» الألماني، أمس، أن المحققين الدوليين في المحكمة الخاصة بلبنان توصلوا إلى استنتاج أن حزب الله هو من اغتال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، إلا أنهم يبقون على المعلومات سرية. وقالت «دير شبيغل»، بناء على معلومات تلقتها من مصادر مقربة من المحكمة الخاصة بلبنان، وتأكدت منها بعد أن اطلعت على تقارير داخلية، إن التحقيقات المكثفة في لبنان توصلت إلى استنتاج جديد: ليست سورية من قتلت الحريري، بل قوات خاصة من حزب الله الذي خطط ونفذ الاعتداء. وقال الموقع، الذي نشر التقرير، إن المدعي العام دانيال بلمار يريد التمهل بالإعلان عن هذه المعلومات التي يبدو أنه حصل عليها منذ حوالي شهر تقريبا.

وقالت «دير شبيغل» إن وحدة خاصة في قوى الأمن اللبنانية كانت تعمل بشكل سري، ويرأسها رئيس الفرع الفني في شعبة المعلومات وسام عيد (اغتيل فيما بعد)، تمكنت من فرز أرقام الهواتف الجوالة التي كان يشتبه بأنها مركزة على المنطقة المحيطة بالمكان الذي اغتيل فيه الحريري في الأيام التي تلت الاغتيال ويوم الاغتيال نفسه. وقالت إن المحققين يعتبرون هذه الهواتف الجوالة «الحلقة الأولى من الجحيم». وأضافت أن الفريق الذي يرأسه عيد تمكن من تحديد ثمانية هواتف جوالة، كلها تم شراؤها في اليوم نفسه من مدينة طرابلس في شمالي لبنان، وتم تشغيلها قبل ستة أسابيع من تنفيذ الاغتيال، وتم استعمالها حصرا للتواصل بين من كانوا يستعملون هذه الخطوط الثمانية، باستثناء حالة واحدة فقط، ولم يعد استعمال هذه الخطوط بعد الاعتداء. وقالت إنها شكلت الأدوات للفريق الذي نفذ الاغتيال. وقالت إنه كانت هناك أيضا «حلقة ثانية من الجحيم»، وهي عبارة عن شبكة من 20 هاتفا جوالا تم تعريفها على أنها غالبا ما كانت على مقربة من الهواتف الجوالة الثمانية الأولى. وأضافت «دير شبيغل» أنه، بحسب قوى الأمن اللبنانية، يبدو أن هذه الأرقام جميعها تعود لـ«الذراع التنفيذية» لحزب الله. وأشارت إلى أن هاتين المجموعتين كانت ترصد تحركاتهما بالقرب من بعضهما بشكل مستمر وأحيانا بالقرب من موقع الاعتداء. وقالت إن خطأ ارتكبه واحد من الأشخاص الذين كانوا يستعملون هذه الهواتف، أوصل المحققين إلى أحد المشتبه بهم الرئيسيين، وأن هذا الشخص ارتكب خطأ كبيرا عندما اتصل من أحد هذه الهواتف بصديقته، وعلى الرغم من أنه لم يجر إلا هذا الاتصال الواحد، إلا أن هذا كان كافيا للوصول إليه. وذكرت «دير شبيغل» أن الشخص الذي ذكرت اسمه هو عضو في حزب الله، وقد شارك في دورة تدريبية في إيران. وقد تم تعريف هذا الشخص أيضا على أنه هو شاري الهواتف الجوالة. وقالت إنه اختفى منذ ذلك الحين، وربما لم يعد على قيد الحياة. وأضافت أن خطأ هذا الشخص أوصل المحققين إلى الاشتباه بالرأس المدبر لعملية الاغتيال الذي يبلغ من العمر 45 عاما. وهو من النبطية في جنوب لبنان، ويعتبر قائد الجناح العسكري لحزب الله ويعيش في الضاحية الجنوبية لبيروت . وقال الموقع أيضا إن عماد مغنية، الذي اغتيل في دمشق في العام 2008، كان يرأس هذه الوحدة، وبعد اغتياله تولى مهامه الشخص الذي أشرف على عملية اغتيال الحريري. وقال المصدر لـ«دير شبيغل» إنه كلما تعمقت التحقيقات في بيروت، توضحت الصورة، وأن المحققين اكتشفوا أن عضوا من حزب الله حصل على شاحنة الميتسوبيشي التي استعملت في الاعتداء، كما تمكنوا أيضا من تعقب مصدر المتفجرات. وذكر الموقع أيضا، أن رئيس التحقيق اللبناني و«البطل الحقيقي» في القصة لم يعش لكي يشهد تطورات التحقيق. وكان عيد البالغ من العمر 31 عاما، قد قتل بحادث تفجير في الحازمية، إحدى ضواحي بيروت، في 25 يناير (كانون الثاني) 2008. وقالت إن الاعتداء الذي قتل فيه 3 أشخاص أيضا، كان هدفه إبطاء التحقيق، وأنه هذه المرة أيضا كانت هناك أدلة على تورط قوة الكوماندوز في حزب الله بعملية الاغتيال، تماما كما ظهرت أيضا في الاغتيالات التي حصلت خلال السنوات الأربع الماضية. وذكر الموقع أن شعبية رفيق الحريري المتزايدة أزعجت حسن نصر الله، وأن الحريري كان يجسد كل ما يكرهه أمين عام حزب الله: علاقات قريبة مع الغرب، وموقع قوي بين الرؤساء العرب، أسلوب حياة فاخر...

ورجحت «دير شبيغل» أن يكون السبب الذي يدفع المدعي العام في القضية لإبقاء هذه المعلومات سرية، مخاوف من تأجيج الصراع في لبنان. وكان المحقق الدولي الألماني ديتليف ميليس في القضية، قد اتهم سورية بتنفيذ الاغتيال بمشاركة جهات لبنانية، وأوصى في العام 2005 باعتقال الضباط الأربعة لاشتباههم بالتورط في الجريمة، إلا أنه أطلق سراحهم قبل عدة أسابيع بناء على توصية المدعي العام الحالي في القضية.

وأجرت «الشرق الأوسط» عددا من الاتصالات، أمس، بجهات في المحكمة الخاصة بلبنان في لايدشندام في هولندا، وبجهات قضائية لبنانية، نفت جميعها تسريب أي معلومات لـ«دير شبيغل». ورفض مكتب المدعي العام دانيال بلمار التعليق على مضمون التحقيق الجاري.