بعد واشنطن.. أوروبا تعتبر خطاب نتنياهو خطوة للأمام لكنها غير كافية

رئيس الوزراء الإسرائيلي ترك موضوع القدس مفتوحا وتجنب استفزاز الأميركيين

توني بلير مبعوث الرباعية لمنطقة الشرق الأوسط، محاطا بالصحافيين في مؤتمر صحافي عقده أمس في غزة (أ.ب)
TT

بينما اتفقت ردود الفعل الأوروبية مع الموقف الأميركي في اعتبار كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن الدولة الفلسطينية بشروط خطوة إلى الأمام، ردت قوى اليمين المتطرف وقوى اليسار الراديكالي في إسرائيل بشكل سلبي على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فيما رحبت به قوى الوسط الليبرالي بما في ذلك حزب «كديما» المعارض، واعتبر اليمين هذا الخطاب خيانة لمبادئ اليمين، قال المستوطنون إنهم سيردون عليه بحملة استيطانية جديدة، وقالوا في اليسار إن نتنياهو اختار طريق العزلة الدولية والتنكر لعملية السلام.

وفي مراجعة معمقة لخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول قضية السلام في الشرق الأوسط، الليلة قبل الماضية، يتضح أن الأمور التي تعمد تجاهلها وإغفالها لا تقل أهمية عن الأمور التي ذكرها. وحسب الأديب اليهودي الليبرالي اليميني، إيال ميغد، وهو أحد الذين تشاور معهم نتنياهو في مرحلة إعداد الخطاب، فإنه اقترح عليه أن يفاجئ العالم بتبني مبادرة السلام العربية كما هي أو أن يتخذ موقفا إيجابيا منها. وقال ميغد، أمس، إنه أوضح لنتنياهو أن هذه المبادرة تعتبر تاريخية. وإنها جاءت لتضع حدا للسياسة العربية التي تجلت في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم واتسمت باللاءات المشهورة. فاليوم يتخذ العرب أجمعون موقفا إيجابيا من إسرائيل ويبدون استعدادا واضحا للسلام معها لقاء الانسحاب من المناطق المحتلة عام 1967. وهذه فرصة تاريخية كان على نتنياهو أن يستغلها ليصنع سلاما أبديا لإسرائيل. «ولكنه اختار حماية ائتلافه اليميني بدلا من حماية مستقبل إسرائيل، وبذلك أضاع الفرصة وألقى خطابا خالي المضمون».

ولاحظ المراقبون الإسرائيليون أن نتنياهو تحدث عن مدينة القدس بحذر شديد، فلم يردد موقفه المعروف بأنها «ستبقى موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل وفقط لها وتحت سيادتها»، بينما في خطابه الجديد قال: «القدس عاصمة إسرائيل ستبقى موحدة»، ولم يذكر مسألة السيادة الإسرائيلية، مما يفسره الإسرائيليون على أنه إبقاء فتحة تتيح التسوية على أساس «مدينة موحدة تكون عاصمتين، لإسرائيل وفلسطين». وقد تساءلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إن كان هذا هو القصد الفعلي من صياغة نتنياهو أو أنه مجرد سهو! ولاحظوا أيضا أنه صاغ قضية البناء الاستيطاني بطريقة لا تستفز الأميركيين، حيث إنه لم يقل بصريح العبارة إنه سيواصل البناء الاستيطاني لأغراض التكاثر الطبيعي أو يرفض الطلب الأميركي بتجميد البناء الاستيطاني، وقال إنه «توجد حاجة لمواصلة الحياة الطبيعية للمستوطنين وإتاحة الفرصة للآباء والأمهات لأن يربوا أولادهم مثل بقية العائلات في الكرة الأرضية». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما رحب أول من أمس بخطاب نتنياهو الذي تحدث فيه للمرة الأولى عن مبدأ قيام دولة فلسطينية، معتبرا أنه «خطوة مهمة إلى الأمام».وأضاف البيان أن أوباما «يؤيد حلا يقوم على دولتين، دولة يهودية لإسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التاريخية للشعبين».

وأوضح البيت الأبيض أن أوباما «يعتقد أن هذا الحل ممكن، وعليه أن يؤمن في الآن عينه أمن إسرائيل ويلبي الطموحات المشروعة للفلسطينيين بدولة قابلة للحياة، ويرحب بقبول نتنياهو هذا الهدف».

وفي الاتجاه نفسه، رحب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس بتأييد نتنياهو المشروط لإقامة دولة فلسطينية، لكنهم قالوا إن ذلك ليس كافيا لرفع مستوى العلاقات مع إسرائيل.

وشكك الوزراء الذين كان من المقرر أن يلتقوا مع وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في لوكسمبورغ في وقت لاحق أمس، في الشروط التي وضعها نتنياهو لدعم إقامة دولة فلسطينية وأيضا في دفاعه عن المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة.

ووصف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير تصريحات نتنياهو بأنها غير كافية. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن: «علينا أن نقول بوضوح تام اليوم إنه لا يمكن الحديث بشأن تطوير العلاقات، إلا عندما تكون عملية السلام في مسارها.. ونحتاج من أجل ذلك إلى بضع خطوات أخرى». وفي رام الله تواصلت ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة، واعتبرت الحكومة الفلسطينية التي يقودها سلام فياض أن نتنياهو وجه بخطابه أول من أمس، ضربة جديدة للجهود المبذولة لإنقاذ عملية السلام، وقالت الحكومة الفلسطينية في بيان رسمي عقب اجتماعها أمس برئاسة سلام فياض، إن خطاب نتنياهو «لم يشكل أساسا لعملية سياسية، ولم يقدّم سوى إشارات غامضة ومشروطة لا تؤدي إلا إلى مزيد من تقويض العملية السياسية ومفهوم حل الدولتين، وإفراغ الدولة التي يُجمِع عليها العالم من مضمونها، ومن كل عناصر الاستقلال والسيادة». ووصفت الحكومة الدولة الفلسطينية التي يتحدث عنها نتنياهو بأنها «مجرد محمية أمنية إسرائيلية في أفضل الأحوال».

ومن جهتها اعتبرت فتح أن خطاب نتنياهو «احتيال كلي على التاريخ ومجرياته، وهو محاولة لسرقة المستقبل». أما حماس فوصفت الخطاب بالعنصري وأنه يتنكر لحق الشعب الفلسطيني والعربي في أرضه.