4 زعماء سنة يتنافسون على رئاسة الحكومة المقبلة.. في طرابلس

ميقاتي يقدم نفسه على أنه الحل الوسط.. ويتنافس مع الصفدي في تقديم الخدمات للسكان

صور انتخابية لمرشحين في طرابلس من بينهم عمر كرامي ونجيب ميقاتي، معلقة على الابنية (رويترز)
TT

لا منازلة انتخابية متكافئة في طرابلس بين لائحتي الموالاة والمعارضة، لكن الحرارة مرتفعة جدا بسبب معركة أهم تدور في المدينة، عنوانها رئاسة الوزارة المقبلة التي ستصبح محور الاهتمام الأول بدءا من يوم الاثنين القادم.

تتنافس في طرابلس ثلاث شخصيات محتملة للعب هذا الدور، اثنتان منها على لائحة واحدة هي «لائحة التضامن الطرابلسي» المحسوبة على 14 آذار. وهما: رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، والوزير محمد الصفدي. وهناك شخصية «مخفية» على هذه اللائحة تتنافس على رئاسة الحكومة، هو النائب سعد الحريري الذي يعتبر زعيم اللائحة، وهو مرشح عن مقعد السنة في بيروت، إلا أن فوز لائحته هناك يعطيه دفعا أكبر. أما الزعيم الثالث فهو رئيس الوزراء السابق عمر كرامي المرشح على اللائحة المضادة.

وتنتخب طرابلس ثمانية نواب، خمسة منهم من السنة وواحد من المسيحيين الأورثوذوكس وواحد ماروني وواحد من الطائفة العلوية.

ويفسر وجود المتنافسين على زعامة الحكومة على لائحة واحدة، التململ الحاصل بينهم. وعلى الرغم من أنهم يؤكدون تكاتفهم، لكن كلا منهم يسعى، لأن يكسب أكبر عدد ممكن من الأصوات لإبراز قوته على الأرض. و«لائحة التضامن» متضامنة بالفعل ـ بحسب ما يؤكد كل أعضائها، وكذلك ماكيناتها الانتخابية، وهو ما يجعل عمر كرامي (الطامح الثالث في طرابلس لرئاسة الوزارة) في وضع صعب. وهو يخوض الانتخابات في مواجهة هذا التكتل الكبير، بلائحة ضعيفة غير مكتملة تجمعه مع شخص آخر هو خلدون الشريف.

لم يحاول كرامي تشكيل لائحة جديدة ـ بحسب معارضين مطلعين في المدينة ـ «وفضّل الترشح شبه منفرد، لأن مجرد حصوله على 25 ألف صوت أو 30 ألف صوت في مواجهة لائحة تجمع كافة الأقطاب الآخرين، يعتبر فوزا معنويا كبيرا له، حتى ولو لم يفز بمقعد نيابي. وهو ما يؤهله لتولي رئاسة الوزارة في حال ربحت المعارضة، وسمحت الظروف بذلك».

وكرامي أعلن في أكثر من مناسبة استعداده لتولي هذا المنصب بعد الانتخابات. وقال في مهرجان انتخابي منذ أيام: «معركتي الأولى في الانتخابات ليست في طرابلس بل في لبنان، وحول أي لبنان نريد... والمعركة الثانية والأهم ستبدأ بعد إعلان نتائج الانتخابات».

وبحسب صفوان خادم، وهو مدير لمركز انتخابي لسعد الحريري في منطقة «باب الرمل» في طرابلس، فإن «أهم ما تسعى له ماكينات لائحة التضامن هو منع التشطيب الذي سيطال بحسب ما يشاع، النائب السابق أحمد كرامي (ابن عم عمر كرامي حليف الحريري) لصالح المرشح المنفرد مصباح الأحدب الذي أخرج من اللائحة رغم انتمائه لـ14 آذار» ويتابع الخادم: «تشتت الأصوات بين هذين المرشحين من الموالاة، سيسمح لعمر كرامي بفوز سهل مستفيدا من ذلك».

يجلس مناصرون لعمر كرامي أمام أحد مكاتبه الانتخابية في شارع الراهبات، ولا يبدو عليهم الكثير من الحماس، لكنهم يؤكدون أن النصر سيكون لمرشحهم الذي سيؤمّن لهم العمل والكرامة اللذين لم يؤمنهما سعد الحريري «اللي ما بيحكي طرابلسي». ويقول ألكسي عبود: «نحن هنا لنؤمن الخدمات للناس، كل من يطلب دواء أو علاجا يقدمه الأفندي (يقصد كرامي) مجانا. نحن نساعد الناس ولا نلحق بهم إلى بيوتهم، لإجبارهم على الاقتراع، كما يفعل غيرنا».

يعتبر الحريري الأوفر حظا لتولي رئاسة الوزارة في حال فازت الموالاة. وتعمل ماكينته الانتخابية كي تنجح لائحة التضامن التي يدعمها «زي ما هيي» كما يردد مناصروه، فهذه ستكون دلالة على قوته في إنجاح كل من يترشح تحت رايته.

«مربط الفرس هو أن تنزل اللائحة كما هي في الصناديق»، يقول صفوان الخادم. «التعليمات هي أن نعالج الشائعات التي تحاول المعارضة نشرها حول التشطيب، وأن نتفادى أي مشكلة. لأن أي حادث صغير سيجعل الناس يخافون النزول من بيوتهم. نحن نريد اقتراعا كثيفا. وجماعة كرامي زعران من مصلحتهم أن يفتعلوا خناقات».

نجيب ميقاتي طامح ثالث لرئاسة الوزارة، وأعلن صراحة منذ أيام في مقابلة له: «أنا الشخص الذي يمكن أن يجمع الناس»، رغم أنه مرشح ضمن لائحة «14 آذار». قال أيضا إنه قد يكون الرجل المناسب إذا لم يظهر رابح واضح في الانتخابات، وقبل به الزعماء المتنافسون كرئيس وزراء موحد.

يحضّر ميقاتي الأرضية في طرابلس لزعامة كبيرة يرجوها، من خلال مشاريع إنمائية، ومؤسسات وترميم مبان قديمة. وليس بعيدا عن مكتب الحريري في باب الرمل، مركز جمعية ميقاتي المعروفة باسم «العزم والسعادة» والذي يضم مسجدا جميلا، ومبنى تحت الأرض، أنيقا وحديثا فيه قاعات كبيرة مجهزة. عند زيارتنا للمركز، كانت تتواجد فيه مئات النساء في القاعات الفسيحة، وكن يتلقين تدريبات حول عملية الاقتراع والفرز. ويؤكد أحد المسؤولين في المركز أن أعضاء الماكينة، تلقوا ما يزيد على ست دورات تدريبية، ودروسا في القانون الانتخابي. وما يفترض أنه أولوية لميقاتي في هذه الانتخابات، فليس المقعد النيابي المضمون سلفا، وإنما نسبة الأصوات التي تحدد مدى شعبيته في المدينة مقارنة مع عمر كرامي ومحمد الصفدي. وما سيكون مهما جدا لميقاتي أيضا، فوز الشخص الوحيد المحسوب عليه على اللائحة، وهو النائب أحمد كرامي. ويقول أحد أفراد ماكينتة الانتخابية: «تعليمات الرئيس ميقاتي هي من يريد أن يشطب أحمد كرامي أفضّل أن يشطب اسمي بدلا منه».

وهناك طامح آخر لرئاسة الوزارة في طرابلس، هو الوزير الحالي محمد الصفدي، وهو لا يقل تنظيما وسخاءً عن ميقاتي ولا حبا في العصرنة. فقد أنشأ مركزا رياضيا نموذجيا في المدينة وشكل فريقا في كرة السلة، صار بلمح البصر في المراتب الأولى لبنانيا. أما مركز الصفدي الثقافي الحديث فيستقبل بشكل مستمر فرقا موسيقية وعروضا فنية تقدم بالمجان. وثمة من يقول إن الانتخابات ستظهر قوة للصفدي تفوق تلك التي لميقاتي. والصفدي يختلف عن الطامحين الثلاث (حريري، ميقاتي، وكرامي) بأنه لا يستعجل فرصته.

وهو قال في مقابلة على قناة «العربية» قبل تشكيل الحكومة الحالية، ردا على سؤال إن كان يرغب بترؤسها: «أنا أؤمن بوحدة اللبنانيين وأسعى دائما إلى هذا الهدف. وعلى ضوء ذلك، فإن قسما كبيرا منهم قد يرون، في ظروف معينة، أنني الرجل المناسب لترؤس الحكومة التي تجمع اللبنانيين».

ويجمع الطامحون الأربعة إلى رئاسة الوزارة الذين يتنافسون في السر أو العلن في طرابلس، أنهم أعلنوا رفضهم القاطع للثلث المعطل في أي حكومة مقبلة. لكن أما وأن الانتخابات لم تنته بعد، والشكوك بين أطراف «لائحة التضامن» لا تزال قائمة، فقد اتفق أقطابها الثلاث، على أن يأتوا بناخبيهم «الذين يمونون عليهم» منذ الصباح الباكر للاقتراع، إثباتا لحسن النوايا وصفاء القلوب.